يوسف عبد المنان

“بكري” في كادقلي (1)


غداً تنضم جنوب كردفان أو جبال النوبة إلى الشبكة القومية لخدمات الكهرباء بعد انضمامها قبل (5) سنوات إلى الشبكة القومية للطرق.. مشروع ربط الأطراف بالمركز يبدأ بالخدمات وينتهي بالمشاركة السياسية.. لكن في السودان كل شيء في غير موضعه منطقة جبال النوبة وهو اسم شرعي ودستوري ورد نصاً في اتفاقية السلام.. والتي هي جزء من الدستور.. وتركت باب الاسم مفتوحاً على جبال النوبة من شاء وجنوب كردفان من شاء.. وكذلك اسم الوالي والحاكم كلاهما مشروعان بنص الدستور.. وهذه المنطقة شبعت في المناصب التنفيذية والسياسية.. جاء منها أعضاء مجالس قيادات الثورات “محمود حسيب” في مايو.. و”إبراهيم نايل إيدام” في الإنقاذ.. وفي الديمقراطية الثالثة كان “حبيب سرنوب” وزيراً للطاقة مثل المهندس “محمد زايد” الذي هو في موقع كان فيه د.”عوض أحمد الجاز” ولكن لـ”الجاز” بريقاً وصهيلاً ولـ”زايد” صمت صوفي.. لم تقتصر مشاركة المنطقة في هؤلاء النجوم، فقد كان “كجو كندة” وزيراً للتعليم العالي و”كبشور” التعليم العام.. و”بلايل” الطيران والتجارة والآن “الطيّب حسن بدوي” الثقافة و”كبشور” في منصب رئيس شورى المؤتمر الوطني، لكن تلك المناصب والمواقع قد رفعت الذين شغلوها مقاماً علياً.. وجعلتهم من قاطني القصور وجبال الأسمنت الشاهقة، لكن الحرب لم تتوقف والموت يحصد الأرواح.. لأن القضية أكبر من منصب وامتياز يجعل صاحبه ناعم الملمس.. طري الجسد.. اتصلت كادقلي بالخرطوم من خلال شريان الجبال الطريق الأسفلتي الذي شيده “جعفر نميري” عام 1976م، مائة وسبعة وثمانون كليومتراً هي المسافة بين الدبيبات وكادقلي.
وحينما كان الفريق “بكري حسن صالح” رئيساً لمجلس سلام جبال النوبة بعد عام 1997م، لـ”بكري” الفضل في توجيه الشركة الصينية لإنفاذ مشروع الطريق من الأبيض إلى كادقلي مرحلة بعد أخرى.. وأذكر هنا أن توجيهات “بكري” قد ذهبت للوزير “محمد طاهر إيلا” بأن يسند ملف الطريق لـ”محمد مركزو كوكو”.. وبوصول الطريق كادقلي أصبحت حجة أهل المنطقة على المركز أنهم لا يشاهدون نشرة العاشرة ولا يتابعون مباريات كرة القدم.. وينامون مبكرين.. لأن الكهرباء توقفت في محطة الدبيبات التي يحدق أهلها في المحطة والمدينة مظلمة.. والشركة الصينية ترفض في عناد شديد إدارة مفتاح الكهرباء لتغذية بوابة جبال النوبة بالكهرباء.. والصدفة جعلت أيضاً الفريق “بكري حسن صالح” يزور الدبيبات.. وخاطب الجماهير التي هبت للقائه بالآلاف.. ويبذل عهداً معهم بوصول التيار الكهربائي للدلنج وكادقلي.. وما بين الزيارة التي كانت في الحادي والعشرين من (مايو) قبل الماضي.. واليوم الحادي والثلاثين من (يوليو) ينفذ الفريق “بكري” وعده وتغذي كهرباء خزان مروي أحياء مدينة الدلنج من المطار وأقوز وحجر المك والرديف.. ودلنج الخلا.. بالكهرباء القومية.. إذا تعطلت مروي أظلمت الدلنج مثل الخرطوم.. وإذا غمر الطمي التوربينات وفقد سكان المنشية نعمة الكهرباء.. كذلك يفقد أهل الدنج والدبيبات تلك النعمة.
لذلك افتتاح كهرباء الدبيبات والدلنج هي الحدث السياسي الأهم في زيارة النائب الأول للرئيس لجنوب كردفان يوم غدٍ الاثنين.. لأن مشروع الكهرباء القومية واحد من المشروعات التي ينبغي أن تسحب البساط من تحت أقدام الحركة الشعبية إذا تم توظيف الحدث لا الزيارة.. في الخطاب السياسي لأهل المنطقة وحكومتهم، وإذا رفع المؤتمر الوطني في الخرطوم رأسه عالياً ونظر لإنجاز حقيقي وكبير كان حرياً به أن يجد الرعاية والدعاية والتبشير، لكن كل الأشياء الكبيرة في بلادنا تموت إما بالتجاهل أو قصر النظر.. وفي الوقت متسع حتى وصول “بكري” هناك يوم غدٍ (الاثنين).. ونواصل.