مزمل ابو القاسم

اِسْتَحِ يا رجل


لأهمية المقال القوي والمتميز الذي خطه بنان الزميل الصديق ضياء الدين بلال رئيس تحرير صحيفة (السوداني)، حول تحقيق (الزلزال) وملابسات تكوين لجنة لمراجعة عقود وزارة الصحة ولاية الخرطوم مع جامعة مأمون حميدة، أستميح الأخ ضياء عذراً في إعادة نشره، لأعلق عليه غداً بحول الله.
حينما كتبتُ قبل ثلاثة أشهر في هذه المساحة عمودَيْن تحت عنوان (دعوة للتحقيق)، وذكرت أن الاتهامات التي أوردتها الزميلة (اليوم التالي) في حقِّ وزير الصحة بولاية الخرطوم دكتور مأمون حميدة، اتهامات جدية وقوية تستحق التحقيق، لم أكن أتوقع أن تكون استجابة حكومة الولاية بذلك النحو المعيب!
لي تجربة سابقة في تكوين مثل هذه اللجان، في قضية فساد المستشار الكبير بوزارة العدل، تلك القضية الشهيرة التي أثرتها في هذه المساحة، قبل أكثر من خمس سنوات.
في ذلك الوقت، كلما كُوِّنتْ لجنةٌ مشبوهةٌ ومعلولة، طعنّا في ذمتها وعرَّينا أجندتها؛ إلى أن ضغطت القيادة السياسية على وزير العدل السابق، فتمَّ اختيار المستشار أحمد الرزم – وكيل الوزارة الحالي – فأجرى تحقيقاً نزيهاً ومُتكاملاً، تسبَّبَ في تقديم القضية للقضاء، وهنالك حدث ما حدث، فلا داعي لإعادة المواجع!
المهم، لم يكن أمراً مُفاجِئاً لي حينما كشف الزميل إمام محمد إمام – المُقرَّبُ جداً من الوزير – في مقالات نشرها بالزميلة (الانتباهة)، أن تكوين اللجنة جاء بضغطٍ من الدكتور مأمون حميدة!
فعند اطِّلاعي على قائمة أسماء لجنة التحقيق كان أول انطباع لي، أن أعضاء اللجنة تمَّ اختيارهم أو ترشيحهم من قِبَلِ الوزير شخصياً!
للرجل سابقة مماثلة، في قضية الأوكسجين بمستشفى بحري، حيث قام بتكوين لجنة، اختار لها رئيساً مستشاره القانوني الشخصي – لا مستشار الوزارة – مع عدد من الصحافيين!
مثل ما فعل الزميل الأستاذ الطاهر ساتي قبل أيام، استقال من تلك اللجنة قبل سنوات كلٌّ من الزملاء الأساتذة عادل سيد أحمد وهويدا سر الختم والفاتح محمد الحسن، ولحق بهم الدكتور ياسر ميرغني.
(الصور نفس المَشَاهدِ)، وذات طريقة التفكير وأسلوب المخارجات: اختيار المقربين وأهل الدائرة الضيقة للوصول إلى نتائج مضمونة وآمنة، مع تحييد أهل الإعلام!
الطاهر ساتي قالها بوضوح في خطاب اعتذاره عن المشاركة في اللجنة:
(لاحظت أن الوزارة ممثلة بأكثر من عضو في لجنة يفترض أن تُحقِّق في اتهامات وتجاوزات نُسبت إلى الوزارة، وأرى أن هذا لا يستقيم عدلاً، إذ كيف للوزارة أن تُحقِّق وتتقصَّى مع نفسها؟
مدير عام الوزارة الذي تم اختياره مُقرِّراً للّجنة، طالته بعض اتهامات الصحيفة المذكورة، حيث ذكرت أنه خاطب جامعة العلوم الطبية والتكنولوجيا مطالباً إياها بالإشراف على إدارة مركز التميُّز للطوارئ، وبالتالي فإن وجوده في اللجنة المُطالبة بالتقصِّي في الأمر لا يستقيم، لا سيما أنه بادر بالتصريح للصحف مُدافعاً عن الوزير والوزارة ونافياً ما نشرته الصحيفة.
وجود المستشار القانوني لوزارة الصحة بالولاية في اللجنة، ينطبق عليه ما ذكرناه عن وجود مدير عام الوزارة في ذات اللَّجنة.
وضعي كصحافي وكاتب يتناول قضايا الصحة بانتظام، لا يسمح لي أن أشارك في المُهمَّة المذكورة، لأنني لن أتمكَّن من التعليق على قرارات أو توصيات اللجنة لو شاركت في أعمالها، حتى ولو لم أقتنع بها، ورأيت أنها غير سليمة، أو مجافية للحق والمنطق في تقديري).
انتهى كلام الطاهر.
إذا كان السيد والي الخرطوم، سعادة الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين، راغباً في الوصول إلى الحقائق، فعليه حلُّ هذه اللجنة المعيبة، ونقل الملف إلى وزارة العدل التي يقف على قيادتها وزير لا يُظلَم عنده أحد، وفي قيادة الوزارة مسؤولون عُرِفُوا بالنزاهة والاستقامة الأخلاقية.
من الواضح أن دكتور مأمون حميدة الذي كان – للأسف – موضع تقديرنا وحسن ظنِّنا، انتقل من تجيير المصالح العامة لدعم مصالحه الخاصة، إلى استغلال واستخدام لجان التحقيق العامة لينال منها براءة شخصية، مجروحة قانونياً وأخلاقياً!
(المصلحة الشخصية) في جلب المنافع ودفع المخاطر، هي الناظم المركزي لكل قرارات وخطوات حميدة!
ضياء الدين بلال


‫2 تعليقات

  1. Conflict of interest اى تضارب المصالح مفهوم يعمل به فى كل دول العالم غنيها وفقيرها الا فى السودان .. شىء غريب وعجيب ان تعين حكومة ولاية الخرطوم وزيرا للصحة يملك مستشفا خاصا وجامعة للعلوم الطبية وشريك فى اغلب الشؤكات التى تعمل فى مجال الصحة .. الرسول عليه افضل الصلاة والسلام اوصانا بالبعد عن الشبهات .. حتى وان كان الدكتور مامون نزيها بقبوله منصب الوزير قد رمى نفسه فى الشبهات التى اوصانا سيد الخلق أجمعين بالبعد عنها .. لا أجد مبرر للدكتور مامون لكى يقبل هذا المنصب الا إذا خلا السودان ممن هو جدير بهذا المنصوب او تمكن الجشع من الدكتور مامووووون !!!!!!

  2. (ونقل الملف إلى وزارة العدل التي يقف على قيادتها وزير لا يُظلَم عنده أحد،) قبل يومين كان لف في القسم عشان يطلع زول من الحراسة ، سبحان الله قال لا يظلم عنده احد