الطيب مصطفى

دعوة للتفاؤل


أكتب هذا المقال بين يدي اجتماعين مُهميْن انعقد أحدهما أمس الأول للجمعية العمومية للحوار الوطني والذي يتلوه اليوم انعقاد اجتماع ثانٍ لتوقيع خارطة الطريق يبذل فيه كل من الإمام الصادق المهدي وكل من زعيمي حركتي دارفور الرئيسيتين جبريل إبراهيم ومني أركو مناوي بل وعرمان والذي – ورب الكعبة – لا أدري ما ينطوي عليه وهو يقرر بعد تمنع، القبول بتوقيع تلك الخارطة التي قال فيها وفي مقدمها ثابو أمبيكي ما لم يقل مالك في الخمر .

بعد توقيع خارطة الطريق تكون الساحة السياسية قد استدبرت عقبة كؤوداً عطلت مسيرة السودان السياسية أربعة اشهر .

وهكذا يتقلّب السودان وشعبه الصابر بين الابتلاءات، فهل يسوقه قادته إلى المستقبل الزاهر والسلام والأمن والعيش الكريم بتقديمه على أنفسهم وأهوائهم الصغيرة أم يرمون به في مهاوي الردى كما فعل أمثالهم من قيادات دول أخرى كانت تنعم ببحبوحة العيش ومرافئ السلام قبل أن تمزقها سخائم النفوس وأضغانها شر ممزق؟

نُقبل بعد توقيع عقبة خارطة الطريق على تحديات جسام أخرى نرجو أن نتجاوزها جميعاً بذات الروح التي ساقتنا إلى القفز فوق حظوظ الأنفس الشح للتوقيع على تلك الوثيقة الوطنية التاريخية وهو تحدٍّ يحتاج إلى أولى العزم والبذل والتضحية لا إلى الصغار الذين لا ينظرون إلى الدنيا ومن فيها إلا من ثقوب أنفسهم الأمارة بالسوء.

أقولها بكل صدق إن الأربعة بذلوا بذلك التوقيع التقدير والاحترام فقد أقبل هؤلاء رغم همزات الشياطين ووسواسها الخناس الذي يجيد النزغ حتى بين المتحابين ناهيك عن المتخاصمين ليباعد بينهم وينشر ثقافة التباغض والتدابر.. أقبلوا على خارطة الطريق مبدين استعداداً محموداً لتوقيعها بعد تردُّد وخوف أملاه عدم توافر الثقة الذي ضرب المشهد السياسي وأحاله إلى تربص وكيد خيم على حياتنا وأحالها إلى ساحة معركة توشك أن تنزلق بنا إلى ما تضطرم به سوريا والعراق والصومال وليبيا واليمن وغيرها.

لقد تفاعل (تحالف قوى المستقبل للتغيير) الذي نحن جزء منه مع التطور السياسي الأخير وقرر المشاركة في اجتماع الجمعية العمومية، ولكن روح (الغرق في شبر موية) أبت إلا أن تطل في اللحظات الأخيرة لتعكر صفو أجواء التوافق لتدفع التحالف للتراجع عن حضور الاجتماع، فقد أبى المؤتمر الوطني أن يتيح فرصة الحديث لرئيس التحالف د. غازي صلاح الدين بالرغم من أنه منح فرصاً عديدة لأفراد لا يمثلون إلا أنفسهم ولأناس لا يدانون د. غازي عطاءً وقدرات أو يبلغوا معشار قدر تحالفه.. إنها الروح التي عطّلت مسيرة السودان ردحاً من الزمان.. روح التخاصم والتدابر والتشاكس تأبى إلا أن تطل برأسها كل حين لتعكر الصفاء وتباعد بين الناس وتعمّق من الجراح وتهوي بالوطن إلى مستنقع الاحتراب والتنافر .

ما كان سيقوله غازي قيل أكثر منه خلال الاجتماع من آخرين، فقد طمأنت القائمين على الأمر بعد التحقق من غازي أنه لن يكون فاحشاً ولا متجاوزاً بل رقيقاً وموضوعياً ولكن!

نسي الناس ما فعله غازي في مسيرتهم ومسيرة الوطن الطويلة كما نسوا أنه كان صاحب اتفاقية أديس أبابا بين الحركات المسلحة ولجنة السبعة + سبعة في الرابع من سبتمبر 2014 والتي تم اعتمادها من قبل الجمعية العمومية للحوار الوطني.

أقولها ناصحاً إننا نحتاج إلى روح غلابة وعزيمة جبارة لتجاوز بقية العقبات التي ستنشأ عقب التوقيع على خارطة الطريق وذلك رحمة بوطننا المأزوم الذي ينبغي للقوى السياسية جميعاً أن تتجرد في سبيله عن أهوائها وتتخلى عن مراراتها وأضغانها لتحقيق التراضي الوطني المنشود.

أعجبني خطاب نشره الإمام الصادق المهدي بين يدي اجتماع الجمعية العمومية للحوار، فقد قال بروح الكبار المتجاوزة عن السخائم والمرارات ما يلي :

مهما اختلفت مشاربنا السياسية وانتشرت المرارات في نفوسنا فإن منظماتنا السياسية لم تقاطع بعضها بعضاً بل حافظت على حبال الوصال بينها رغم قسوة عوامل الفصال).

