عثمان ميرغني

دواعش الشيوعي!!


رسالة نادرة.. بعث بها د. الشفيع خضر إلى المؤتمر السادس للحزب الشيوعي.. فيها تفاصيل وأسرار يبدو أنّه لم يكن ينوي أن يجعلها مُتاحة للجميع لكنها تسرّبت إلى وسائط الإعلام فأثارت ضجّة كُبرى..
قراءة رسالة الشفيع مصحوبة بمقال د. عبد الله علي إبراهيم الذي شرح فيه لماذا خرج عن أسوار الحزب الشيوعي.. يكشف صورة مَقطعيّة دَقيقة تصلح لتشريح علة المكونات الحزبيّة السِّياسيَّة في بلادنا.. وليس الحزب الشيوعي وحده.
خلاصة ما جاء على لساني الرجليْن تكشف إلى أيِّ مدىً يهدر حزبٌ عتيقٌ كالحزب الشيوعي 90% من طاقته في الضبط والربط والتأمين الداخلي.. أقرب إلى ما تقوم به مُنظّمات (سرية) ثم لا يبقى من طاقة الحزب للعمل السياسي الذي هو أصل وجود الأحزاب في الدنيا إلاّ اللَّمم 10%.. فتصبح الأحزاب مُجرّد مُنظّمات مُدجّجة بالأسرار والدهاليز والكواليس.. لا تُقدِّم للشعب إلاّ البيانات والتحالفات والاتهامات ثم الانشقاقات.
العالم كله يتطوّر ويقفز إلى الأمام ليستوعب العصر ومطلوباته، لكن يبدو أنّ أحزابنا ورغم أن بلادنا تُعاني من مُتلازمة الفشل السياسي الذريع منذ الاستقلال وحتى الآن.. إلاّ أنّها تستنكف عن مُراجعة مفاهيم العَمل العَام التي تكبلها.. تتشبّث بالماضي تشبُّث الغريق بآخر حطام السفينة الغارقة.. تعلقاً بالذكريات لا أكثر.
حَان الوقت لإنهاء عُهود (الكواليسية البوليسية) في كيانات أحزابنا السياسية.. لماذا لا ننظر إلى تجارب الأحزاب الناجحة في أمريكا (الديموقراطي والجمهوري) وفي بريطانيا (المحافظون والعمال) وبقية دول الغرب.. ثُمّ في تركيا والهند.. ومنظومة دول شرق آسيا الوثّابة..
هناك الأحزاب منصات عمل سياسي مَفتوح على مصراعيه.. كل نشاط الحزب مُوجّهٌ نحو (البرنامج) الذي يتبنّاه الحزب.. ويستطيع أيِّ مواطن أن يصبح عُضواً في الحزب بلا حاجة لإجراءات (تعميد) و(فيش وتشبيه).. بل ويَتصَعّد العضو الفاعل سريعاً في درج الحزب بلا هواجس الخوف من (الغواصات) وما شابه من علل الواقع السياسي المُتخلِّف عندنا..
يجب الاعتراف بأنّ فشلنا السِّياسي هو هبة هذه المفاهيم الحزبية المُتجمِّدة، وانطلاقنا للمُستقبل رَهنٌ بإعادة النظر وتحديث (البناء الحزبي) حتى تجذب الأحزاب إليها كَثيراً من العُقول النيِّرة الواقفة على الرصيف تنظر بحسرةٍ لحال الوطن دُون أن تجد الفُرصة للمُساهمة في بناء الوطن..
معركة الحزب الشيوعي المَعروضة على الشاشات الآن.. ستنتهي ليس بانتصار جناح على آخر.. بل بخُرُوج جيل خلف من جلباب جيل سلف.. هي صراع أجيال لا صراع أفيال.


تعليق واحد

  1. صدقت و الله , لا زال الحزب ينتمي الى الحقبة الستالينية و لا يملك رؤية معاصرة .