ضياء الدين بلال

مُخجل ومُؤسف!


-1-

في مرَّاتٍ كثيرة مع مجموعة من الأصدقاء، أدرنا نقاشاً مطولاً حول انفضاض الناس عن المسؤولين وأهل الشهرة وأصحاب المال، بمُجرَّد مُغادرة السلطة أو تناقص المال وانحسار الأضواء.

كُنَّا نقارن في المناسبات الاجتماعية بين مناسبتين لشخص واحد: الأولى في أيام عِزِّه، والثانية في أيام نَحسِهِ.

حينما يكون الشخص صاحبَ سلطة أو نفوذٍ من أي نوع، تحظى مناسباته الاجتماعية، أفراحاً أو أتراحاً، بحضور كبير ومشاركة واسعة، وما إن يغادر موقعه وتأتي عليه مناسبة أخرى، حتى تتثاقل الأقدام، وتتراجع المشاركة إلى حدود الأهل والأقارب والجيران وبعض أهل الوفاء!

-2-

تلك فكرة رائعة أن تُرسِل الحكومة نيابةً عن المجتمع رسالة للرموز الاجتماعية في شتى المجالات، بأنهم لا يزالون موضع الاهتمام والتقدير، وأن ما قدموه في الماضي والحاضر لا يزال في العقل والوجدان.

منذ خمس سنوات، كُنَّا في كل رمضان لا ننقطع عن تلبية الدعوات الصادرة من مجلس الوزراء للمشاركة في برنامج “تواصل”.

ذهبنا مع الرئيس عمر البشير والأستاذ علي عثمان والفريق بكري حسن صالح، إلى عدد من الرموز في مختلف أحياء العاصمة، كُنَّا نرصد ونُتابع سعادة وفرح أهل المزور وجيرانه وأقربائه، ونرى ابتساماته المُشرقة وبريق عينيه يتلألأ.

-3-

في رمضان الماضي، توقف برنامج “تواصل” بذريعة غريبة وغير مقنعة. قيل إن لبساً قد حدث بين برنامج “تواصل” وبرنامج “الراعي والرعية”.

الأخير يستهدف دعم الشرائح رقيقة الحال من ديوان الزكاة.

أما برنامج تواصل، فهو لتكريم الرموز من قِبَلِ رئاسة الجمهورية لعطائهم ودورهم.

لا أعرف مصدر اللبس المُتوهَّم حدوثه بين البرنامجين؟

الفرق واضح وبائن دون حاجة لشرح أو تفسير.

ولا أجد داعياً لبرنامج “الراعي والرعاية”، الذي ينفذه صندوق الزكاة؛ فدعم الشرائح الضعيفة هو واجب الصندوق ومناط عمله بمنطوق النصوص الدينية، ومُحدِّدات الدور الوظيفي؛ لذا لا يجب التعامل معه كمناسبة موسمية واستثناء يستحق الاحتفاء به.

برنامج “تواصل” توقَّف في رمضان الماضي، واُستؤنِف في هذه الأيام.

-4-

أول أمس كنت ضمن الحضور في إحدى فعالياته، وهي تكريم الشيخ الفاتح بن الشيخ الجيلي المكاشفي أحد الرموز الصوفية البارزة في أم درمان، وهو واحد من رموز الطريقة المكاشفية القادرية التي يمتدّ نفوذها الديني في كل بقاع السودان ومركزها بالشكينيبة، وهذه الطريقة من أهم الطرق التي أسهمت في نشر التعاليم الدينية في مناطق كردفان والنيل الأبيض ودارفور، ولها وجود مقدر بالجزيرة والنيل الأزرق، وظلت تحظى باحترام وتقدير كل الحكومات السودانية المتعاقبة خاصة في عهد الإنقاذ.

في تكريم شيخ الفاتح احتشدت الساحة المُقابلة لزاويته بالثورة الحارة (12) بأعدادٍ كبيرةٍ من المريدين والأتباع ورجالات ومشايخ الطرق الصوفية، الذين وُجِّهت لهم الدعوة من قِبَلِ الشيخ الفاتح.

كان أمراً مُخجلاً ومُؤسفاً، عندما تغيَّبَ عن الحضور مساعد رئيس الجمهورية موسى محمد أحمد في اللحظات الأخيرة ولم يحضر معتمد كرري، ووسط الحضور الكبير من الجماهير وأجهزة الإعلام كان ممثلو وزارة مجلس الوزراء يتحدثون مع أسرة الشيخ الجيلي المكاشفي عن التأجيل، وكانت المُعالجة الطارئة أن تُوكل رئاسة الوفد لوزير الأوقاف السيد عمار ميرغني.

ظهر الغضب والاستياء على مشايخ الطريقة وعلى الحاضرين من أتباعهم ومريديهم، وتجاوز الأمر الاستهجان الصامت إلى التعبير العلني في الكلمات وتفاعل الجمهور، فتطايرت كلمات الاستياء من هنا وهناك.

ولو لا لطف الله وحكمة شيخ الفاتح وأخيه شيخ نزار وزير الدولة بالأوقاف لحدث ما لا يحمد عقباه.

من الواضح أن البرنامج الموضوع للتواصل يتم بارتجال، ومع الأخطاء وسوء التقدير قد يتحول لبرنامج للقطيعة وهدم الجسور وتعكير المياه نسبة لسوء الإعداد وضعف الترتيب على غير ما كان عليه الوضع في السنوات الماضية.

من الأفضل، قبل الاستمرار في هذا البرنامج، أن تكون هنالك وقفة للمراجعة وحسن الترتيب حتى لا يؤدي برنامج “تواصل” لنقيض ما يُراد منه.


‫2 تعليقات

  1. مثقف بهذا القدر وكاتب بهذه القامة وتمتدح الصوفية المبتدعه – يا حسرتاه على مثقفينا وصحفيينا ويا ل راجحة عقولهم
    اقرأو مااذا قال – ضياء الدين ( أول أمس كنت ضمن الحضور في إحدى فعالياته، وهي تكريم الشيخ الفاتح بن الشيخ الجيلي المكاشفي أحد الرموز الصوفية البارزة في أم درمان، وهو واحد من رموز الطريقة المكاشفية القادرية التي يمتدّ نفوذها الديني في كل بقاع السودان ومركزها بالشكينيبة، وهذه الطريقة من أهم الطرق التي أسهمت في نشر التعاليم الدينية في مناطق كردفان والنيل الأبيض ودارفور، ولها وجود مقدر بالجزيرة والنيل الأزرق، وظلت تحظى باحترام وتقدير كل الحكومات السودانية المتعاقبة خاصة في عهد الإنقاذ.)

  2. مالم الصوفية ياعطبرواي ديل ناس فتة وعصيدة يازول
    مالم الصوفية لابسبو الصحابة ولا عندهم مذاهب خاصة
    مالم الصوفية ديل ناس ذكر وطرب وبهجة وفرحة ساكت
    واما بعض المعتقدات التي يمارسها اعونهم فهذا لجهلم مثل زيارة القبور والتبرك بها بل البعض منهم يستعين بالموتي من هؤلاء الشيوخ وحتي هؤلاء ينتمون لفيئات معينة من الصوفية التي ترزخ في الوسط والغرب بكثافة والقليل بالشرق وشبه معدومة بشمال