مزمل ابو القاسم

في نيابة المال العام


* نشطت نيابة الأموال العامة خلال الأيام الماضية في تحريك جملة من القضايا الكبيرة، واستدعت أسماء لامعة للتحقيق معها في اتهامات تتعلق بالتعدي على المال العام، ومن بينها تحقيق مع شخصية قيادية في الحزب الحاكم، وآخر يتصل بمخالفات مالية منسوبة لبعض قادة الاتحاد السوداني لكرة القدم.
* صحوة مطلوبة، وانتفاضة محببة، لأنها تدل على جدية السلطة في محاربة الفساد، وتؤكد حرصها على تطبيق مبدأ (لا كبير على القانون).
* ذاك هو النهج الوحيد الذي ينبغي أن يتم التعاطي به مع قضايا الحق العام.
* إطلاق يد المراجع العام كي تحقق وتراجع وتدقق وتحيل المخالفات المالية إلى نيابة الأموال العامة، لا للجان كرتوينة، يراد لها أن تقوم مقام المراجع العام، وتلغي دوره، وتغل أياديه عن ملاحقة الفاسدين.
* حقق المراجع في العقود التي تربط وزارة الصحة ولاية الخرطوم مع جامعة مأمون حميدة، ودقق مستنداتها، ورصد مخالفاتها، وأعد تقاريره وأرسل نسخاً منها إلى أمانة حكومة ولاية الخرطوم، ووزير الصحة، ورئيس لجنة الصحة في المجلس التشريعي، ووزير المالية، ورئيس الإدارة القانونية بالولاية.
* حدث ذلك قبل أكثر من عامين فماذا كانت المحصلة؟
* المحاولة الأولى استهدفت دفن القضية، وتمت بفتح بلاغ من وزارة حميدة ضد جامعة حميدة!
* البلاغ ولد ميتاً، وتم شطبه (أو حفظه لا ندري) قبل سماع شهادة المراجع في التقرير الذي استند إليه البلاغ.
* الإجراء الثاني أثمر تكوين لجنة لمراجعة ما راجعه المراجع القومي قبل أكثر من ثلاثين شهراً من الآن.
* لقد كفاني الزملاء الطاهر ساتي وضياء الدين بلال ومحمد عبد القادر مشقة التعرض للجنة المثقوبة، عندما نفض الأول يده منها، ورفض قبول عضويتها، وطعن في سلامة تكوينها، وكتب الثاني مقالاً بماء الذهب، حمل عنوان (اِستحِ يا رجل)، وتعرض فيه إلى تجربته مع مثل تلك اللجان، وضرب المثل بما تم في قضية الأوكسجين الشهيرة، وأجزل الثالث النصح للوالي، وكتب ما يلي: (كان غريباً على نهج الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين، أن يفاجئ الناس بتكوين لجنة للتحقيق في تجاوزات منسوبة لوزارة الصحة، بلجنة مكونة من وزارة الصحة)!
* نقول لوالي الخرطوم، إذا كنت جاداً في ملاحقة الفساد الذي شاب توقيع وتنفيذ العقود التي تربط وزارة حميدة مع جامعة حميدة، فعليك أن تحيل الملف بكامله إلى وزارة العدل ونيابة الأموال العامة، أو تطلب تحريك البلاغ المقبور فيها منذ عامين.
* أما اللجنة التي كونتها فتكفينا شهادة الزميل إمام أحمد إمام فيها، عندما أقر بأنها أتت (بعد كثير رجاءات وإلحاح ومضاغطات من مأمون حميدة)، لذلك لم نستغرب أن يأتي تكوينها مختلاً، لتضم عدداً من المقربين للوزير المستثمر، وفي مقدمتهم مدير عام وزارته، الذي خاطب جامعة الوزير طالباً منها أن تتولى إدارة مركز التميز للطوارئ، فقبلته بلا إبطاء.
* عقود راجعها المراجع وأفتى فيها، كيف يتم تكليف لجنة كونت بضغوط من حميدة بمراجعتها من جديد؟
* ذلك الإجراء المختل المريب يعني أحد أمرين، إما إنكار سلطة المراجع العام وعدم الاعتراف بتقاريره والطعن في أهليته وكفاءة مراجعيه، أو محاولة الوصول إلى نتائج تخالف التي وصل إليها المراجع قبلاً.
* في الحالتين لن تحظى مخرجات اللجنة بأي احترام.. من الرأي العام.