مقالات متنوعة

كمال عوض : الخرطوم .. «فينيسيا إفريقيا» !!


> بدأت تباشير فصل الخريف تلوح في الأفق، وهطلت أمطار غزيرة في معظم مدن البلاد ،إيذاناً وإنذاراً حتى يستعد الناس ويتفادوا خطر السيول والفيضانات. > الخريف في كل عام يفاجئ المسؤولين بولاية الخرطوم. وصارت هناك بعض المشاهد والصور المتكررة تحظى بمساحات كبيرة في وسائل التواصل الاجتماعي وتصحبها عبارات ساخرة لمآل الحال. > إن ما يحدث من ارتباك وفوضى خلال موسم الخريف، ينم عن سوء تخطيط صاحب إنشاء الطرق داخل مدن العاصمة. وتسبب سوء التصريف في العديد من الكوارث والحوادث. > فتح المجاري والمصارف مهمة مشتركة بين الجهات المختصة والمواطنين، فمن غير المعقول أن يستخدم أهل الحي مصرفهم الرئيس مكباً للنفايات، وعندما تحاصرهم المياه يلجأون إلى تكسير الشوارع وفتح القنوات بصورة بدائية تخلف دماراً أكثر من المتوقع. > هذا لا يعفي المحليات من تفقد المصارف قبل وقت كافٍ من بداية الموسم، ونظافتها من الحشائش والأشجار ومخلفات الإنسان والحيوان. > أيضاً على المحليات إنشاء خطوط هواتف ساخنة لاستقبال شكاوى المواطنين واستغاثاتهم، وتوظيف وحدات تدخل سريعة مجهزة بكل المعدات والآليات التي من شأنها تخفيف الأخطار. > تتسبب الأمطار والسيول في قطع الطرق القومية وشل الحركة من وإلى الولايات، خاصة التي تشهد معدلات أمطار عالية في نهر النيل وكسلا والقضارف. وقبل أيام نشرت إحدى الصحف أن سيولاً مفاجئة قطعت الطريق بين مدينتي (عطبرة) و (أبو حمد). > الأخطاء الهندسية الكبيرة التي ارتكبت عند إنشاء هذه الطرق الحيوية والمهمة، كلفت الدولة والمواطنين جهداً كبيراً، واستنزفت الموارد والطاقات دون إيجاد حلول جذرية تنهي هذه المعاناة التي استمرت أعواماً. > مواصفات الطرق الممتدة لمسافات طويلة تهتم بالكباري والقنوات الضخمة لتفادي أي طارئ. وتقاوم الردميات ذات المواصفات الجيدة عوامل الطبيعة إلى أبعد مدى. ولكن إن أخذنا (طريق التحدي) مثلاً الذي يربط الخرطوم بولاية نهر النيل، نجده في كل عام تنهار جنباته وتجرف السيول طبقة الأسفلت تماماً في منطقة (العوتيب)، ويعيش سكان الولاية في عزلة يتطاول أمدها حتى يعود الحال إلى وضعه الطبيعي بعد جهد جهيد. > يجب تخصيص ميزانيات معلومة ومحددة من ميزانيات الولايات لتجهيز الطرق ومصارف الأمطار وإصحاح البيئة. > وهي ضرورة تتطلبها إفرازات فصل الخريف الذي تكثر فيه الحشرات والبعوض بسبب البرك والبحيرات التي يخلفها سوء التصريف في الأسواق ووسط الأحياء والطرقات. > قلت للزملاء والزميلات بقسم (التحقيقات)، نريد أن نقف على استعدادات ولاية الخرطوم للخريف، ووجدت الفكرة حماساً كبيراً من جانبهم وانتشروا بعد (اجتماع التحرير الصباحي) في محليات الولاية المختلفة بصحبة المصور القدير الزميل متوكل البجاوي. > قبل أن تتكاثف علينا الأمطار، يمكننا أن نسأل: أين هي استعدادات العاصمة الخرطوم لفصل الخريف بعد الذي شاهدناه أمس في شوارع وأحياء مدنها الثلاث؟ هل تفادت جهات الاختصاص إخفاقات الأعوام الماضية؟ هل ابتعد السكان عن مجاري السيول؟ وهل تم تعويض المتأثرين؟ ولماذا تم حل صندوق دعمهم؟ > موسم الخريف من أجمل المواسم وأزهاها، ولنا معه ذكريات في الريف والبوادي نستعيدها مع أول زخة مطر وشلعة برق، وتنساب مسادير شاعرنا الفذ عكير الدامر عفو الخاطر دون منغصات البرك الآسنة والشوارع المغلقة: الحُقن اتملن والدابي جاتو فضيحتو غير خاتر مرق ضاقت عليهو فسيحتو اِندشّ السرِح كرفت هواهو منيحتو والحمريب شهق فتّح قزايز ريحتو > تنويه: نعيد نشر هذا المقال بعد استقبال شوارع العاصمة أمطاراً غزيرة تعاني منها حتى الآن، وظلت المياه بلا تصريف تسبح فيها السيارات وتتعثر في أمواجها خطوات المواطنين، حتى خلنا أن الخرطوم صارت فينيسيا الايطالية!!!