مقالات متنوعة

جلال الدين محمد ابراهيم : مُنظّمة التجارة العالمية


بالأمس نُشر خَبَرٌ عن تَصريحٍ منسوبٍ للسيد وزير الخارجية، عن دعم أوروبي متوقع من أجل انضمام السودان لمنظمة التجارة العالمية!!.
بالطبع هنالك شروطٌ كثيرة يجب أن تتوفر في جمارك الدولة الراغبة في الانضمام لمنظمة التجارة العالمية، ومن أبسط تلك الشروط أن تكون القيمة الجُمركية (التعريفة الجمركية) لكثير من السلع أقل مما هي عليه الآن (تخفيض قياسي) مما يجعل مُعدّل إيرادات الجمارك تنخفض بنسبة قد تصل إلى أكثر من 80% مما هي عليه الآن وهذا الأمر قد يدعم فكرة رفع القيمة المضافة (VAT) الفات، وكذلك يدعم فكرة رفع ضريبة أرباح الأعمال إلى أكثر من 30% كما هو مُطبّقٌ في أوروبا حالياً.
وكذلك يشترط رفع الدعم عن كل أنواع المُنتجات الزراعيّة والصناعيّة والخدميّة مثل التعليم والبُنوك وفي كل السلع والخدمات مثل الكَهرباء والمَياه والهَاتف ….الخ, الخ.
وهنالك معاييرٌ فنيةٌ خاصّةٌ تلزم بها منظمة التجارة العالمية مثل المعايير الواردة في اتفاقية (العوائق الفنية أمام التجارة)، ويتضمّن ذلك إلغاءها المُستلزَمات المُرهِقة للمُوافقة على مُتطلبات الاستيراد، التي تسبق عملية الاستيراد نفسها (حُرية المُستندات البنكية وشهادات القيود المفروضة حالياً على شهادة المنشأ وطريقة فتح الاعتمادات المُستندية البنكية)، بمعنى آخر إعادة وتغيير الفكر البنكي في أسلوب الاعتمادات البنكية بشكل كامل.
وهنالك علة الالتزام الصارم بالتعريفات الجمركية العالمية على أكثر من 90% من المُنتجات الزراعية ستكون مقيّدة بـ (15%) أو أقلّ على أن تستمر في تناقص إلى أن تصل الى تعريفة جمركية لـ (صفر).
وحتى في قانون حماية المُنتجات المحلية من الإغراق وحجم المُستورد من ذات المُنتجات المَحليّة تُرفع عنه القيود، بحيث يتم الاستيراد بأيّة كميات وبدون الخوف من الإغراق، وأن لا تنال المُنتجات المحلية حماية في التعريفة الجمركية بأكثر من (20%) كقيمة جُمركيّة للمُنتجات المُشابهة، كذلك وجوب فرض القيمة الجُمركية فقط بمُوجب فاتورة الاستيراد وليس بمُوجب (تخمين القيمة الفعلية للبضائع المُستوردة) مما يجعل أسلوب الجمارك السودانية في هذا الصدد خارجاً عن المنظومة الجمركية لمنظمة التجارة العالمية.

وهنالك الكثير من الشروط التي لا تنطبق على كثير مما يتم في البلاد، ولا أدري كيف تُقدِّم أوروبا للسودان مساعدة في هذا الصدد ما لم يلتزم السودان على الأقل بأكثر من (70%) من هذه الشروط وغيرها.
على أيِّ حال أتمنى أن ينضم السودان بالفعل لمُنظّمة التجارة العالميّة، فهي السبيل والضامن لفك وكسر احتكار السلع على شركات أو شَخصيّات بعينها وتفتح السوق للتنافس في الجودة وتخفيض السعر لصالح المُستهلك في المَقام الأول.
فهل يكون الحُلم حقيقةً أم تكون مجرد أضغاث أحلام، حَيث يتم حالياً رفع الدعم عن السلع مع زيادة الجمارك وحصر شُروط الاستيراد مما يهلك المُستهلك (الشعب) ويصنع دولة من الأغنياء (المُحتكرين) كما هو الحال الآن بين شعب من الفقراء والمساكين!!.