تحقيقات وتقارير

منعاً لتكريس الدكتاتورية تيار بـ”الشعبي” يناهض السنوسي


عندما استضاف أحمد البلال، إبراهيم السنوسي، في برنامجه التلفزيوني (في الواجهة) قدم ضيفه قائلا، مرحباً بالأمين العام المكلف للمؤتمر الشعبي، فما كان من السنوسي إلا أن قاطعه قائلا لست مكلفا.. مقاطعة السنوسي للبلال وتذكيره أنه ليس مكلفا – رغم أنف النظام الأساسي ـ كشفت بوضوح عن وجود أزمة داخل الشعبي، خاصة وقد تحدثت مصادر لـ(الصيحة) أن السنوسي لا يريد مغادرة كرسي الأمانة، وإنه اختط نهجا غير ذلك الذي كان عليه الشيخ الترابي، لتخرج بالأمس مذكرة إصلاحية- لم تحمل اسما- معنونة إلى الشيخ إبراهيم السنوسي، تطالبه فيها بالإصلاح والعودة إلى نهج الشيخ حسن الترابي، وعدم الانقلاب على النظام الأساسي.

تأكيد المذكرة
حالة التململ الواسعة التي تعيشها كوادر المؤتمر الشعبي، نتاج عدم الرضا على الطريقة التي يدار بها الحزب في الوقت الحالي، وعدم تحديد موعد المؤتمر العام، خرجت إلى العلن وأكدها عدد من قيادات الحزب مؤكدين أن قيادات معروفة في الحزب جلست إلى السنوسي في محاولة لتدارك الوضع لكن الأخير تعامل معها بانفعال شديد، ورجحت أن يكون ذلك السبب ادى إلى كتابة المذكرة وتوزيعها على نطاق واسع.

وقد أكد نائب الأمين العام للمؤتمر الشعبي، علي الحاج محمد، أن المطالب التي وردت في المذكرة، لا حرج فيها، قبل أن يشير إلى أنه اطلع عليها في مواقع التواصل الاجتماعي، ونبه خلال حديثه في فضائية (أم درمان) أمس الأول إلى أحقية أي مجموعة بالحزب في التعبير عما تريده، مؤكدا أن أجهزة المؤتمر الشعبي الحالية تعتبر انتقالية، وقال “إذا رأت مجموعة في الحزب رفع مذكرة فهو عمل مشروع كنوع من الشفافية”، مؤكدا أن حزبه يمر حاليا بوضع انتقالي لحين انعقاد المؤتمر العام.

سرعة الانتشار
المذكرة انتشرت كالنار في الهشيم بوسائط التواصل الاجتماعي، ورغم الركاكة التي ظهرت جليا في صياغتها إلا أنها اخرجت كل الهواء الساخن الذي يدور لدى أعضاء داخل الشعبي، وكشفت حقيقة الخلافات التي بدأت تضرب الحزب بعد وفاة الشيخ، وظهرت تكتلات بعضها مع السنوسي والآخر ضده، وكما علمت (الصيحة) من مصادرها أن القيادات العليا في الشعبي تتفق وتتماهى تماما مع السنوسي عكس القيادات الوسيطة والقواعد التي ترى أن السنوسي لا يريد مغادرة كرسي الأمانة العامة ولا يعترف أنه أمينا مكلفا كما نص بذلك النظام الأساسي.

من حرر المذكرة؟
أسلوب كتابة المذكرة جعل بعض المراقبين يرجحون أنها من صنع أمانة الشباب والطلاب بالحزب خاصة وأن الأمانة إلى جانب بعض أمانات الولايات، كنهر النيل مثلا، كان لديهم رأي مخالف في الحوار مع المؤتمر الوطني، حيث رفعت أمانة نهر النيل سابقا مذكرة إلى الشيخ حسن الترابي، تنتقده في الجلوس والحوار مع النظام، وليس ببعيد الندوة التي أقامها شباب المؤتمر الوطني في الشهيد الزبير، وتحدث فيها علي الحاج، حيث نهض الناجي عبد الله وشاب آخر من طلاب الشعبي ووجهوا نقدا قويا إلى المؤتمر الوطني، الأمر الذي دعى كمال عمر ليقول حينها إن حديث هؤلاء الطلاب لا يمثل رأي المؤتمر الشعبي..

