الطاهر ساتي

التركي ..!!


:: يوم الخميس الفائت، في مناسبة اجتماعية بالخرطوم بحري، التقيت بالدكتور عوض الحسن وزير العدل.. ورغم أن دقائق اللقاء كانت معدودة، تحدثنا عن بعض قضايا الساعة ذات الصلة بالقوانين المراد تعديلها وأخرى تشغل الصحف ومجالس الناس، ومنها ما أثارته الزميلة (اليوم التالي)، وسمتها بالزلزال..!

:: سألته عن إمكانية تدخل وزارة العدل – بلجنة تحقيق – في هذه القضية التي شكلت رأياً عاماً – سالباً جداً – حول حكومة الولاية الخرطوم كلها، وليست وزارة صحتها فحسب، وخاصة أن الصحيفة تتكئ في معلوماتها على ما سمته بتقارير المراجع العام، فأجاب الوزير: (نعم، المفروض نحقق)..!

:: (المفروض نحقق).. عبارة تعني – مهنياً وقانونياً – أن هناك ما يستدعي التحقيق والتقصي – بواسطة لجان ونيابات الوزارة – في حال طلب السلطة الولائية المسؤولة عن وزارة الصحة، وهي حكومة الولاية.. وهذا ما كان يجب أن يحدث، ليس بعد أن نشرت القضية (اليوم التالي)، بل يوم أن رفعها المراجع إلى السلطة التنفيذية ومجلسها التشريعي..!

:: وإن كانت حكومة الخرطوم لا تعترف بنزاهة ومهنية المراجع العام المعترف بها على مستوى الدولة، فهذا (شيء آخر).. ولكن، بما أن حكومة الخرطوم من سلطات هذه الدولة المعترفة بنزاهة ومهنية المراجع العام، فليس هناك ما يمنع إحالة التقارير إلى نيابات ولجان وزارة العدل، لتؤكد وتحاكم أو تنفي وتبرئ.. كما تفعل في كل قضايا الناس..!

:: علماً بأن كل القضايا – ذات الصلة بأجهزة الدولة – التي تحقق فيها نيابات ولجان العدل، هي القضايا التي تتكئ – وقائعها وشخوصها – على تقارير المراجع العام.. وكل القضايا التي لا تختلف عن قضية عقود وزارة الصحة غير أن الشخوص – في تلك القضايا – من عامة الناس أو الضعفاء العاملين على مستوى المحليات في تحصيل رسوم النفايات والعوائد وغيرها..!

:؛ فالشاهد أن تقارير المراجع العام لا تنتهج نهج (الخيار والفقوس) عندما تراجع أجهزة الدولة في كل مستوياتها.. وكذلك نيابات ولجان وزارة العدل لا تنتهج نهج (شيل كُراعك من ساقي) عندما تتقصى حقائق تقارير المراجع العام..!

:: ولكن للأسف، فإن السلطات التنفيذية المسؤولة – عن الإصلاح الشامل – هي التي تكيل تقارير المراجع العام بمكيالين.. على سبيل المثال، ترفع التقارير لوزارة العدل ونياباتها حين يكون المتهم صبياً في إدارة تحصيل رسوم الدرداقات.. !

:: وعلى سبيل المثال الراهن، تغض الطرف عن التقارير أو تنظفها – بلجان (زيتنا في بيتنا) – عندما يكون المتهم وزيراً أو وكيلاً أو مديراً عاماً بوزارة.. ولو لم تنشر (اليوم التالي) ما سمَّته بتقارير المراجع العام، لطالبنا حكومة الولاية بمحاكمتها أو تشكيل لجنة تحقيق ولائية.. ولكن بما أن الصحيفة نشرت ما سمَّته بتقارير المراجع العام، فليس من العدل أن تحقق في القضية أية جهة غير وزارة العدل ونياباتها..!