بهذه الروح ظل الإمام الصادق يتسامى ويحلّق في سماوات المجد والسؤدد فها هو يعلن عن روح عُرف بها ظلت تتجدد عبر حقب التاريخ.

ستكون قوى المستقبل للتغيير شاهدًا على الحدث بصفة مراقب من خلال وفد يقوده رئيسها في اجتماع أديس أبابا الذي ينعقد اليوم.

حل مشكلة السودان تعتمد بعد توفيق الله تعالى على توافق كثير من القوى السياسية نحن في قوى المستقبل للتغيير من بينها، لكن يتعاظم دور خمس شخصيات هي التي تستطيع أن تقفز بالحوار إلى غاياته وبالوطن إلى التراضي والوفاق المفضي إلى بر الأمان عبر المسار الديمقراطي بعيداً عن الاحتراب والخصام.

هذه الشخصيات هي :

أولاً الرئيس البشير الذي لا تزال الفرصة مواتية أمامه لكي يصنع التاريخ ويدخل من أوسع أبوابه من خلال القفز فوق الحواجز مهما بدت عالية وصعبة التجاوز والتي تحول دون صنع المستقبل المُتراضى عليه بين القوى السياسية المسالمة والمحاربة.

ثانياً وثالثاً ورابعاً وخامساً: رباعي قوى نداء السودان ممثلاً بالإمام الصادق المهدي ود. جبريل والأستاذ مني أركو مناوي وعرمان.

أقول إنني أرقب بإعجاب شديد موقف جبريل ومناوي سيما بعد أن قرأت بعض ما كتبوا وبالرغم من رأيي السلبي في عرمان فدعونا نتفاءل ونتمنى ولو مرة واحدة في حياتنا أن نجني من الشوك العنب.


تعليق واحد

  1. ماذا تتوقعون من حزب أدمن الانبطاح قلناها مرارا وتكرارا هنالك معطيات كلها تصب فى صالح الدولة ورغم ذلك ينبطحون

    أ-داخليا دارفور
    1-تم سحق التمرد نهائيا فى دارفور وربنا يجزى قوات الدعم السريع كل خير ويجعله فى ميزان حسناتهم ويحتسب الشهداء ويشفى الجرحى
    2-تشرذمت الحركات الى حركات أثنية بحتة ثم داخل الأثنية الى بطون زغاواة( كوبى بديات وقيع) + زغاواة تشاد
    3-زيادة عدد الولايات ساهم فى أستقرار الاوضاع بتقسيمها عرقيا العرب 65% من سكان دارفور ولايتين الفور 25% ولاية وولاية للمساليت وولاية للبرتى مع العلم بأن الزغاواة يمثلون 2% فقط من سكان دارفور أكرر 2% بما فى ذلك زغاواة تشاد المجنسين أبكر اول زعيم للتمرد تشادى قح هلك فى بدايات التمرد وهو قريب مناوى كبير مساعدى الحلة سابقا

    ب-داخليا النيل الازرق – جنوب كردفان
    النيل الازرق خالية من التمرد بنسبة 98% وجنوب كردفان بنسبة 95 %
    شعوب وقوميات الولايتين ضاقت الأمرين من عقار والحلو أثناء حكمها (أثنية بحتة فى الوظائف)
    ومن ثم بعد تمردهما الثانى يعنى الرأى العام فى مجمله 90% ضد هذه الشرذمة

    ثانيا الوضع فى الاقليم والمنطقة
    1-هلاك القذافى وتحول حركات دارفور لمرتزقة يقاتلون من اجل المال تارة مع القردافى لعنه الله وتارة مع حفتر لعنه الله وألحقه بسلفه وتارة مع سلفا ولا ندرى مع من غدا!
    2-تحسن العلاقات مع تشاد بل وتطورها
    3-أشتعال حرب الأخوة الاعداء فى الدويلة الجديدة
    4-أعتراف المجتمع الدولى بخطأه فى دعم أنفصال الجنوب
    5-تفجر الاوضاع فى الاقليم من الصومال لجنوب السودان لأفريقيا الوسطى لمالى لليبيا وسيناء وتمدد بوكو حرام دفع أمريكا والغرب لتغيير سياساتهم كما أن فشل هذه الحركات العميلة كلها رغم الدعم العسكرى المالى الدبلوماسى بل وصل الامر لتخصيص قمرين صناعيين لرصد تحركات الجيش وقوات”الردم السريع” فى النيل الازرق وج كردفان وكما قال أحد مسؤولى ملف السودان السابقين قال أكثر بلد حوصر ووجدت معارضته دعما ماليا وعسكريا دبلوماسيا هو السودان ولكنهم أثبتو انهم “أقل من التحدى”
    6-علاقات ممتازة فى أغلبها مع جميع دول الجوار بأستثناء الدويلة الجديدة ولكنها مستقرة
    7-علاقات ممتازة مع بقية الجوار فى الاقليم من حولنا والى حد ما مع الغرب
    للأسف برغم كل هذه المعطيات سيواصل حزب الطاطاة والانبطاح والأنبراش سيواصل ممارسة هواياته بل أتوقع هذه المرة انه سيسن سنة سيئة جديدة تضاف لسيئاته القديمة فى ما يسمى بالمفاوضات وربنا يستر اللهم أحفظ البلاد والعباد من كيد هؤلاء وشر اولئك.