الهندي عز الدين

الحوار الوطني .. قلوبهم مع القاعة وعقولهم في (أديس) !


لم يستطع الأمين العام لمؤتمر الحوار الوطني البروفيسور “هاشم علي سالم ” أن يلخِّص مخرجات الحوار الوطني الذي استمر لـ(5) أشهر متواصلة، في تقرير محكم ومختصر ومفيد، خلال كلمته في لقاء أمس الأول بقاعة الصداقة بالخرطوم، فقد ظل الرجل يتشعب في الحديث داخل وخارج السياق، بل وخارج النص المكتوب، لأكثر من ساعة زمن، بينما المفروض أنه من حدد زمن بداية الجلسة ونهايتها وتشاور مع الرئيس حول أسماء المتحدثين، غير أنه وللأسف الشديد مع نماذج أخرى من الذين صعدوا المنصة دون استعداد لها، كانوا من مثالب الجلسة التي امتدت قريباً من منتصف الليل، ثم لم تضف أي جديد لمسيرة الحوار الوطني.
وكان الأجدى أن يتم الإعلان عن تأجيل موعد عمومية الحوار إلى (أكتوبر) دون حاجة إلى جلسة طويلة ومملة يحكي لنا فيها البروف “هاشم علي سالم” قصصاً تضاف إلى حكايات الأستاذة المناضلة ” تراجي مصطفى” !!
قال بروف ” هاشم ” إن هناك أناساً كانوا يظنون الحوار الوطني مجرد ( طق حنك) ، ( لكن لما جبناهم وقفلناهم جوه القاعات وشافوا الحاصل اقتنعوا …) !!
اقتنعوا بي شنو ؟!
الأمر يا بروف ما يزال في طور التوصيات، وحتى هذه فشلتم في إعلانها عبر تقريرك المطول غير المفيد، فماذا نستفيد من حساب عدد ساعات جلسات لجان الحوار؟! لماذا تنصرف يا دكتور للإحصاء والرياضيات وتترك لب الموضوع وهو قضايا السياسة والحكم والحريات والاقتصاد.
نقبت في سيرة بروف “هاشم” وأنا أعلم أنه من مديري الجامعات وكبار الأكاديميين، وبعض الساسة، وغالب العوام يستشعرون نقصاً دائما تجاه الأكاديميين، عطفاً على سيرة دكاترة من زمن الموسوعية المدهشة أيام الفطاحلة ” عبد الله الطيب ” و” النذير دفع الله ” و”عون الشريف قاسم” وغيرهم، لكنني عندما تمعنت في السيرة الذاتية للأمين العام للحوار الوطني وجدته عالماً في مجال (هندسة النسيج) ، وهو تخصصه ومنطلق أبحاثه ودراساته!
فما علاقة هندسة النسيج بهندسة الحوار الوطني؟، علما بأن أميننا العام لم يمارس السياسة محترفاً ومتفرغاً، أو زعيماً كان متحزباً فتقاعد إلى الحياد، مرتدياً لبوس القومية، مثل بعض الذين جلسوا بالأمس متفرجين في مقاعد الشخصيات القومية، وغالبهم كان جديراً بأمانة الحوار.
وغير الأداء المرتبك للأمانة العامة، فإن أبلغ ما يضر بالحوار الوطني هو المنهج (التاكتيكي) المسيطر بصورة مستمرة على مركز تفكير الحكومة وحزبها الحاكم، إذ أن قلوبهم في حالة الحوار مع (قاعة الصداقة) ، لكن عقولهم في ” أديس أبابا” وعيونهم في حقيبة ” أمبيكي “!!
ما لم يتحرر الحوار الوطني من مواعيد وخطط ” أمبيكي” الطويلة والمتفرعة، فلن يبلغ هذا الحوار نهايته السعيدة.