محمد عبد الماجد

إجــــازة أيـــــــــلا


(1) قال الشاعر والإعلامي الشامل الراحل سعد الدين إبراهيم في إحدى حواراته التلفزيونية، إنه عندما قدم قصيدته (حكاية عن حبيبتي) للإجازة..رفضت لجنة النصوص إجازة المقطع الذي يقول فيه: (والحمامات الحزينة قامت أدتا برتكانة). اللجنة رفضت تلك (البرتكانة) واعتبرتها أمر تعجيزي لا يمكن أن يطبق على الواقع – مع أن الشعر شيء من الخيال. لجنة النصوص فرضت حصاراً (اقتصادياً) على النص وحظرت (البرتكانة) من القصيدة ليقدمها أبوعركي البخيت (والحمامات الحزينة قامت أدتا من حنانها). نحن من ذلك الوقت مازلنا نعاني من تعسف (اللجان). ومازال (البرتكان) محرماً علينا. حتى في (الخيال) حرمنا من (البرتكانة). هذا التعسف لم يكن حصرياً على (أغنية عاطفية) تستعرض أفكاراً جديدة على الساحة الغنائية..الأمر لاحقنا في كل تحركاتنا. أن تُمنع (برتكانة) من نص غنائي عاطفي، يبقى من الطبيعي أن تكون (الغلظة) أكبر في السياسة والاقتصاد والرياضة. (2) لا أستطيع أن أؤكد الخبر، غير أني أقدمه كما وجدته.. قرأت قبل أيام في إحدى الصحف السياسة سفر محمد طاهر أيلا الى جمهورية مصر العربية في (إجازته) السنوية. ايلا حسب الصحيفة كان قد سبقه عبدالحميد كاشا عندما غادر الى القاهرة في (إجازة) سنوية أيضاً قبل فترة وهو والٍ لولاية النيل الأبيض. الإجازة في العرف السياسي مرتبطة بالإعلان عن موقف او توصيل رسالة معينة. وقد تكون نتيجة لزعل صاحبها. لن نجتهد كثيراً في ذلك التفسير. لكن إن صح الخبر، دعونا نقول كيف لوالي ولاية الجزيرة محمد طاهر ايلا أن يترك ولايته ويغادرها في (إجازة) الى قاهرة المعز في هذا التوقيت الحرج. سنتجاوز الأحداث الساخنة التي ترك فيها ايلا ولايته، والصراع الدائر بينه ومجلس الولاية التشريعي. تعجُّبنا من (الإجازة) في هذا التوقيت ناتج من كون ولاية الجزيرة تشهد هذه الأيام أمطاراً غزيرة وسيول وفيضانات بسبب فصل الخريف الذي تتعرض فيه الولاية دائماً للكثير من الكوارث والإشكاليات. تعرض الولاية للأمطار والسيول والفيضانات يهدد حياة المواطن بسبب انتشار الأمراض والمخاطر الأخرى التي يتسبب فيها سوء التصريف وعدم الاستعداد المسبق للخريف. ولاية الجزيرة تحتاج في هذا الوقت الى أن يكون (الوالي) فيها متابعاً وشاهداً على الأحداث وواقفاً عليها. خاصة أن عدد من الإشكاليات والخلافات ظهرت بسبب سوء الاستعداد لفصل الخريف. لا يعقل أن يترك والٍ ولايته في مثل هذه الظروف. (3) رئيس الجمهورية في تصريحات صحافية عقب القمة العربية قال إن مساعده الأول الحسن الميرغني لو كان (مؤتمراً وطنياً) لتم فصله من المنصب. أي أن الحسن الميرغني لو لم يكن (اتحادياً)، والرئيس المكلف للاتحادي الديمقراطي (الأصل)، لتم إبعاده من القصر. هذا الأمر خرج من رئيس الجمهورية نفسه ليثبت لنا (التسيُّب) الذي يعيش فيه كبير المساعدين. لا أدري لماذا كانت هذه اللحظة هي اللحظة الوحيدة التي تمنيت فيها أن يكون الحسن الميرغني (مؤتمراً وطنياً). تصريح الرئيس رسالة واضحة لمساعده الذي يتعذر بعدم تكليفه او إسناد مهام له في القصر. اذا استمر الحسن الميرغني على هذا المنوال، فإن قرار فصله سوف يكون قريباً جداً. رسالة الرئيس وصلت!!…نتمنى أن يتفهمها المساعد الأول. (4) الأستاذ إسحاق أحمد فضل الله …اختصر مواقف الحزب الشيوعي كلها في (أغنايات) الفنان محمد وردي. وحسب تنقل وردي من أغنية الى أغنية ومن مرحلة الى مرحلة تنقل للحزب الشيوعي كله. الفنان محمد وردي عندما غنى للاستقلال لم يكن يمثل الحزب الشيوعي ..كان وردي في هذه الأغنية يمثل (وطن). كفى أن ذكرى الاستقلال لا تمر علينا إلا بـ (اليوم نرفع رأية استقلالنا). حتى إسحاق أحمد فضل الله صبيحة الأول من يناير من كل عام لا يجد غير أغنية وردي عن الاستقلال (يا نيلنا ويا أرضنا الخضراء يا حقل السنا..يا مهد أجدادي ويا كنز العزيز المفتدى). وطني أنا. هذا غناء للوطن. ولوردي منظمة تحمل اسم (وردي الوطن). لا يمكن اختزال الحزب في فرد او في مواقفه او أغنياته. حتى صلاح أحمد إبراهيم لا يعتبر قياساً ، وإلا اعتبرنا كمال عمر او غازي صلاح الدين اوخليل إبراهيم او شقيقه جبريل قياساً للحركة الإسلامية. أستاذ إسحاق في بداية ثورة الإنقاذ ظهر فنان اسمه (عبدالرحيم شنان) غنى (الطاغية الأميركان ليهم تسلحنا) وقدمت أغنياته وأناشيده في برنامج (ساحات الفداء) – أين اختفى هذا الفنان؟. وهل يمكن أن يكون (شنان) أنموذجاً للتبدلات والانشقاقات والانسلاخات التي حدثت في الحركة الإسلامية؟. تحاسبون الحزب الشيوعي بـ (وردي)..فهل يمكن أن يحاسبكم بـ (شنان)؟. ألم أقل لكم إن لعنة (البرتكانة) مازالت تطاردنا.