تحقيقات وتقارير

ضحايا “الفوهلر” عامان لكل مدان.. غرامة ومصادرة مع إسقاط “التجسس” وإسدال لستار قضية متهمي الخارجية


منذ عامين والبلاد مشغولة بقضية موظفي الخارجية المتهمين بالتخابر لصالح دولة أجنبية قبل أن يعود أمس الأول قاضي محكمة الإرهاب بالخرطوم عابدين حمد ضاحي ويسدل الستار على القضية ويعلن حكم المحكمة فيها، وذلك بأن يعاقب المدانان بالسجن لمدة عامين تسري منذ دخولهما الحراسة في سبتمبر من العام 2014. وألزمت المحكمة المدان الأول بدفع غرامة قدرها (50) ألف جنيه والسجن البديل عاما في حالة عدم الدفع، وأمرت بمصادرة أجهزة (اللابتوب توشيبا والهاردسك والفلاش) لصالح وزارة الخارجية وفك الحظر عن بقية المعروضات، وجاءت إدانة المحكمة المتهم بالأول تحت طائلة المادة (55) من القانون الجنائي المتعلقة بإفشاء معلومات سرية، وأسقطت المحكمة تهمة التجسس عن المتهمين، ورأت في قرارها أن المتحري قدم نحو (472) مستند اتهام، قدمت على شقين؛ أحدهما متعلق بالمستندات التي قدمها المتهمين إلى رجل المخابرات الأمريكي، إلى جانب المستندات المضبوطة لدى المتهمين، وتقديم المتحري لـ (17) معروض اتهام، تبيانت ما بين فلاش وهادريسك ولابتوب وجنسية، وجميعها تثبت تورط المتهمين في إفشاء المعلومات، وتسليم المستندات الرسمية للرجل الأمريكي (جون فوهلر)، وأنه لم يثبت للمحكمة فى تهمة التجسس أن المتهمين أمدا جهات خارجية لديها عداء مع البلاد بمعلومات تضر بالعمليات الحربية أو تؤدي إلى الإضرار بوحدة البلاد السياسية والاقتصادية، وأن المدان الأول كان يجهل بأنه يتعامل مع رجل مخابرات أمريكي، كما أن السودان دولة غير معادية لدول أخرى.
وأدانت المحكمة المتهم الثاني بتهمة المعاونة تحت طائلة المادة (25) من القانون الجنائي لأنه عرف المدان الأول برجل المخابرات الأمريكي (جون فوهلر) المقيم في دبي بالأمارات العربية.

في يوم 13 ديسمبر 2014 م ألقي القبض على المتهم الأول رئيس قسم البرمجيات بالوزارة، الذي كان يعمل بها متعاونا، وفي اليوم التالي مباشرة ألقي القبض على المتهم الثاني الذي كان مسؤولا عن الموقع الإلكتروني للوزارة بعد تركه للعمل بها مؤخرا. وكشف الشاكي ـ مهندس بجهاز الأمن والمخابرات الوطني ـ قضية المتهمين بالتجسس على وزارة الخارجية أن الوثائق التي عثرت بحوزة المتهمين تسببت في خطر كبير على الدولة؛ حيث تم نقلها عن طريق المتهم الأول للأمريكي جون فوهلر داخل متجر عالمي موضحا أن المتهمين ليس من حقهما حمل تلك الوثائق والسفر بها خارج البلاد، وأشار لأن تسريبها تسبب بفشل اتفاقية دولة بين السودان ودولة الصين ووصف الشاهد بأنه عثر بجهاز المتهمين على قاعدة بيانات للهيكل الإداري للوزارة ووثيقة مقابلات سرية بين دول عالمية وأيضاً على قائمة بعناوين وأرقام هواتف الوزارة والعاملين فيها.

وبحسب وثيقة الاتهام التي قدمها الشاكي من جهاز الأمن والمخابرات الوطنى مدونا بلاغا في مواجهة المتهمين فإن مصمم برمجيات بوزارة الخارجية يقوم بتمليك معلومات البلاد لصالح جاسوس أمريكي يدعي (جون فوهلر) يقيم في دولة الإمارات العربية وأنهما يلتقيان في سلطنة عمان لتسليمه قاعدة بيانات تشمل ملفات مرتبات وتنقلات بالإضافة لوسائل المواصلات والمراسلات بين الوزارة وبعثاتها وسفاراتها والهيكل الوزاري والنظام الإداري مقابل مبلغ (3) آلاف درهم و(870) دولارا؛ وأنه قبل إلقاء القبض عليهم رصد نشاطات رئيس قسم البرمجيات المتهم بعد تكراره السفر للخارج وهو يحمل أجهزته الإلكترونية وأوكل أفرادا بمتابعته ورصد كل تحركاته وبعد مراقبة لصيغة تم توقيفه في صالة المغادرة بمطار الخرطوم وتفتيشه وعثر بحوزته على جهاز لابتوب وقرص صلب خارجي و(3) أسطوانات سي دي وتم فحصها ووجدت فيها ملفات تخص وزارة الخارجية وتم إخضاعه لتحقيقات اعترف خلالها بجريمته وبموجب أمر تفتيش من نيابة أمن الدولة تمت مداهمة منزله والعثور على جهازي لابتوب و(14) أسطوانة.

لكن هيئة الدفاع برئاسة المحامي كمال الجزولي فندت هذه الاتهامات وأثبتت أنه لا علاقة للمتهمين بالتجسس ضد البلاد ولا يوجد إثبات على أن فوهلر هو رجل مخابرات أمريكي عليه فإنها تطالب المحكمة بإسقاط التهمة عن موكليها رغم أن هيئة الاتهام طالبت المحكمة بإنزال أقصى عقوبة على المتهمين بفعل إضرارهم بالأمن الخاص بالبلاد لكن في نهاية الأمر صدر قرار القاضي بسجن المتهمين لمدة عامين وكأنه يكتفي بالفترة التي قضاها المتهمان خلف القضبان باعتبار أن تاريخ دخولهما الحبس كان في سبتمبر من العام 2014، وبما أن فترة العام تحسب في السجن بتسعة أشهر فإنهما يكونان قد أكملاها منذ لحظة دخولهما وحتى الآن.. وبقرار المحكمة.. يتم إسدال الستار على قضية التجسس التي ارتبط أبطالها بالعمل في وزارة الخارجية.

الخرطوم – مي عز الدين
صحيفة اليوم التالي