حسين خوجلي

اعزائــــي القراء لاحظـــوا معــــي أو ألحظــــوا..!


> لاحظوا معي أن علب لبن البودرة تزيد أسعارها يومياً في اي بقالة زيادة مضطردة ومضطربه مثل زيادة اعمارنا واوجاعنا وحسرتنا على الأرض المضاعة والثروة الحيوانية واللبن المسكوب..!!
> لاحظوا معي أن مساحة السودان مليون ميل مربع إلا.. ومع ذلك فليس في البيوت حدائق ولا في القرى غابات وكل محلاتنا التجارية (إذا بالغت 4<4)..!! > لاحظوا معي قلب الخرطوم بعد منتصف الليل وبعد أن ينقطع الناس لاحظوا أكوام الأوساخ والحفر وبقايا المرهقين والشحادين والهائمين على وجوههم (أمانة يا كرعين الغبش..!! ما دايسات وداسات مصائب)..!!
> لاحظوا معي المعركة المحتدمة التي تدور في نادي الهلال صلاح البعيد والبرير القريب وهيثم حجر (البيدق) على شطرنج الأزمة.. وشوية (هتيفة) وأرزقية وأحبار لكل ناعق..
لكن المخلصين والمؤمنين بنظرية المؤامرة فأن قلوبهم مشدودة للمباراة القادمة التي يكرم فيها البدر أو يهان..!!
> لاحظوا معي أن سيارات رجال الأعمال الحقيقيين قديمة أو نص عمر لكنها نظيفة وعملية ولكن سيارات الخيال والاحوال والاستهبال جديدة ولامعة ومظللة لاخفاء الحقيقة والفشل أن الأوائل متمهلون و(القام جديد) متعجلون.
> لاحظوا معي أن الحديث في القضارف مع بدايات الخريف كان عن الاعسار ثم تطور الى التمويل ثم تطور لبطء العمليات الزراعية ثم التقاوي ثم الوجع (البلاوي) ثم تعقيدات المدير أمير عزت المحلاوي.. وبعد أن انقطع الشوق لعبارة (والله لو لقينا مطرة واحدة)
عادت الجراحات للحديث عن أزمة الأيدي العاملة وهو حديث سوف يختم بعبارة الظريف الراحل عثمان علي بشير
والله الخريف السنة سمح
خلصنا الديون
وملينا المطامير
وعرسنا للوليدات
وعلي الطلاق
حق الله والبنك الزراعي خليناهو هداك في خلاهو
> لاحظوا معي أن الجياع وآكلي الفول في الأسواق هم وحدهم الناجون من مرض اللحوم (والجداد الميت) والسمك الآسن
وقال العارف انني لم اجد فضيلة للفقر الا في هذه..!!
أهل الفول وأهل المخمصة هم المستفيدون وحدهم من صحة البيئة ومصائب قوم..
> لاحظوا معي أن البيوت والمدارس والجامعات قد اترعت بالبنات الناضجات بالأنوثة والعامرات بالأطفال القادمين قلت لاحداهن لماذا فارقت بكل هذه السهولة ذاك الخطيب المهذب والمتعلق بأثوابك ليل نهار.. قالت تركته لفاقته وقلة امكاناته
قلت لها وهل هناك ثراء أكثر من التهذيب والخلق وامكانات للعروسة ارفع من الشباب.
فرحت حينما وصلتني بطاقة الدعوة عقداً وتصميماً على الحبيب القديم كانت البطاقة زاهدة ولكنها كانت مترعة بالمعاني يا مضطهدي العالم وشعوبه الراسفة في اغلال اليأس والفقر اتحدوا نعم ولكن أيضاً تزوجوا فقراء يغنيكم ويكفيكم الله ويسهل لكم غرفة وحوش ولو في الوادي الأخضر.. ومن هنا نبدأ
> لاحظوا معي أن الشمس هنا كثيرة والمطر غزير والنيل طويل والاراضي واسعة اما فسحة الأمل فهي مثل بيوت السجانة 200 متر (لا تزيد قيراطاً)..!! وفي قول اخر مثل بيوت الأشلاق أخطر الامكنة التي تعلم الساكنين فضيلة الهمس والنجوى والصبر الجميل والاحتمال الاصيل
> لاحظوا معي أن الشباب يجلس في كل الحارات منتظراً الدعاش (للمزاج) لا المطر للزراعة وعندما يغرق بيت حاجة نفيسة بت الغالي بسبب عدم نظافة السقف والصيانة التي كان يقوم بها آباؤهم تطوعاً يسارعون لكرامتها لأن (المرق) بكسر الميم لولا لطف الله كان بفعل المياه قد حطم رأسها ورأس زوجها المريض والفارق كبير مابين آباء المرق بكسر الميم وأبناء المرق بفتحها يا أبنائي حتى المروءة اصبحت تحتاج لخيال وحتى (الكرامة) اصبحت تحتاج لكرامة.
