عبد الباقي الظافر

أخوان تركيا والسودان..!!


٭ ربما لن يتكر هذا المشهد قريباً..سماء مغطاة بالطائرات المقاتلة..أسراب من الدبابات تملأ الشوارع..سقوط محطات التلفزة الرسمية..انقلاب يشارك فيه ثلاثة من كبار قادة الجيوش التركية بجانب ثلاثة ألف جندي ..يظهر الرئيس أردوغان عبر تطبيق حديث في وسائل التواصل الاجتماعي ..في أقل من ثلث دقيقة يخبر الرئيس شعبه أنه بخير، ثم يطلب من الناس النزول إلى الشوارع لحماية حكم الشعب..مواطنون عزل يقاومون الدبابات المجنزرة..آخرون يلاحقون الانقلابيين في كل فج عميق..بعدها تنجلي الكارثة ويبقى السؤال كيف نجح حزب العدالة والتنمية في سحق انقلاب اكتملت له معظم أركان النجاح.
٭ الخرطوم اهتمت اهتماماً مبالغاً فيه بتطورات الأحداث في تركيا ..الاهتمام وصل مرحلة تحريك الحشود الشعبية وتبادل المكالمات الهاتفية مع أنقرة ..لكن ما الذي يجعل الخرطوم تكتفي بالفرجة على النجاح الذي حققه أخوان تركيا بلا ضجيج ..أليس حكام الحركة الإسلامية وثبوا إلى السلطة تحت جنح الليل، وقبل أكثر من عشرة أعوام من وصول إخوتهم في تركيا إلى ذات المقام، ولكن عبر صندوق الانتخابات..تعالوا نقرأ لماذا نجحوا وكيف فشلنا.
٭ المعجزة التركية تكمن في شراء رضاء الناس عبر التنمية الاقتصادية..في سنوات قليلة ارتفع الناتج الكلي في تركيا من أربعمائة مليار دولار إلى ضعفها تماماً.. التطور الاقتصادي واكبته زيادة في مداخيل الأفراد، حيث تضاعف متوسط دخل الفرد وبلغ أحد عشر ألف دولار، وكان قبلها أقل من نصف ذلك..أنقرة عبر سياسة تصفير المشاكل مع الجيران زادت صادرات تركيا إلى الدول العربية ثلاثة أضعاف، فبلغت خمسة وأربعين مليار دولار سنوياً..الزيادة أيضاً شملت روسيا التي وصل حجم الصادرات التركية لها نحو ستة وثلاثين مليار دولار..كل ذلك جعل الاقتصاد التركي في المرتبة السادسة عشرة عالمياً.
٭ في الجانب الاقتصادي حققت حكومة الإنقاذ فتوحات عظيمة ممثلة في استخراج النفط من باطن الأرض ..لكن تلك الإنجازات انتهت إلى خيبات ..آخر ميزانية بينت عجزاً في الميزان التجاري يفوق الثلاثين بالمائة..نصف عدد سكان السودان يعيش الآن تحت خط الفقر، وذلك وفقاً لإحصاءات رسمية..العطالة تشمل ملايين الشباب القادر على العطاء..فيما الهجرات إلى خارج الوطن تستنزف الخبرات.
٭ عطفاً على النجاح الاقتصادي والوصول إلى السلطة عبر إرادة الجماهير، نجح حزب العدالة والتنمية التركي في الاحتفاظ بالسلطة لنحو عقد ونصف من الزمان..حتى عندما حاول خصومه التسلل إلى محراب السلطان، كانت لهم الجماهير بالمرصاد..في الجانب المظلم من التجربة فقد بلدنا خمس سكانه وثلث أراضيه بعيد انفصال جنوب السودان..الحروب الجديدة انتشرت في أجزاء واسعة من البلاد ..كل ذلك صاحبه عجز في الوصول إلى تسوية تعيد الحكم المدني إلى ربوع البلاد.
٭ بصراحة..نجاح حزب العدالة في التغلب على الصعاب يفضح تجربتنا.. لو كنت مسؤولاً لسددت هذه الإذن بطينة والأخرى بعجينة، بالطبع إن وجد ذاك العجين.