محمود الدنعو

سقوط القوى الناهضة


تزامن فوز الرئيس باراك أوباما بالرئاسة الأميركية في العام 2008 بصعود نجم تكتل مجموعة دول (بريكس) التي تمثل القوى الناهضة اقتصاديا في العالم، ويضم التكتل كلا من البرازيل وروسيا وجنوب أفريقيا والهند والصين، فكان التحدي الأول أمام السياسية الخارجية لإدارة الرئيس الأميركي الجديد هو كيفية التعامل مع هذه القوى الناهضة التي تهدد عرش الهيمنة الأميركية على الاقتصاد والسياسة الدولية، ولكن مع خواتيم الولاية الثانية للرئيس الأميركي باراك أوباما وبعد أقل من عقد من الزمان على ميلاد التكتل الطموح في إعادة تشكيل السياسة والاقتصاد الكونيين، فإننا أصبحنا بدلا من تكتل يمثل تحديات للنظام الغربي أصبحنا أمام تكتل يتهاوى أمام الفوضى التي عصفت بأحلام الزعماء المؤسسين الذين باتوا غارقين في أزماتهم الداخلية أكثر من تشكيل تكتل مناهض للغرب.
الخبراء والمحللون الذين يسعون الآن لكتابة تاريخ السياسة الخارجية للرئيس باراك أوباما لا شك أنهم سيفردون الفصل الأول لمجموعة دول (البريكس)، وهو اختصار للأحرف الأولى من أسماء الدول الخمس الأعضاء في التكتل، وهي دول صناعية ذات الاقتصادات الأسرع نموا في العالم، والتي تهدف لكسر الاحتكار الغربي الأميركي للاقتصاد العالمي، وبدأت مفاوضات تشكيل البريكس العام 2006، وعقدت أول قمة لها في يونيو من العام 2009 في مدينة يكاتيرينبرغ الروسية حين كانت تعرف باسم (بريك) وكانت آنذاك تضم البرازيل، وروسيا، والهند والصين ولحقت بها جنوب إفريقيا في العام 2010 ليتحول الاسم فيما بعد إلى (بريكس).
المؤرخون بلا شك سوف يشيرون إلى التكتل الذي بدأ متفائلا جدا في العام 2008، انتهى إلى حالة من الشك بعد أن أصبح زعماء التكتل باستثناء رئيس الوزراء الهندي والرئيس الصيني غارقين في أزماتهم الداخلية.. رئيسة البرازيل تواجه المحاكمة في قضايا فساد والرئيس الروسي تحاصره الأزمات والجنوب أفريقي كذلك.
إذن، هناك سقوط عام في تكتل القوى الناهضة والمناهضة للولايات المتحدة، وهو ما يستدعى إعادة التفكير في حجم ومستوى التهديد الذي يشكله هذا التكتل للولايات المتحدة على الساحتين الاقتصادية والسياسية الدولية.. فالإدارة الأميركية الجديدة التي تتسلم مقاليد الحكم بالبيت الأبيض في يناير المقبل لن تكون مجموعة البريكس في طليعة انشغالاتها كما كانت إدارة الرئيس باراك أوباما، وهي تستهل عهدها في يناير من العام 2009 وكما كانت في أواخر عهد الرئيس جورج بوش، حيث كان الاهتمام الأميركي أكبر بالقوى الناهضة حينها، وما تمثله من تحديات على مستوى السياسة الخارجية.
الأمر الآن اختلف فقد هذا التكتل الزخم والبريق الذي يتمتع به قبل نحو قرن من الزمان بل ذهب بعض المحللين ومنهم آن ماري سلوتر وجون اكينبري من مؤسسة بيرستون البحثية إلى أن صعود التكتل الذي يضم مجموعة من الديمقراطيات الجديدة مثل البرازيل والهند وجنوب أفريقيا سينتهى بشكل طبيعي إلى تحالف دولي مع الولايات المتحدة.