هيثم كابو

البحث عن نايل


* (اللهم اكفنا شر المجد وشر زوال المجد).. إنه الدعاء الذي ينبغي أن يكون ترديده (فرض عين) على كل موهوب يضرب ميقاتاً مع الشهرة والنجومية في أي مجال يطرق أبوابه..!!
* للشهرة – حتى ولو كانت نسبية – سحر أخاذ وبريق خاطف، فهي تفتن معظم العقول وإن ارتفعت سقوف وعيها، وتخطف الألباب وإن اتسم أصحابها بالفهم الثاقب والاستنارة.. وتفاعل الناس مع (كاتب صحافي أو أديب ومفكر أو إعلامي) قد يخلخل أوتاد ثباته ويلعب ببورصة تعاملاته ويؤثر على تركيبته العصبية والسايكلوجية، ناهيك عن لاعب كرة قدم قد يكون محدود الفهم، أو فنان شاب في أول الطريق ربما لم يكن مستعداً نفسياً وذهنياً للنقلة التي حدثت له وذيوع الصيت الذي حققه ليجد نفسه بين طرفة عين وانتباهتها نجماً يمهر توقيعه على (أتوغرافات) المعجبين ويلتقط الصور تباعاً مع الحسان بعد أن بات من الوجوه التي يطاردها الناس في الطرقات ويشيرون لأصحابها بالتحايا والإعجاب قبل البنان..!!
* (هاجس البحث عن وجود مستمر) من أبرز آفات الشهرة ومساوئ النجاح، و(المبالغة في نقد من جاءوا بعدك، وإدمان الثرثرة، وكثرة الحديث، والارتماء في أحضان التبخيس) من أمراض أفول النجومية عند المشاهير، ومن يراقب مثل هذه الحالات بعين فاحصة يلحظ تلك العيوب الجلية في التصريحات الصحافية و(ونسة المجالس) وكثير من الحلقات التلفزيونية..!!
* كيفية التعامل مع (نقلة الأضواء النوعية) تذلل عقبات الطريق على كل نجم صاعد خاصة إذا كان صغير السن وما حدث له من تغير مفصلي يمثل (طفرة استثنائية) أكثر من كونها (نقلة نوعية)..!!
* تلك النقاط كانت تقدمة لمقال سطرته عبر هذه المساحة قبل أكثر من عامين لأنها كانت محور نقاشي ظهر اليوم الذي سبق كتابة المقال بصالة كبار الزوار بمطار الخرطوم مع الفنان الشاب (نايل) الذي رفع وقتها اسم السودان عالياً لدى تلبيتي دعوة شركة (نازو) لاستقبال المطرب الشاب مع أفراد أسرته وطاقم الشركة بعد النجاح الكبير الذي حققه في مشاركته ببرنامج التسابق الغنائي (ذا فويس) الذي تم بثه على شاشة قناة (إم بي سي) ووصوله للمراحل قبل النهائية..!!
* من ملاحظاتي الأولية يومها أن (بساطة نايل، وطبيعة شخصيته السمحة، ومستوى فهمه الجيد) ثلاثة عناصر قد تشكل للفتى الذي انطلق بسرعة الإفلات درعاً واقياً من الوقوع في أفخاخ الأضواء، وتدفعه للتعايش الإيجابي مع الطفرة التي حدثت له وتضعه في تحد مستمر لإثبات الذات وتقديم ما يوازي تلك الطفرة من أعمال وغناء، و(لكن بعد مرور عامين هل تساوت كفة الملاحظات مع ما أفرزه الواقع من معطيات)..!!
* تجربتي مع المغني السوداني الشاب خالد حسن الذي قدنا حملة التفاعل معه إبان مشاركته مع فريق (شمال أفريقيا) في برنامج (ألبوم نجوم العرب) الذي بثته قناة (إم بي سي) وحقق نسبة مشاهدة غير مسبوقة دفعتني للتركيز على هذه الجزئيات في معظم حديثي مع نايل.. فقد تشابهت عندي التفاصيل وتطابقت الأحداث مع اختلاف التوقيت إذ أن مشاركة خالد مضت عليها الآن حوالي عشر سنوات.. كانت الإعلامية اللبنانية رزان مغربي معجبة بخالد حد الافتتان، وهذا ما حدث مع نايل من رمانة الغناء العربي شيرين عبد الوهاب.. تغني خالد مع ألمع نجوم الغناء كايهاب توفيق وغيره من الأسماء الكبيرة على خشبة مسرح واحد، ونايل أيضاً وجد نفسه وجهاً لوجه مع كاظم الساهر وصابر الرباعي وعاصي الحلاني في برنامج واحد، وإن كان هؤلاء أعضاء (لجنة تحكيم) وقادة فرق متنافسة.. تفاعل الشارع السوداني والعربي مع خالد حسن الذي أدهش الجميع وقتها، وذات الأمر حدث مع نايل.. شباب وطلاب وأجهزة إعلام تسابقوا لاستقبال خالد عند عودته وذات التفاصيل أعادت نفسها مع وصول نايل..!!
* ضياع تجربة خالد حسن الذي لا يتذكره الآن إلا عدد محدود جداً من الناس ضاعف وقتها خوفنا على نايل خشية ألا يستوعب الطفرة التي حدثت له، ولا يستغل تلك النجومية في الإنتاج ومسابقة الزمن بتخطيط عال ووعي كبير فيدخل كهوف النسيان مثل خالد ويشاركه ذات الإفول والذوبان والمصير..!!
* لا أنكر أبداً أن انطباعي الأول من خلال نقاشي مع نايل كان إيجابيا جداً، ولكنه بالطبع لم يبدد مخاوفي على الفتى، فنحن نحلم بأسماء سودانية تحدث اختراقات حقيقية في المشهد الفني العربي وتحجز لنفسها مكاناً بالخارطة الإقليمية..!!
* قلت يومها إنه ليس مهماً أن ترتفع أصوات مستقبلي نايل من الشباب بصورة هيستيرية أو (يغمى) على فتاة عند مصافحتها له بمطار الخرطوم، ولكن المهم حقاً أن (يعي) الشاب الأسمر أن حلاوة النجاح الحقيقية عندما يستمر العطاء ولا تعصف بالفتوحات الأولية مرارات أفول النجومية..!!
* السؤال المهم حقاً الآن بعد عامين من ذاك الحدث والاستقبال والمقال: أين نايل الآن.. هل اعتزل الغناء.. ما هي الإضافات التي حققها في العامين الماضيين.. بل أين أيضاً أمجد شاكر ومحمد الطيب اللذين ظهرا في (ذا فويس) العام الماضي وهل لديهما مشروع يعملان على إنجازه وطرحا للناس ما لديهما من غناء أم أن الكل أرتدوا (طواقي الإخفاء)؟
نفس أخير
* عزيزي نايل: أظهر وبان عليك (الألحان)..!