مقالات متنوعة

معاوية محمد علي : سودانية 24


قبل فترة جلست إلى الأخ الطاهر حسن التوم في مكتبه تلبية لدعوة كريمة منه، حدثني وقتها عن الكثير من المشاريع الذين هم بصدد تنفيذها لتكون إضافة حقيقية لقناة النيل الأزرق، وحدثني عن نيتهم في الدخول إلى الفضاء بقناة فضائية جديدة، بعدها وقفت على الأستديوهات التي زودت بأحدث تقنيات العمل التلفزيوني، ومع كل ذلك كنت أظن (وليس كل الظن إثم)، أن ما سمعته من الأخ الطاهر ما هو إلا وعود براقة وخريف بلا أمطار.
الآن دون مقدمات وضوضاء و(كلام كتير) وإعلانات، ظهرت قناة (سودانية 24)، ولا ننكر أننا لم نكن متفائلين بها في ظل الاحباطات التي عشناها ونعيشها فى ظل تجارب إعلامية مماثلة أثبتت فشلها، وبالأخص في القنوات الفضائية الجديدة، بعد وضح لنا بصورة لا تحتمل التشكيك، أن الكثير من الفضائيات قامت عندنا دون دراسة أو رؤية واضحة، وبلا أهداف، منها ما ظل يترنح في الفضاء حتى يومنا هذا، ومنها ما سقط بالضربة الفنية القاضية وأصبح مجرد ذكرى، وذكرى مؤلمة، لا نريد أن نضرب الأمثلة لأننا كسودانيين دائماً ما نتعامل بفقه (الفات مات)، ولكن بالجد كانت لنا تجارب فقيرة خصمت كثيراً من إعلامنا وحُسبت عليه، بالإضافة إلى أنها أدخلت كثيراً من الإحباط في نفوس المهتمين بصناعة الإعلام والمتابعين، ومثل تلك قنوات لا يخفى علينا أن هدفها الأول والأخير هو الدخول إلى سوق الرعاية، وجني الأموال على حساب القيم التي تحكم وتتحكم في هذه الصناعة.
نعود لقناة (سودانية 24) التي رفعت شعار (بلد في شاشة) وقدمت ترويجاً لبعض برامجها بصورة جاذبة وبدا (جوابها من عنوانها)، وكشف عن أنها برامج (سودانية) بحق وحقيقة، هذا غير اعتمادها على عنصر الشباب في كافة وحدات العمل فيها، وذلك في حد ذاته يحسب لها، بالإضافة إلى ما وضح من جدية ولمسات جمالية زينت من شاشاتها وهي بعد في طور الإعلان نفسها تؤكد أن الأخ الطاهر حسن التوم قد صدق وعده.
لا ننكر أننا في بادئ الأمر أشفقنا على القناة الوليدة من أن تكون (النسخة غير المطورة) من (النيل الأزرق)، وهاجمنا القائمين على أمرها كثيراً باعتبار أن سياسة (زيتنا في بيتنا) لا تصنع قناة، وأن ذلك سيخصم من (النيل الأزرق) ولن يضيف جديداً للقناة الجديدة، ولكن ما تابعناه من خلال البث التجريبي أزال مخاوفنا وبشرنا بميلاد فضائية سودانية (تشبهنا) وفيها (ملامحنا) ، فنتمنى أن نفاخر بها وأن تكون امتداداً لشقيقتها الكبرى النيل الأزرق في النجاح، وأن تواصل بذات النهج والخطط التي حدثونا عنها، وأن نسمع بها قريباً منافساً قوياً لبقية الفضائيات وإضافة حقيقية للإعلام السودانى.
*خلاصة الشوف
صناعة قناة فضائية عند البعض هي (استسهال)، وعند البعض الآخر (استهبال) وفي قناة (سودانية 24) ندية وجاذبية وإعلام حقيقي، ومبروك الأخ الطاهر مقدماً.