الطيب مصطفى

وعاد أردوغان وفشل الانقلاب


درس بليغ ذلك الذي خرجنا به من محاولة الانقلاب الأخير في تركيا فقد عاشت شعوب العالم الإسلامي جميعها ، إلا أقلية ضئيلة من بني علمان ، لساعات عصيبة وهي تتابع بأنفاس متقطعة ما جرى في تركيا من محاولة لوأد الحلم الوحيد الذي ظل يراود الأمة بأنها على موعد مع العودة الظافرة إلى سابق عزتها وكرامتها ونصرها المبين من خلال ذلك الأسد العثماني الهصور رجب طيب أردوغان.
عجبت والله أن ترعى قنوات الطاغية السيسي في مصر وبعض قنوات حكام الخليج المحاولة الانقلابية بدون أدنى حياء من أنهم بذلك إنما يدعمون المخطط الامريكي الصهيوني المستهدف لمقدسات هذه الأمة بل يساندون انقلاباً عسكرياً متمرداً على إرادة الشعب التركي الذي انتخب قيادته بشهادة كل العالم.
ماذا يقول هؤلاء لربهم وهم يسعون لإزالة نظام حكم يساند تحرير المسجد الأقصى من مغتصبيه الصهاينة ويسعى لاستعادة الأراضي الفلسطينية المحتلة من شعبها الفلسطيني؟
صدق الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم إذ يقول (إذا لم تستح فاصنع ما شئت) والتي يفسرها المثل الشعبي الدارج بالعبارة الساخرة التالية: (الإختشوا ماتوا).
حتى بعد أن أعلن عن فشل الانقلاب ظلت قنوات السيسي وبعض قنوات الخليج (تغالط) وتصر على الترويج لأمانيها التافهة زاعمة أن الانقلاب نجح وأن عدوها اللدود أردوغان أزيح من السلطة بل أن بعضها (نجر) بعض أكاذيب الحرب النفسية من شاكلة أن أردوغان طلب اللجوء السياسي من ألمانيا وأن ألمانيا رفضت.
(لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) ..هذا كلام ربنا سبحانه ذلك أن أردوغان ما كان يستطيع أن يقدم على إجراء عمليات (التطهير) التي بدأت فور فشل الانقلاب فقد أقام الرجل الحجة على معارضي تلك الإجراءات وأتاه الدليل يجرجر أذياله على أن ترسيخ الديمقراطية كان يحتاج إلى تخليص الجيش التركي وبعض مؤسسات الخدمة المدنية من بعض القيادات الاتاتوركية التي ظلت ترفض السياسات التي اتخذها أردوغان لإزالة العلمانية المتطرفة التي تفرض الزي الغربي على النساء وتمنع الفتيات من ارتداء الزي الإسلامي بل وتحارب التدين وتمنع الأذان وغير ذلك من السياسات التي ما أراد بها أتاتورك إلا سلخ تركيا من إرثها الثقافي والحضاري؟
بعد أن أعلن عن المحاولة الانقلابية بقليل لم يحتج أردوغان إلى أكثر من ظهور على (اسكايب) لمدة 12 ثانية بث في بعض القنوات الفضائية طلب فيه معشوق الشعب التركي من الشعب النزول إلى الشارع لإجهاض الانقلاب فكان أن فعلت تلك الرسالة القصيرة مفعول السحر في نفوس الجماهير التي لم تستجب لما أمرت به فحسب إنما وقفت بل ورقد بعضها أمام الدبابات في تحد شجاع لأوامر الانقلابيين الذين كانوا قد أعلنوا عن حظر التجوال وتعليق الدستور .
نعم .. إن من حق أردوغان على الجماهير الوفية أن تسانده بعد أن أخلص لها ونقل تركيا إلى نادي الأقوياء خلال 12 عاماً من حكمه فقد كانت تركيا في المرتبة رقم (111) عندما تولى اردوغان الحكم وانتقلت إلى المرتبة رقم (16) بين أقوى الاقتصادات العالمية وارتفع دخل الفرد حوالي ثماني مرات وكان حقا على الشعب أن ينصر قائده الذي غير حياته وملأه بالعزة والكرامة بعد أن أعاده إلى تاريخه الوضيء الذي حاول أتاتورك طمسه حينما سعى إلى أن يجعله يستحي من تاريخ تركيا التي كانت سيدة على العالم قبل أن ينصب البريطانيون ذلك الذئب الأغبر على سدة الحكم في تركيا من خلال مسرحية سيئة الإخراج.
أردوغان يعمل الآن على محو اتاتورك (بالاستيكة) بإعادة تعظيم تاريخ تركيا العثمانية ولذلك لا غرو أن يعود فاتح القسطنطينية السلطان محمد الفاتح إلى الصدارة وأن تعود سيرته وسيرة العظماء من قادة تركيا العثمانية إلى الكتب المدرسية بل وفي المنتزهات والأماكن السياحية.
كذلك فقد أعاد أردوغان تركيا إلى دينها وقرآنها رغم أنف ما فعله أتاتورك بذلك الانتماء الراسخ في مرجعيات الشعب التركي المسلم.
لقد انفضحت أمريكا وأوروبا المبغضتين لأردوغان فقد ترددوا وأبدوا عبارات خجلى من الانقلاب في انتظار أن ينتصر الانقلابيون ليؤيدوهم كما فعلوا مع انقلاب السيسي.. نحمد الله أننا عرفناهم (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ) .. هؤلاء الصليبيون لن يخفوا عداءهم للإسلام مهما حاولوا أن يتجملوا ولن نصدق تشدقهم بشعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان فذلك كله كذب صراح.
أما هنا في السودان فقد رأينا كيف آزرت القوى العلمانية انقلاب السيسي وكيف سقطوا في امتحان المصداقية والأخلاق فقد ظللنا نقول لهم أن المبادئ لا تقبل القسمة على اثنين فعندما تعلن انحيازك للديمقراطية فإن ذلك يقتضي منك أن تلتزمها أينما كانت وترفض الانقلاب أياً كان مصدره .. ذلك ما ظللنا نصرخ به ونحن نحتشد حول مرجعيتنا الإسلامية التي تأمرنا 🙁 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا).


