مقالات متنوعة

اسحق الحلنقي : لا عزاء لشعراء العيون الناعسة


< كلما إستمعت إلي أغنيتي (أسمعنا مرة) من الفنان الراحل خوجلي عثمان، عادت بي الذكرى إلي أيام جميلة، أذكر أن أول لقاء تم بيننا كان في منزلي في مدينة أم درمان، حيث وقف أمامي يومها وكأنه ابتسامة على وجه طفل، ثم فاجأني قائلا بأنه يريد أن أكتب له أغنية وهو يبتسم، مؤكداً لي أنني لن أندم على إهدائها له، كان خوجلي صادقا بالفعل، لم أندم على إهدائه الأغنية، فقد نالت رواجاً جعلها مقيمة بأنفاسي حتى هذه اللحظة، هكذا الحياة يرحل البستان ولكن عبيره يبقى.< كثير ما أسأل نفسي لماذا لم يتغني الفنان عثمان حسين بواحدة من أغنياتي؟ بالرغم من علمي الأكيد أنه كان يعلم تماماً عن مدي ما أكنه له من الإعزاز والتقدير، ولا أخفيكم سرا أنه استمع مني ذات مرة إلي أغنية (دوري دوري) فطلب أن أقدمها له، إلا أنه تأخر في تلحينها مما جعلني أشك أن الأغنية لم ترق له فتركها، وقد دفع بي هذا الشعور أن أقدمها هدية للفنان محمد وردي الذي لم يتردد في تلحينها فوراً بمجرد إستلامها، ومنذ تلك اللحظة نشأت بيني وبين الراحل الحبيب عثمان حسين غمامة لم أكن أتمناها.< كشفت دراسة أجراها عدد من علماء الطيور أن فصيلة من طيور الكناري تعيش في غرب أستراليا، إذا إرتحل الأليف منها رحل بعده أليفه الآخر في أقل من الساعة، مما جعل علماء الطيور في حيرة من أمرهم أمام هذه الظاهرة التي استعصت عليهم كثيراً، وأنا أقولها بصدق لو أن هؤلاء العلماء ذهبوا إلى شاعر البطانة الكبير سيد أحمد الحردلو يسألونه عن الأسباب التي جعلته يعلن عن قولته الشهيرة (الولف كتال) لوجدوا عنده الإجابة.< كان من عادة السيدة سكينة بنت الحسين رضي الله عنها أن تستقبل عدداً من فتيات قريش في منزلها للمؤانسة في مختلف المواضيع، وقد كن كثيراً ما يتحدثن عن آبائهن وما جلبوه لهن من الهدايا، كانت كل منهن تفاخر بما أهداه لها والدها من الحرير واللآليء، إلا أن سليلة البيت النبوي الشريف كانت تصغي إلى صوت الآذان، وفي اللحظة التي يصل فيها المؤذن إلى (شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله) قالت لهن بصوت فيه الكثير من التواضع: هذا أبي، فصمتن عن الكلام، وهل بعد اسم المصطفى عليه الصلاة والسلام كلام يقال أو هدية تذكر.< تبين من دراسة أجرتها إحدى الهيئات الطبية أن العيون الناعسة التي تغنى بها عدد كبير من شعراء الرومانسية هي عيون تعاني من اختلال في بعض الشعيرات الدقيقة جعلها قابلة لنوع من التهدل الناعس، فيخيل للناظر إليها أنها تتوه في عالم بين نوم وصحيان، وإذا كانت هذه حقيقة فلا عزاء لشعراء العيون الناعسة في بلادي. هدية البستان ما بجبرك أنا يا حبيب الريدة ما بتكون جبر الريدة حنية وحنــان أديها بس حبـــة صبـر