أبشر الماحي الصائم

لله والخضرة والحقول


* الكل مشغول هذه الأيام بنداء السودان في نسخته السياسية الحزبية، التي تفتأ تبحث عن موطئ عمل لبعض عطالي السياسة وتسكينهم في وظائف سيادية في أركان الدولة السودانية.. بحيث لا زلت أعتقد – والحال هذه – أن أكثر من تسعين بالمائة من جمهور الشعب السوداني هو خارج هذه المؤسسات والأطر الحزبية، كما أن قضايا النخبة بطبيعة الحال ليست هي قضايا الجماهير، النخبة تطلع إلى أن تسكن داخل (ديسك وظائف الأحداث)، والجماهير تريد وتتعشم أن تسكن جراحات المعاش وتضمد تقرحات الأسواق.
* صحيح أن ثمة استدراكاً رسمياً بأن الحوار يجب أن يمتد ويتسع لشرائح المجتمع، على ذلك النحو الذي تابعناه في ثنايا مشروح الحوار المجتمعي الوطني، بيد أن أبلغ حوار شعبي لعمري هو ذلك الذي يكون مع قضايا المجتمع، وفي الأصل ماذا تريد الجماهير من الحكومة، أي حكومة، بطبيعة الحال تريد قضايا معاشها وما يثقل كاهلها سيما وتيرة الأسعار المتصاعدة.
* إذن تعالوا نؤسس إلى حوار نوعي مع قضايا الجماهير.. على أن تكون التوصيات في خاتمة المطاف تخدم صناعة (عصر الكفاية والرفاهية والعدل).. هذه الأجندة التي تسقط دائماً من اهتمامات النخبة والشغيلة السياسية، فعلى الأقل إن الذين ينادوننا من وراء الأحراش، ومن داخل العواصم من ذوات السبع نجوم، ليس في برامجهم ولا أفئدتهم قضايا الفتريتة والكسرة والعصيدة والملاح.
* على أن صناعة عصر الكفاية السودانية بطبيعة الأنهار والخريف والأمطار، تمر عبر الحقول الزراعية والحواشات، هذا هو نفطنا وعزنا وماضينا ومستقبلنا، بحيث لا يصلح اقتصاد هذه الأمة السودانية إلا بما صلح به أولها، الزراعة والصناعة التحويلية والثروة الحيوانية ومنتوجاتها، فذلكم الرباط.. ذلكم الرباط.
* يفترض أن أحاديث وسمنارات وورش وهتافات شهور يونيو ويويليو وأغسطس، هي كلها لله والزراعة، التحضيرات والتمويلات والمكننة والتقانات، حتى الفضائيات والأغاني والبرمجيات يفترض أنها جميعاً تدور حول مضامين (اجري يا نيل الحياة لولاك ما كانت حياة).. غير أن الذي يجري على مسرح الأحداث هو شيء مختلف تماماً، فلا شيء سوى نداء ساسة السودان من الذي وقع، ومن الذي سيوقع.. فلعمري ليس هذا المنتظر.
* أنتظر يوم أن يصعد على قصر الأحداث سبعة شبان سمر الأشواق خضر الأماني، فيعلنون مباشرة أن (السودان دولة زراعية)، لا شرقية ولا غربية.. على أن تذهب مثل هذه الشهور الحكومة بطاقمها الرئاسي إلى القضارف.. وبالتالي يخرج كل من له قدرة على حمل الطورية إلى الأرياف والبلدات.. فهنا مكمن الجهاد ومكان الإنتاج وصناعة المستقبل..
* مخرج.. من غيره.. عكير الدامر:
ما بتخدر البسقوها بعد النشفة
وقت الروح تروح طعن الإبار ما بشفي
يارمز الوفا النادر عريس الكشفة
مع المعدودة ما بنفع دوا المستشفى