‫4 تعليقات

  1. انقلاب تركيا اشيه بأنقلاب الحاج آدم ساطور .. فبركة قصد منها المزيد من التمكين .. تركيا تعتقل اكثر من 4000 ضابط وتعزل اكثر من 3000 قاضى .. هل يعقل ان تستقر حكومة يعارضها هذا الكم من الضباط والقضاة .. الكيزان هم الكيزان اذا كانوا فى تركيا او مصر او السودان .. لولا الدستور العلمانى لما نجح الأخوان فى تركيا .. واصرارهم على التمكين سينسف كل النجاحات التى حققوها .. وفبركة هذا الأنقلاب ستكون هى القشة التى قصمت ظهر البعير .. اذا اعتقد اردوغان ان اللعبة نجحت و سعى لتغيير الدستور قسيكون اشبه بالشاه التى سعت لحتفها بظلفها .. لن تنجح الكذبة فى تركيا .. هى لله هى لله !!!

  2. انقلابا عسكريا متمردا علي إرادة الشعب و مال قي 89 كنتم انتم متمردين علي إرادة الشيطان ؟
    اللي اختشوا ماتوا حق ن و الا ما كان الكيزان اخرجوا المسيرات فرحا بعودة اوردغان الفرق بينكم و احرار العالم ان الشرفاء فرحوا بعودة الديمقراطية و انتم جماعة 89 الإسلام الشيطاني فرحتوا بعودة اوردغان ، ،،

  3. نقول لدفع الله موت غيظاً وكمداً … ( لولا العلمانية) ياعلماني

  4. يا ضفع الله روق المنقة , الزول الزراط ده من بقايا ناس اردوجان . حلب زراطين