مقالات متنوعة

شمائل النور : خارج دائرة الاهتمام..!


استوقفني خبر محلي جداً حدث في إحدى الدول الجارة أمس، لكنّه على محليته تصدّر أخبار وكالة عالمية، الخبر هو مَقتل عددِ من الأشخاص في حَادث مروري، وهي لَيست المرّة الأولى التي يتصدّر فيها خبر محلي بالمعايير المعروفة وكالات الأنباء العالمية أو بعضها، بينما تقع في بعض الدول والسودان منها، أحداث أكبر من ذلك وذات بُعد قومي لكنها لا تجد ذات النصيب، وهذا يَضعنا أمام الصورة الكلية، أين يقع السُّودان من خارطة الإعلام الإقليمي والعالمي.
على سبيل المثال، في عام 2014م ومع تأزم الأوضاع في ليبيا واستمرار المعارك، سقط صاروخ على سكن سُودانيين في طرابلس، أدى إلى مقتل حوالي 20 – 29 شخصاً، في نفس التوقيت، سقط صاروخ على سكن عُمّال مصريين ما أدّى إلى مقتل نحو 23 شخصاً، لاحظت أنّ الإعلام العربي تناول خبر سُقوط الصاروخ على سكن مصريين، وحتى الإعلام الغربي الناطق بالعربية تناول الحادثة بالتركيز على العُمّال المصريين، رغم أنّ الحادثتين لا تختلفان من حيث القيمة الخبرية.
هل السودان بالفعل خارج اهتمام الإعلام العربي الإقليمي والعالمي، هل دخل دائرة الاهتمام بعد تفجر الحرب في دارفور وخرج من دائرة الاهتمام بعد ما استقر الإقليم على ما هو عليه؟ السؤال الذي يُطرح بقوة أين نحن من العالم العربي، ومن أفريقيا وأين نحن من العالم، بل أين السُّودان في خارطة إعلامه (القومي).. الصورة الذهنية عن السودان لدى المُتلقي العالمي لا تخرج من: الحرب في دارفور، الإرهاب وقوانين الشريعة، والسُّودان لم يعد مُؤثِّراً لا سلباً ولا إيجاباً، وإن كان ثمة تأثير أو اهتمام إقليمي يأتي من باب أن يكون السودان جسراً مُؤقتاً لعبور مرحلة مُحدّدة، وليس هناك بُعد استراتيجي يجعل السودان بلداً مُهمّاً.
هذا الوجود خارج دوائر التغطية الإعلامية ربما يُفسِّر حالة التفاعل العالية لدى كثير من السُّودانيين مع الأحداث الخارجية أكثر ممّا يحدث داخلياً، لأنّ الإعلام العربي والإقليمي لا يهتم بقدر مُتساوٍ بين ما يحدث في السودان وفي دولة أخرى، أن يكون السودان خارج التغطية الإعلامية نتيجته أن يكون خارج اهتمام المُجتمع الدولي أو العكس، وهذا ما ظلت تُردِّده المنظمات الدولية فيما يتصل بتمويل العمليات الإنسانية، أن المانحين تراجعوا عن التزاماتهم تجاه العمل الإنساني، خروج السودان من اهتمام المجتمع الدولي مردهُ شيء واحد وهو توقف الفعل الحقيقي. أمس وقّعت أطراف المعارضة اتفاقاً مع الحكومة بوساطة أفريقية، إلاّ أنّه لم يجد اهتماماً من قبل الإعلام الإقليمي والعالمي، فقط لأنّ الفعل أصبح مُكرّراً وباهتاً وفاقداً لقيمته.