مقالات متنوعة

احمد المصطفى ابراهيم : التفويج مؤشر خلل


الناس ديل ماشين وين؟ وجايين من وين؟
سألت الإنجليزية العجوز الطبيب السوداني الذي يعمل معهم في الريف لماذا أنتم كثيري السفر إلى لندن؟ استغرب الطبيب السؤال ورد: لأنها العاصمة. وأنتِ متى تزورين لندن؟ ردت العجوز: أنا لم أر لندن في حياتي. (لو كنت بكتب في رسالة واتساب كنت عملت ليكم وجوه الدهشة) لم تري لندن في حياتك كلها؟ قالت: نعم وما لي في زيارتها حاجة.
يقال إن الشيخ ود بدر لما استدعاه الخليفة التعايشي دعا ربه يا بركة القيوم ما أشوف الخرتوم.
قطعاً الجهات الرسمية على الأقل المرور يمكن أن يقدروا عدد الذين خرجوا من الخرطوم قبل العيد والذين عادوا اليها بعد العيد. وهذا أمر يستحق دراسة عميقة لا يكفي أن تيسر لهم شرطة المرور أو أن ترعى شركة التأمينات التفويج الأمر في رأيي أكبر من ذلك ولو نجحت شرطة المرور في وصولهم سالمين تشكر لدورها ولكن عليها أن تسأل مثل ما نسأل لماذا النزوح للخرطوم؟ وماذا يعملون؟ هل كل من غادر الخرطوم ليعيد في الأقاليم كان ذا مهنة أو طالب علم أو تاجراً أم هناك من حار به الدليل والتفت في قريته ولم يجد ما يستحق البقاء فيها إما نقص خدمات او وسائل ومعينات إنتاج.
لا يمكن أن تسير الأمور بهذه الوتيرة نزوح في ازدياد للخرطوم وترك الأرياف تصارع محبطاتها. لن تستقيم الأمور بل ستزداد تردياً إذا ما تركت هكذا كل يفكر في نفسه ويحاول حل مشكلته وتحقيق طموحه.
لابد من دراسة اقتصادية لظاهرة النزوح. منظر طريق مدني عصر يوم السبت الماضي يدمي القلوب كل الطريق (وهذا من ضيقه. يا أخونا توسعة إيلا لطريق الخرطوم مدني بقى عليها شنو؟) كل الطريق رتل من السيارات والبصات ليس بينها الا متر أو مترين وبسرعة اقل من 40 كلم /الساعة يعني مدني عايزة أربع ساعات على الأقل. هذا المُشاهد ولكن غير المشاهد ما أسباب هذا النزوح؟ كم من هؤلاء النازحين الى الخرطوم له من الأرض مساحة صالحة للزراعة بقليل من العون والإرشاد سيصبح مزارعاً حديثاً يفيد ويستفيد بدلاً من بيع المناديل والماء البارد عند الإشارات المرورية.
كم من هؤلاء المسافرين يعمل سمساراً ضرره أكثر من نفعه كثير من المنتجات الزراعية تتداول من سمسار لآخر حتى تصل المستهلك ناراً حمراء.
يبدو من أقرب الحلول لتكدس العاصمة هو إفراغها من السياسيين أي عزل السياسيين عن العامة وهم أصلاً معزولون. وجمعهم في أبوجا سودانية 88 وزيراً ولكل حاشيته وحرسه وخدمه وزوجاته. 450 عضو مجلس وطني وكم كده مش عارف مجلس ولايات ولكل مخصصاته. هذا العدد غير قابل للتخفيض كما دلت التجارب لزوم الترضيات وليس الحاجة وهم مستهلكون درجة أولى إذا ما عزلوا يمكن استثمار ما تحت أيديهم من مال.
هل نحلم برد من الاستراتيجية القومية الشاملة؟.