أم وضاح

قال تصدير قال!!


لفت نظري أمس الأول فعالية (وهليلة) نقلتها شاشات الأخبار احتفالاً وابتهاجاً بما قيل إنه تصدير السودان لأدوية إلى دولة اليمن، وصراحة مثل هذه الأخبار تحتاج لوقفة وتأمل مش لأهميتها، ولكن لأنها تمثل قمة الاستهزاء بعقل المواطن السوداني الذي يظن البعض أنه قد يشغله بأخبار تشبه البالونات كبيرة الأحجام خفيفة الوزن القابلة للطيران!! والحفل الذي حضره وزير الصحة الاتحادي جاء في وقت يعاني فيه المواطن السوداني من ارتفاع أسعار الدواء بشكل غير مسبوق، إلى جانب خروج الكثير منها خارج مظلة التأمين، ليشكل الدواء بذلك التحدي الأكبر الذي على المواطن التغلب عليه وإلا صرعه المرض ولا مقابل للصحة إلا الدواء، فكيف نكون لم نصل بعد مرحلة من الاكتفاء الذاتي ولا حتى نصفه من الدواء ونتحدث عن تصديره إلى دولة أخرى هي نفسها تعيش أوضاعاً مأساوية بسبب الحرب اللعينة، مما يعني أن المقابل والعائد بالعملة الحرة هو نفسه في كف عفريت، وهي دولة غير مستقرة اقتصادياً وأمنياً، لكن ده ما موضوعنا أذن المهم الآن مصداقية هذا الحدث، وإن كنا بالفعل قد وصلنا إلى مرحلة التصنيع؟؟ وما أنواع وكمية هذا الصادر وما الذي سيسهم به دفعاً لخزينة بنك السودان، لكن نقول شنو لاستعراض العضلات ونفخ القرب المقدودة! ومد حبال الآمال لشعب ينتظر بارقة فجر يحول حاله من حالٍ إلى حال وقبلها زين له وزير المعادن وطاقمه السماء ذهباً (يداري ويلالي) عند توقيع اتفاقية القرض الروسي، وأن الشركة الروسية (حتسوي البدع) وسيعم الخير كل الغلابى والتعابى، وحدد الوزير مهلة لذلك، لكن مرت الأيام والأسابيع والشهور واختفى الحلم الذي نخشى أن يتحول إلى كابوس في حال ثبت أن الوقائع غير صحيحة وأن المعطيات لم تحمل قدراً من الشفافية والمصداقية، وسنظل ننتظر أن يتحقق الوعد والعهد ولو بعد حين لتضاف لقائمة الآمال المبذولة بلا معطيات على أرض الواقع، أمل جديد من تصدير السودان للدواء وفيه من يبحث عن نجاح (الفانتولين) ولا يجده وعن حبوب الضغط والسكري ليكتشف أن أسعارها تتضاعف كما كرة الثلج في ليلة شتوية عاصفة، لكن رغم هذا الواقع نشاهد وزارة الصحة تمد لسانها وتحتفل بتصدير الدواء وهي تعلم أن زيتها ما مكفي أهل البيت، فكيف لها أن تتعشم بمنحه للجيران.. ده كان أصلوا الموضوع يرقي للتصنيع والتصدير مش كرتونتين سلفا وكرتونة بنسلين وقال تصدير قال!.
{ كلمة عزيزة
واقع الخرطوم المأزوم والذي يرقى لمستوى وصفه بالكارثي يؤكد ما ذهبنا إليه سابقاً وقلنا مراراً وتكراراً أن مجلس تشريعي هذه الولاية (قاعد ساي) خيال مآته لا بهش ولا بنش، ولو كان مجلسنا فاعلاً لاستدعى وزير الصحة وحمله مسؤولية التردي الصحي الذي تشهده الولاية، ولو كان مجلساً فيه (رقشة) لاستدعى وزير البنى التحتية وسأله عن شوارع الظلط (طرقة الكسرة) التي جرفتها مياه الأمطار وتحولت إلى شوارع ترابية سيئة الرصف من المسؤول عن هذا الفساد الواضح؟؟ والمفترض أن هذه الطرق تخضع لمقاييس هندسية معلومة على أثرها تحدد لها الميزانيات والتكلفة، لكن الكلفتة والجغمسة الحاصلة في شوارع الخرطوم تخلي الموضوع فيه إنّ عن من الذي رصف الشوارع وبأي ميزانيات وبأي شروط للجهات المنفذة وآخر بدع مجلس الهناء أنه رفع جلساته للمساعدة في درء الأمطار يعني ده على أساس أن الجماعة حيشمروا جلاليبهم ويذهبوا مع العامة لردم الشوارع وحمل النفايات!! يا أخوانا قولوا كلام نعقلوا ونصدقوا وبلاش تضحكوا فيكم الناس.
{ كلمة أعز
لا يختلف اثنان في أن الحوار الوطني والوصول به إلى تفاهمات بين أبناء الوطن الواحد هو الطريق الأسلم لحقن الدماء وحل مشاكل البلد، وفي ذلك يحمد للحكومة أنها بذلت تنازلات كان نتاجها جلوس الكثيرين إلى طاولة الحوار في انتظار من لم يحضر، لكن دعوني أقول إن (لهفة) الحكومة على اكتمال أركان هذا الحوار جعلها للأسف تفرد مساحات لبعض من لا وزن لهم على الخارطة السياسية، فلا قواعد ولا ثقل ولا تحالفات مثالاً على ذلك السيدة “تراجي مصطفى” ومع كامل تقديري لها (كبني آدمه) إلا أنها سياسياً لا تستحق هذه الهليله والاستقبالات و”تراجي” مشت و”تراجي” جات وعلى الحكومة أن تمتلك قدراً من الذكاء تجعلها تفرق تماماً ما بين البوق وأصحاب القرار المؤثرين حتى ينجح هذا الحوار ويصل إلى حيث ينبغي أن يصل.