مطالب المذكرة
أهم ما جاء في المذكرة هو (أسف) كاتبها من الطريق الذي يسير فيه السنوسي وقالت المذكرة مخاطبة الأمين العام (للأسف أن الطريق الذي توخيته في الفترة السابقة ليس الطريق الذي يكرّس للانتقال المؤسسي، فالرأي العام لا يتحدث إلا عن مماطلتكم بل وعزوفكم عن تحديد اجل للمؤتمر العام إننا إذ نعتقد أن المؤتمر الشعبي بحاجة إلى سلسلة من القرارات التي تدعم مستقبله فإننا نقترح أن يشرع في القيام للمؤتمر الشوري العام التي ضربت آجاله الأمانة السابقة وكونت لجانه تحت رعاية الأمين السابق “رحمه الله” ودعوة الهيئة القيادية للاجتماع لمناقشة القرارات الفردية التي اتخذها الأمين المكلف، شيخ إبراهيم السنوسي، في تجاوز متعمد للنظام الأساسي في إضافة أعضاء جُدد للأمانة أن حالة الاحتقان السياسي التي يشهدها المؤتمر الشعبي حاليًا، تهدد بانفجار الأوضاع، وإن الأوضاع بحاجة إلى رؤية عاجلة للخروج من هذه الأزمة التي توشك أن تنفجر في الواقع أن الخطوات العملية للخروج من هذه الأزمة تتمثل في اعتماد الشورى بدلاً من الصراعات أو المواجهات الحادة التي بدأت تظهر على الساحة والسماح بتداول الآراء في الحزب وعدم معاملة كل اختلاف كأنه تكتل وانقسام وعدم مطاردة المختلفين بحملات الدعاية السوداء واغتيال الشخصية وتشويه مواقفهم استنادا على خلافات سياسية وفكرية، ونطالبكم بالتحلي بمرونة سياسية أكبر وتحمل المسؤولية واعتماد الآليات القانونية لإدارة الاختلافات السياسية وعدم السعي للانقلاب على النظام الأساسي..

كمال عمر يدافع
الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي، كمال عمر، قال في حديث لـ(الصيحة) إنه لا يعلم أن كانت هذه المذكرة قد قدمت إلى الأمين العام المكلف للحزب أم لم تقدم له، ولكن الذي يعلمه أن المذكرة لم تتخذ الإجراء الصحيح لأنها خلت من الأسماء، وقال “كان من المفترض أن يكتبوا أسماءهم طالما أنهم يريدون الإصلاح، فمن يريد الإصلاح عليه أن يتحلى “بالشجاعة” ووصف كمال عمر المرحلة التي مر بها الحزب بعد وفاة الشيخ كتلك المرحلة في صدر الإسلام عندما توفي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، واستلم الصديق أبوبكر زمام الأمور مؤكدا أن الشيخ إبراهيم السنوسي استلم الأمانة العامة في ظروف صعبة ومعقدة واستطاع أن يعبر بالحزب لبر الأمان، وكشف عمر بأن السنوسي لا يرغب في الاستمرار في الأمانة العامة، وقال إن مهمته الأساسية هي الحفاظ على وحدة الحزب، كما أكد عمر على أن السنوسي يستمد شرعيته من شرعية المؤسسات ولا يمكن أن يترك القضية الأساسية وهي قضية الحوار الوطني، لينصرف إلى قضية المؤتمر العام للحزب، مشيرا إلى أن هذا رأي الأمانة العامة وليس رأي السنوسي لوحده، ونفى كمال عمر أن يكون السنوسي متخذا لقرارات فردية، وقال إنه يدير الحزب بطريقة شورية.

تقرير: عطاف عبد الوهاب
صحيفة الصيحة


‫2 تعليقات