الصادق الرزيقي

كيف ندير معركتنا ..؟


> بالعودة إلى ملف المحكمة الجنائية الدولية وكيفية الاستفادة من المناخ المواتي لمحاصرتها وإبطال مفعولها، لا بد من الإشارة هنا إلى أن التحركات والحملات السياسية والدبلوماسية والإعلامية، لا بد أن تكون متسقة ومنسقة وفاعلة في إحداث الأثر المطلوب، فبالرغم من أن مواقف القادة الافارقة وبيانهم الختامي في قمة كيغالي كانت جيدة، إلا أن المجال مازال واسعاً والمتاح كبيراً في فضح المحكمة وتعيئة الرأي العام العالمي والافريقي بشكل فعل أكثر مما عليه الوضع الآن. > وسوى بعض المبادرات الطيبة هنا وهناك لا نلحظ في الافق استثماراً جيداً للتطورات الأخيرة في ملف المحكمة، وأهمها أن التفاهمات السياسية المنتجة التي يجب أن تنشط فيها القيادات السياسية والحزبية مع رصفائها بالخارج، ثم العمل الدبلوماسي في مستوياته الرفيعة مع الاصدقاء والأشقاء، واستعمال كل ما نملك من تأثير في كسب الأشقاء والأصدقاء إلى الصف المناهض والعامل بإجتهاد ضد هذه المحكمة، ومع تنامي نفوذ المنظمات غير الحكومية وسطوة المجتمع المدني وهيئاته في كل العالم، لا بد من اختراقات جريئة في هذا المجال، فالمنظمات الحقوقية ومراكز النشاط القانوني في كل العالم هي الأقرب لفهم ما تنطوي عليه المحكمة الجنائية الدولية وخطلها في تطبيق القانون ومراميها وأهدافها السياسية، فإذا كان التحرك والاتصالات تتم بصورة مرتبة وفق تخطيط سليم، فإن كثيراً من هذه المنظمات الحقوقية والناشطين من ذوي الضمائر الحية حتى في الدول الغربية يحتاجون إلى إتصالات مكثفة وعمل دؤوب ومعلومات وافرة للقيام بأدوارهم لكشف المحكمة وما نضح من فضائحها. > لو وضعت خطة مركزية تقوم على افكار واضحة من جهات إعلامية وسياسية وناشطين ومنظمات مجمتع مدني وترك لها المجال للتحرك خارجياً، لجنينا ثماراً يانعة واستعطنا كسب معركتنا العادلة ضد المحكمة الجنائية الدولية، فمع التراجع الملحوظ في الاهتمام بقضايا السودان ودارفور في الإعلام العالمي وفي حركة السياسة الدولية، وانحسار الضغط الذي تقوم به دوائر غربية عديدة على الحكومات وأجهزة الإعلام الدولية للإبقاء على ما جرى أو يجري في دارفور حياً ونشطاً في واجهة الاحداث، فإنه بالإمكان كسب المعركة في حلبة الإعلام والدعاية وتغيير دفة الاهتمامات لدى الرأي العام العالمي والإقليمي حيالها، فالمحكمة الجنائية في أضعف حالاتها، فهي نفسها تقف وراء القضبان اليوم وتواجه تهماً بالرشاوى والفساد واستخدام الاساليب غير القانونية، وليس بمقدورها حتى الدفاع عن نفسها والمرافعة عن مواقفها، فالحالة الضعيفة جداً التي عليها تؤهل خطة من هذا النوع للقضاء على المحكمة بالضربة القاضية وليس كسب نقاط في الجولات المتوقعة بيننا وبينها. > وشيء آخر، وهو أن التحولات الجيوستراتيجية الجارية في العالم اليوم، ووقوف الجميع على حافة التغييرات والتطورت المذهلة وملامحها الدافعة نحو واقع جديد، تجعل من السهل جداً مخاطبة آذاناً كثيرة تصيخ السمع بعد افتضاح الكثير من الانظمة والمنظومات الدولية التي كانت تحقق الغرض السياسي للحكومات الغربية، لم يعد عالم اليوم مقصوراً ومحصوراً لجهات محددة، كل شيء صار متاحاً لا فواصل ولا حواجز في ان تعمل أية جهة ما تود عمله في الاطار الصحيح والسليم. > توجد فرص ثمينة اكثر من أي وقت مضى، امور عديدة تحولت وتبدلت، وعالمنا اليوم يموج ويمور ويفور بتقاطعات وتناقضات لا حصر لها، وهناك بيئات تغيرت بصورة مذهلة، وتوجد انشغالات بشؤون دولية أكبر من قضايانا الخاصة بمنطقتنا الافريقية وهمومنا في الداخل السوداني. > من الاوفق ان تنتشر وتتعدد المبادرات والأعمال الجادة المختلفة في هذا الاتجاه، على شرط أن يتم تنسيقها جيداً خاصة ما يتعلق بالعمل الخارجي، فقد حانت الفرصة لمحاصرة المحكمة الظالمة وضربها في مقتل، والتصدي لمؤامراتها ونحن في موقف قوي ولدينا حجج ثابتة، وهناك مناصرون لا يملون ولا يتقاعسون فقط يحتاجون الى تشجيع وتوفير المعلومات.