> لاحظوا معي أن الواقفين على الأرصفة بالألاف هناك اما انهم يحدقون في اللاشيء او يسألون الناس الحافاً او يبيعون المناديل والهواء.. لسوء حظ المعارضة فانهم لايتظاهرون ولسوء حظ الحكومة أيضاً انهم لايفلحون.
> لاحظوا معي أن النهار يمسحنا ونحن ندردش وان المساء يغادرنا ونحن نتجاذب اطراف الحديث وأن الليل يودعنا ونحن سهارى مع حجاوي (M.B.C 2) وبلاوي فلانة بت علان من الصقالبة واليهود العرب والغجر.
> لاحظوا معي أن مطاعم المشويات قد اغلقت ابوابها تماماً في العراق وسوريا لأن السيارات المفخخة هنا والطائرات المقاتلة هناك جعلت الناس بديلاً للخراف وأن المسافة مابين رائحة الشواء الانساني والحيواني قريبة جداً قرب بغداد من دمشق فمازال بقايا البعث هناك وكل العبث هنا بمعونة هؤلاء (المجارمة) ستظل مشويات العراق والشام والهلال الخصيب مشرعة الأبواب من (البعث) حتى يوم البعث تغتال الأمل والألم.
> لاحظوا معي أن الصحف خاسرة ولكنها مستمرة بسبب واحد وهو أن الدًّين مازال متاحاً حتى يقضي على البيت والسيارة وشرف القلم اما الدِّين.. بكسر الدال فهو باق حينما يضرب الغافلون (حيطة) الحيطة والحذر وتصبح الشيكات عقاب الأخيار والأشرار في السودان
> لاحظوا معي أن المسافرين شرعياً عبر بوابة المغتربين 30 ألف شاب حسب المستندات الحكومية ورجال ونساء دون الخمسين.. اي الطليعة التي تصنع الحياة.. (الطريفي ليس متعجباً من عدد المهاجرين المهول ولكنه متعجب لهذه التذاكر التي ليس لسودانير منها شروي نقيرمع أننا كنا نرغب لها في الوصية (أم كاش) (بلاد أبوك إن خربت).
ولكن يبدو أن الخطوط الجوية السودانية من ضمن الخراب او ضمن بلاد أبونا التي خربت ولم نجد فيها (شلية) من الزواحف ولا شيلة من الطائرات
> لاحظوا معي أن سلعة الدهشة التي تولد الأشواق والمحبة قد اختفت تماماً لعوامل كثيرة مبررة وغير مبررة وقد ضحكت كثيراً لنكتة الأفندي الذي غرق في القرف فاصبح لاينتبه لا لقبيح ولا لجميل ولا لابيض ولا لأسود ولا لخير ولا لشر.. تساوت باختصار عنده الأشياء.. وفي احد الأيام كان يحدق في احدى الصحف قارئاً وهازئاً فدخلت عليه زوجته بعطر جديد وتوب جديد وحناء جديدة.
وجعلت شعرها شلالاً من الفوح
والبوح بعض يلزم الكتف وبعض يتبعثر وعلى الأحداق لغز لايفسر وعلى الأسنان سكر وقفت امامه فلم ينتبه لا للعطر ولا للثوب ولا للوجه القمر ولا للشعر العبق الأسود ولا لإعادة الصياغة كلها فأحبت أن تجعل الانتباه كاملاً لعله يؤوب رابحاً
أنا يا بابكر ما طلعت.. نظر ملياً لها وأجاب مشيتي وين؟ وجدتها فرصة سكتت في دلال وبعثرت الشعر الحرير وسرح بعينيه فيها من أخمص قدميها الموثقة بالحناء (الما خمج) حتى وجهها المقمر والطالع خالصاً مابين جدائلها
أنا يا بابكر مامشيت الكوافير..؟
فرد بابكر رداً سقطت بعده مغشياً عليها (ومالك جيتي راجعة لقيتيهو قافل)..!!
(وحتى العودة من فاصل الضحك اوالبكاء)
> اعزائي اعيدو الدهشة والانتباه والتدبر لتعيدوا هذه البلاد الجميلة المياسة القوام المملوءة الساقين بالنخيل والعسل واللبن والسكر واللارنجة ومنقة كسلا راجحة وفياضة وأما منقة أبو جبيهة فحين تهدأ جبهة الحرب ومنقة الحلنقي حين يهدي الله ناس الجبهة..!!
وتؤوب البلابل الى اوكارها.