جعفر عباس

الفول والباذنجان مؤذيان


فشل كبار العالم والأمم المتحدة في إقناع الولايات المتحدة بالحد من انبعاث الغازات والأبخرة من مصانعها ومعاملها التي تستخدم مختلف أنواع الطاقة مما سيؤدي حتماً إلى تفاقم ظاهرة البيوت الزجاجية التي تسببت في التقلبات المناخية، بينما ربع أدخنة وغازات العالم ذات منشأ أمريكي مما يوقع بقية دول العالم في حيرة كبيرة، خاصة أنه ما من دولة تستطيع أن تقول لأمريكا «ثلث الثلاثة كم؟».
ما أخشاه هو أن يقع الفأس على رأس السودان ومصر بوصفهما موطن «الشعوب المحبة للفول»، فمنذ سنين طويلة وعلماء غربيون يروجون حقائق مؤكدة أن الفول مصدر أساسي لغاز الميثان، وليس فيما يقولون أي تحامل أو افتئات، فأكلة الفول يعرفون عنه ما هو أكثر من ذلك. وبوصفي اختصاصياً في شؤون الفول ومشتقاته «البصارة والطعمية/ الفلافل… الخ)، فإنني أعرف يقناً أن للفول مزايا طيبة، فهو مفيد في علاج الاكتئاب والأرق والتوتر العصبي؛ لأنه يحوي مواد تؤدي إلى الاسترخاء وتساعد على النوم، غير أن تعاطيه مدة طويلة يؤدي إلى الإدمان وفقدان الذاكرة النهائي، أو ما يسمى في الدوائر الطبية متلازمة
Acquired Irreversible Amnesia Syndrome
وهذا السيندروم هو الذي أدى إلى نشوء مشكلة مثلث حلايب بين مصر والسودان فلعشرات السنين، وتحت تأثير الفول نسي البلدان وجود رقعة من الأرض تحمل اسم حلايب. فظلت مجهولة الانتماء، ثم زاد الطلب في أوروبا على الفول لإطعام الخيول (الفول اسمه بالإنجليزية Horse Beans أي باقلاء الخيل) وحدث شح في الفول في مصر والسودان فاستيقظت الحواس في شطري وادي النيل وبدأ كل طرف يصيح «حلايب بتاعتي»، ومما فاقم المشكلة أن حلايب نفسها تعاني من أورام خبيثة، بحكم وقوعها قرب مدار السرطان فكان أن تعرضت للإهمال وظهرت على تضاريسها البثور والتلال والرمال.
الغريب في الأمر أن معظم الأدلة والبراهين على قدرات الفول الخارقة في توليد الغازات أعلنت من قبل باحثين مصريين وسودانيين من عملاء الاستعمار والصهيونية.
وأعتقد أن مصيبة السودان أكبر. فالمصريون يأكلون الفول بالزيت و.. بس، أما أهلي في السودان فإنهم يضيفون إليه الجبن والطعمية (الفلافل) والطماطم والثوم ومخلل الباذنجان والبصل والشطة، ولأنهم يعرفون تأثير الفول الضار بالقوى العقلية فإنهم يتناولون تلك الخلطة العجيبة المنسوبة للفول زورا وبهتانا، في ساعة متأخرة من الليل، وبمجرد أن يفرغ الواحد منهم من الأكل يقول لأصحابه (تصبحون على خخخخخ) تضيع منه الكلمة ويروح في نومة. وبسبب القدرة التنويمية للفول فإنّ استخدام الحبوب المنومة غير متفشٍ في السودان ومصر.
وعوداً على بدء أقول إن أخطر ما في الفول هو قدرته العجيبة على توليد الغازات، ولأن الولايات المتحدة معتادة على أن ترمي غيرها بدائها وتنسل فليس بعيداً أن تلوي ذراع الأمم المتحدة لإرغامها على تشكيل قوة دولية لتدمير حقول الفول في وادي النيل باعتبارها مصدر الخطر الأول على طبقة الأوزون (بالمناسبة متى ظهر هذا الأوزون اللعين الذي لم نسمع به على عهد الدراسة؟). وبما أن الشيء بالشيء يذكر فلا بدَّ من تذكير عرب شرق البحر المتوسط الذين يدمنون أكل الباذنجان بأن الأبحاث الطبية أثبتت أن الباذنجان يساعد على انتشار الأورام في جسم المصاب سواء أكانت تلك الأورام حميدة أم شريرة. وقد أسعدني التحذير من تعاطي الباذنجان لأنني أكره تلك الثمرة أكثر من كرهي للرئيس الروسي الأسبق بوريس يلتسن الذي نفق بسبب إدمان خمر الفودكا وكانت تقاطيع وجهه تعطي الانطباع بأنه يعاني من إمساك مزمن. وأهل السودان عموماً يسمون الباذنجان «البراطيش» ومفردها «برطوش» وهو نعل الحذاء الذي لم يبق فيه موضع لمسمار. وأكثر ما يغيظني في أهل شرق المتوسط أنهم يصنعون «بتاعاً» من الباذنجان اسمه بابا غنوج بحق من رفع السماء ما الصلة بين الغنج والبراطيش؟


تعليق واحد