أبشر الماحي الصائم

طريق موت سريع


دعوني أبدأ من هناك، يحكي، لما استقدم الرئيس الراحل جعفر نميري لافتتاح طريق عطبرة – بربر الذي تآكل أوله عندما بلغ آخره، حتى أصبح الطريق المرصوف نفسه يشكل عقبة مرورية، إذ لا تستطيع أن تمشي عليه، ولا أن تمشي بعيداً عنه!! قيل إن الرئيس جعفر نميرى قال لهم يومئذ.. “هسي جايبني أقفله أم افتتحه” !!
* مدخل ثان.. التقيت ذات عمرة بالمدينة المنورة الراحل هاشم محجوب الصادق، عليه الرحمة والرضوان، وهو أحد فاكهة مجالسنا، فبعد زيارتنا شهداء أحد افتقدت الرجل ونحن نهم بالرجوع وطفقت أبحث عنه، فوجدته على سفح الجبل تستوقفه (شكلة) بين صبية سعوديين وباكستانيين، فيما يبدو خلاف حول أحقية عمل التصوير الفوتوغرافي الذي يود أن يستأثر به أولئك الفتية، فقال لي الراحل عليه الرحمة والغفران، “إنت عارف دا محل شكلة قديمة”!! وهل كانت مصادفة أن يحرضنا ابنه البار أحمد لنكتب اليوم عن طريق الموت هذا !!
* فالشيء بالشيء يذكر.. ففي المقابل يصبح هذا الطريق.. بربر عطبرة.. عقبة كؤود قديمة جديدة!! بحيث لا حديث اليوم في تلك الربوع سوى عن ضحايا هذا الطريق.. فلا يكاد يمضي يوم دون أن تُحصد فيه أرواح بريئة.. وهو بهذا يكاد يتفوق على كل شوارع الموت الذي عرفها الرأي العام السوداني !!
* لحظة كتابة هذا المقال تتناقل وسائل التواصل الاجتماعي، حادث سير قبيل مدينة عطبرة بين بص سياحي قادم من مدينة أبي حمد وبين عربة بوكس، في ذات المنطقة التي طاحت فيها قبل أيام قليلة حافلة ركاب على جدول مشروع الأمن الغذائي !!
* صحيح إن المنطقة التي تمتد من منعطف مدينة كنور حتى مدخل مدينة عطبرة، قد استحوذت على الإحصائية الأكبر في قائمة الموت المروري، بيد أن هناك (قطوعات) على طول الطريق تتسبب هي الأخرى في هذه الحوادث، أشهرها (حفرة العبابدة) على مقربة من محطة جمارك العبيدية، بحيث أخبرني أحد شباب هذه القرية بأنه قد انتشل بيديه منها أكثر من عشرين مصابا بين جريح وقتيل!! صحيح أن عمليات إصلاح بطيئة جداً تجري فيه الآن !!
* لا أتصور أن إفادات فعاليات حكومة الولاية، من المحلية إلى وزارة الشؤون الهندسية، بأن هذا الطريق يعد قومياً وتُسأل عنه وزارة الطرق الاتحادية، لا أتصور أن هذا يمكن أن يعفيها من المسؤولية، ويفترض أن حكومة الولاية عبر معتمديها ومحلياتها ونوابها ووزرائها، هي واجهتنا ومعاولنا وسيوفنا!!
* صحيح أيضاً إن أكثر من تسعين بالمائة من هذه الأزمة تكمن في رداءة الطريق، بيد أن ثمة نسبة من المسؤولية تقع على إدارة المرور، بحيث تستطيع (شرطتنا البيضاء) في هذا الميدان الضيق كما عودتنا دائماً، أن تصنع بعض عبقريات تحوطاتها، وهي صاحبة ثقافة التفوبج ومشروع التتبع الجغرافي الطموح المرتقب !!
* خروج.. بطبيعة الحال سيطول انتظارنا لهيئة الطرق.. أو قل بطريقة مضاربنا تلك (بيطول)!! فليس أقل من مناشدة سعادة اللواء خالد بن الوليد المدير العام للمرور السريع، صاحب البصمات المرورية البيضاء المميزة، بأن يضع لنا بعض المعالجات والإسعافات لتقليل الخسائر ريثما تنتظم حركة حكومة الولاية وهي تستقبل والياً جديداً !!
* خروج أخير.. اتسعت حركة المرور والاقتصاد بدخول عشرات الآلاف من المُعدِّنين، فضلا عن مصانع الأسمنت بقاطرات نقلها البرية، وفي المقابل ضاق الطريق على ضيقه في هذه المنطقة الضيقة أصلا.. نتابع ونفيد..


تعليق واحد

  1. هذا المقال كان اولى بك ان توجهه الى الولاة الفاشلين الذين دمروا الولاية وبنياتها من طرق وكهرباء ومستشفيات – ولاة اغتنوا من جوع وفقر شعب الولاية منهم من ملك المزارع والمصانع ومنهم من رعى ( الثور ) وظل يستمتع بمشاهدة الثور في ( ليلة دخلته ) ومنهم من لا يدري اين شمال الولاية من غربها
    لن يقف الموت في هذه الطرق دام الولاة لا يعرفون صلاحية الطريق من عدمه وطالما هم لا يموتون فيها –