الصادق الرزيقي

الجنائية قصص لم تروَ بعد ..!(2)


> قلنا بالأمس إن ملف المحكمة الجنائية والتعامل معه كان فيه كثير من التقصير وقليل من الحرص وبعض من لامبالاة لم تكن مطلوبة ولا محمودة، وكانت الكثير من الأمور تجري تحت سمع وبصر كثير من الجهات، لكنها لم تحسن التقدير حيناً خاصة أن المحكمة لم يكن صيتها قد ذاع، أو صار لها بين العالمين باع، إلى درجة أن مسؤولاً كبيراً حيئنذٍ وصفها في لحظة فاصلة بأنها مثل محاكم السلاطين الجنوبيين التي كانت منتشرة في أطراف الخرطوم في ذاك الأوان. > ومع اشتداد المعارك بين القوات المسلحة والحركات المتمردة خاصة في الأعوام (2004م ،2005م، 2006م )، وما تلاها، كانت خيوط المؤامرة تنسج على مقربة منا في بعض عواصم الجوار، وكانت مخابرات نظام القذافي ومعها كبار رجال مخابرات حسني مبارك، على علم دقيق بتحركات ناشطي الحركات المتمردة وعدد من غلاة المتشددين ضد السودان من أرباب المنظمات الغربية المهتمة بقضية دارفور، وعقدت لقاءات كثيرة في طرابلس وفي القاهرة نظمتها المعارضة السودانية والحركات المتمردة التي كانت قيادتها تتحرك من العاصمة الليبية وتحظى بدعم كامل من المخابرات الليبية، وكان هناك من بدأ يستغل أجواء الخلاف السوداني التشادي ودعم إنجمينا يومها للمتمردين واتهام إدريس دبي للسودان بإيواء معارضته السياسية والعسكرية، ودخلت المخابرات الفرنسية على الخط وجرّت معها رصيفاتها الغربيات الأخريات، ووجدت كل هذه الأجهزة والمنظمات الأجنبية المتعاطفة مع المتمردين، المجال خصباً لتخصيب مؤامرتها ضد السودان، بجمع ما تريده من معلومات وإشاعة الفتنة وبذر الشقاق ونشر الأكاذيب والرعب بين مكونات دارفور الاجتماعية والسكانية وتوسيع دائرة الدعاية والحملات الإعلامية الموجهة. > ووجد التنسيق الدقيق بين الخارج وعملائه في الداخل فرصته في تمرير بعض الأجندة والاستفادة من تقارير لجان التحقيق خاصة تقرير لجنة مولانا دفع الحاج يوسف التي تكونت في عام 2004م لتقصي الحقائق حول الأوضاع بدارفور وارتكاب مجموعات مسلحة انتهاكات لحقوق الإنسان، ويقول المدعي العام للمحكمة الجنائي الدولية السابق لويس مورينو أوكامبو في تقريره الذي قدمه أمام مجلس الأمن الدولي في فبراير 2007م (سير الإدعاء العام خمس رحلات إلى السودان حصل خلالها على معلومات من موظفين حكوميين، وكان آخرها رحلة تمت ما بين 27/1/2007 حتى 7/2/2007 )، كما أفاد بأن الإدعاء العام اعتمد على تقرير لجنة مولانا دفع الله، كما اعتمد تقرير لجنة القاضي الإيطالي انطونيو كاسيسي( Antonio Cassese) رئيس لجنة التحقيق التي كلفتها الأمم المتحدة على ذات التقرير وتقارير أخرى، وتسلمت اللجان التابعة للمحكمة تسجيلات تحتوي على تصريحات لمسؤولين حكوميين ومكالمات هاتفية، والغريب أن الحكومة قبلت بلجنة كاسيسي وهي تعلم أن من اقترح تعيين القاضي الإيطالي هي منظمة هيومان رايتس ووتش الأشد عداءً للسودان وتطرفاً وتحاملاً، واختارت معه المصري محمد فائق وهو من اليسار المصري المتأمرك ومعروف بمعاداته للسودان، واختارت معه الباكستانية ( حنة جيلاني Hina Jilani) وامرأة من غانا تدعي (تيريزا استرنغر سكوت)، ووزير خارجية جمهورية البيرو السابق (ديغو غارسيا سيان Diego Garcia Sean). > ومن تابع بدقة تلك الفترة من عمر قضية دارفور يشهد حجم الزيارات للوفود والفرق الإعلامية والإغاثية والحقوقية الغربية وفرق المنظمات الطوعية التي وفدت للسودان وهي تخفي الأجندة الحقيقية لها، حيث كانت تبحث عن توثيقات دقيقة تعضد الادعاءات والتهم التي بدأ الترويج لها بالخارج، وتنبهت بعض الجهات في الداخل لما تقوم به هذه الوفود والفرق، وأثيرت تساؤلات عديدة حول الدور الذي لعبه ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الأسبق ( يان برونك )، حيث مثل بنفسه مكباً مثالياً للمعلومات، وكانت له صلات بأطراف في الحكم حاول إقناعها بترتيب لقاءات مع قيادات قبلية وزعماء للنازحين، استغلت كلها فيما بعد في تعضيد شهادات الشهود التي أضيفت الى صحيفة الاتهام .. وكان نشاط وتنسيقات وتحامل وعدم حياد يان برونك هي السبب المباشر في طرده من السودان، كما توجد معلومات مؤكدة بأنه لعب الدور البارز في استضافة بلده هولندا لبعض من تقدموا بالشكوى وعدد من الشهود وكانوا في كنف المحكمة الجنائية الدولية في مقرها بلاهاي. (نواصل)