:: وعليه، يا شيخ إمام.. عندما نطالب حكومة الخرطوم بإحالة هذه القضية وما فيها من تقارير المراجع العام إلى وزارة العدل، فلا نطلب غير أن يتساوى الشريف مع الضعيف أمام نزاهة ومهنية المراجع العام، أو كما ينص الشرع والقانون والأخلاق..!

:: ولو قرأ إمام محمد إمام خطاب اعتذاري – عن عضوية لجنة المراجعة – لوجد طلب مساواة هذه في ثنايا الاعتذار، ولما كتب مهاجماً الاعتذار بذاك (الأسلوب الرديء) .. ولكن للأسف،إمام لم يقرأ الخطاب، أو لم يفهم ما قرأه، أو قرأ وفهم ولكنه – كما اي متورك – كتب بأمر (التركي)..!!


تعليق واحد

  1. الكاتب القدير الطاهر ساتي

    بعد التحية

    مشكلة الفساد بصورة عامة في السودان يمكن القضاء عليها من مرفق حكومي واحد الا وهو الاحصاء

    استغرب جدا من تجاهل معظم الصحف والمواقع السوداني لهذا الملف الحساس جدا في وقت لايطالعنا الاحصاء الا بمعدل التضخم كل شهر واللتي يمكن لاي مواطن او تاجر ان يحسبها وهو جالس في بيته

    كل الدول اللتي تطورت واصبحت في مصاف الدول المتقدمة تهتم اهتماما كبيرا جدا في مجال الاحصاء

    والسبب ان جهاز الاحصاء هو جهاز رقابي علي كل اجهزة الدولة

    في غياب هذا الجهاز تحصل كوارث وفساد مابعده فساد

    الرئيس البشير قال ذات مرة بانه يفتخر بانه الدولة الوحيدة اللتي لها مراجع عام!!

    نعم هو صادق فالمراجع العام ماوجد الا ليحصر حجم الفساد ومن ثم يرفعه الي الحكومة وبعهدها تنظر في من قامو بتلك المفاسد فان كانو اصحاب نفوذ تركو لحالهم بعد تقليص مانهبوه من المال العام وان كانو من عامة الناس اقيم عليهم الحد

    ولذلك وجود سلطة رقابيةقوية متمثلة في الجهاز المركزي للاحصاء وتتبع مباشرة لرئاسة الجمهورية لمنحها مذيدا من السلطات سيمنع الفساد في مؤسسات الدولة وسيتم اكتشاف اي حالة فساد في غضون اول شهر

    يجب ربط السجلات الادارية لكل المرافق الحكومية الكترونيا

    كما يجب تفعيل الدفع الالكتروني في كل مؤسسات الدولة وربط اي معاملة حكومية بالجهاز المركزي للاحصاء

    باختصار في دولة يستشري فيها الفساد الواجب ان تهتم قيادة الدولة في هذا الملف اهتماما كبيرا

    وباهماله من الدولة والصحافة والشعب يجد كل فاسد الفرصة لنهب المال العام ويتبجح امام الناس ان من لديه دليل فليقدمه!

    لايوجد دليل لانه لاتوجد رقابة وجهاز الاحصاء الحالي يسهل لكل الفاسدين السرقة ويجمل معهم الارقام

    لماذا لايدلي الاحصاء بدلوه في قضايا نهب المال العام والفساد!!!

    يجب تطهير الجهاز المركزي للاحصاء من كل المداهنين والمشاركين في الفساد ونهب المال العام وتدمير الدولة

    نرجو للصحافة ان تهتم بهذا الموضوع فاهماله هو تمكين لكل الفاسدين للتمادي في سرقة الوطن

    نتمني ان يكون هناك احصاء له سلطة رقابية علي كل اجهزة الدولة وصحافة لها سلطة رقابية علي الجهاز المركزي للاحصاء واجهزة ومؤسسات الدولة وحينها لن يكون هناك اي مجال للفاسد