مقالات متنوعة

شمائل النور : إهانة البرلمان.!!


توجيه رئاسي لكل الوزراء بالالتزام بكل استدعاءات وطلبات الجهاز التشريعي، هذا ما نقلته بعض الصحف أمس، هذا الخبر أو هذا التوجيه يعكس دون عناء علاقة الجهاز التشريعي والجهاز الرقابي، بل يضعها جميعها في جهاز واحد، هو السلطة، حيث لا فرق بين لافتة رقابية وأخرى تنفيذية، جميعنا (إخوة). وأن يصل البرلمان مرحلة أن ينتظر التوجيهات الرئاسية لتحث الوزراء لـ(سماع كلام) البرلمان، فهذه كافية لذهابه اليوم قبل الغد.
حينما سقطت هجليج على يد الجيش الشعبي في أبريل 2012م، وأُعلنت التعبئة العامة وأُوقفت المفاوضات مع دولة جنوب السودان، كان البرلمان لا يزال فيه بقايا روح المعارضة، طلب البرلمان استدعاء وزير الدفاع –وقتها- عبد الرحيم محمد حسين، الوزير رفض المثول أمام البرلمان بحجة أنه مشغول بمتابعة ما يجري، ما حدث بعد ذلك، أن لجنة برلمانية مُصغرة ذهبت إلى الوزير كي تستمع منه، فبدلاً أن يستدعي البرلمان الوزير، استدعى الوزير البرلمان.
حينما تفجرت قضية التقاوي الفاسدة عام 2011م، غاب وزير الزراعة –وقتها- عبد الحليم إسماعيل المتعافي، واعتذر عبر مكالمة هاتفية، تكتل نواب البرلمان ورفضوا عرض التقرير إلا في حضوره.. هذه ملامح من علاقة البرلمان بالجهاز التنفيذي، أو بشكل أدق، كيف تنظر السلطة التنفيذية إلى السلطة الرقابية، في أيام خلت، كان رئيس البرلمان أحمد إبراهيم الطاهر يعبر عن حزنه على خلو البرلمان من أحزاب المعارضة. عام 2014م طرد رئيس البرلمان الفاتح عز الدين، رئيس كتلة المؤتمر الشعبي بعد ما طالبه بالصمت، وقال حينها إنه لا يعترف إلا بكتلة المؤتمر الوطني.
التوجيه الصادر من الرئاسة نعى السلطة الرقابية وهي لا تحتاج، ولماذا يمثل وزير أمام برلمان جميعهم أعضاء في حزب حاكم واحد؟ مكان أي مسؤول تنفيذي أن يفعل ما فعله المتعافي وعبد الرحيم وغيرهم، والأمر يبدو أكثر من طبيعي. لا أعتقد، أن الوزراء يرفضون المثول أمام البرلمان بموقف مسبق رفضاً من حيث المبدأ، لكنهم لا يرون أن (المسألة المستعجلة) أمراً مهماً يحتاج أن يترك الوزير (مسؤولياته) ويذهب ليقف أمام نواب في النهاية سيصفقون على الحسن والقبيح.. القضية ليست في الوزراء الذين لا يحترمون البرلمان، القضية أن البرلمان هو السلطة التنفيذية والسلطة التنفيذية هي البرلمان، ولا يُغير شيئاً وجود صوت هنا وآخر هناك تحت لافتة مستقل. طالما أن الحزب الواحد هو الذي يحكم ويسيطر على كل المنافذ، فالحال يبقى هكذا. هب أن كل الوزراء مثلوا أمام البرلمان في كل مسائلهم المستعجلة وغير المستعجلة، ماذا يُفيد المثول إذا كانت المحاسبة أصلاً تم إسقاطها؟.