عالمية

لماذا أصبح ترامب يتحدث كثيرا عن التعاون مع موسكو


أجرت صحيفة “أرغومينتي إي فاكتي” مقابلة مع مدير المعهد الدولي لأحدث الدول ألكسندر مارتينوف، وطرحت عليه بعض الأسئلة عن سبب تزايد حديث ترامب في الآونة الأخيرة عن العلاقات مع موسكو.
جاء فيها:

وعد المرشح الجمهوري لخوض الانتخابات الرئاسية دونالد ترامب، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده في فلوريدا، بـ “إعادة النظر” في مسألة الاعتراف بالقرم. وكان قبلها قد أشار عدة مرات خلال حملته الانتخابية إلى مسألة التعاون المتبادل مع روسيا، وإلى استعداده لتكثيف هذا التعاون.

لماذا يفعل ترامب هذا؟ وماذا تنتظر موسكو منه إذا ما أصبح فعلا رئيسا للولايات المتحدة؟

يقول مارتينوف: “أنا لا أريد إصباغ الصفات المثالية على شخصية ترامب وتصريحاته في هذا المجال؛ لأن كل ما يقوله هذا السياسي حاليا يدخل في إطار حملته الانتخابية، التي وصلت إلى مرحلتها النهائية. فالمعركة تدور من أجل كسب أصوات الناخبين، والمرشحان لخوض الانتخابات الرئاسية يصرحان بما يرغب ناخبوهما سماعه منهما، وكسب أصوات أولئك الناخبين الذين لم يقرروا بعد من يمنحون صوتهم.

ومن الواضح أن غالبية التصريحات، التي تطلق خلال الحملات الانتخابية وخاصة في الولايات المتحدة، تدرس مئة مرة وتستند إلى دراسات وبحوث جدية، وليست ارتجالية. ومع ذلك، يمكنها أن تكون انطباعا عن المرشح وكأنها أفكاره الشخصية؛ ولكن هذا انطباع خاطئ. فالانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة هي صراع بين إدارات الحملات الانتخابية، وهذا ما يجب أن نعيه جيدا، لأن وسائل الاعلام المحلية تولي تصريحات الملياردير ترامب اهتماما متزايدا. بيد أن ترامب يقول ما ينصحه به الخبراء قبل كل شيء، وهم طبعا يقدمون مقترحاتهم استنادا إلى معرفة ما يعجب المجتمع الأمريكي.

وبالطبع، ما يقوله ترامب ليس رأيه الشخصي، بل هو ما يريد الشعب الأمريكي سماعه. والأمريكيون يريدون تحسين العلاقات مع روسيا، وهم لا يريدون محاربتنا. وإضافة إلى هذا، اتضحت للجميع ضرورة تسوية مسألة القرم، التي تعدُّ مسألة منتهية وأمرا واقعا، ولكن يجب مناقشته. وبالمناسبة، فإن ترامب لم يتحدث في المؤتمر الصحافي عن الاعتراف بالقرم، بل أعرب عن استعداده لدراسة هذه المسألة بعمق، ثم الخروج باستنتاجات بشأنها.

وعلى الرغم من أن الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة هي من الأحداث المهمة في العالم، ولا سيما أن الولايات المتحدة دولة عظمى وقوية، فإنها تبقى مسألة داخلية، وعلينا فقط متابعة هذه العملية.

وإذا أصبح ترامب رئيسا للولايات المتحدة، هل سيأخذ مسألة بناء علاقات جديدة مع روسيا كما يرغب المجتمع الأمريكي؟

طبعا من دون شك، ولكننا نبالغ كثيرا في انطباعاتنا اليومية بدور الرئيس الأمريكي واستقلاليته، حيث يتكون انطباع بأنه حاكم مطلق على أقل تقدير في بلاده ونصف العالم أيضا. ولكن ذلك ليس صحيحا في الواقع. فإن أي رئيس للولايات المتحدة هو دائما مرتبط برأي المجتمع ومزاج السياسيين والنخبة الاقتصادية. وفي هذه الحالة ليس من المهم ما يريد وما لا يريد، لأنه مجبر على تلبية التوقعات، وبعكسه يفقد منصبه.

وإذا أصبح ترامب رئيسا، فإنه سوف ينفذ ما تريده النخبة وغالبية المواطنين. فإذا كان في الولايات المتحدة حاليا اتجاه نحو تحسين العلاقات مع روسيا، فعليه أن يأخذ هذه المسألة بالاعتبار. فحتى أولئك الذين أفسدوا هذه العلاقات، والمقصود أوباما ورجال إدارته المنتهية ولايتها، لم يفعلوا ذلك بهدف أن تصل الأمور إلى الحرب الباردة. إنهم دائما كانوا يلعبون لعبة معينة بشأن المواقف في المباحثات والحصول على هذه المكافأة أو تلك. وهم في إطار هذه اللعبة، يتراجعون بين فترة وأخرى خطوتين إلى الوراء، وبعكسه لن يكون ممكنا السيطرة على الوضع. واستنادا إلى هذا المنطق سيتم إصلاح العلاقات الروسية – الأمريكية أيا أصبح منهما رئيسا: ترامب أم كلينتون؟ لأن ذلك مرتبط بمزاج النخبة والمجتمع.

روسيا اليوم