مقالات متنوعة

حماد صالح : آخر تتويج للرئيس


فى زمن غابر يحكى أن ملكاً متجبراً وقاهراً لشعبه ومذلاً لهم ومنكداً عليهم عيشتهم جاءه وزيره يوماً وقال له يا سيدى الناس غاضبون عليك فقال له الملك : ويحك ولم هم غاضبون ؟ فقال الوزير : من شدة بطشك بهم يا مولاى , فسكت الملك ثم بعد مدة قال للوزير دعنى افكر فى الأمر ثم أخذ زمناً طويلاً فى التفكير وبعد مدة نادى الملك خادمه واسمه جوهر وقال له اذهب وقل للناس أن من يحكى للملك قصة لا تنتهى سوف يتنازل له عن الملك , فذهب جوهر ونادى فى الناس أن من يقص على الملك قصة لا تنتهى سوف يتنازل له عن الملك , هنا ردد الناس بصوت واحد : بشرك الله بالخير يا جوهر.
قصة اخرى فى ممالك الفور القديمة سلطاناً متجبراً وذا بأس شديد وكان من حكايات قهره وذله لشعبه أن يجعل الرجال فى موضع الشعب(بكسر الشين وفتح العين جمع شعبة ) من القطية أى أعمدة تحمل بيته ’ ويوماً ما وضعت اخته ولداً فسمته عليه وجاءت تحمله وهى فرحة وقالت له سميته على اسمك فما كان منه الا أن أمر بسحق الطفل فى حجر الرحى فأضمرت اخته حقداً دفيناً عليه وفى يوم من الأيام قالت له انك رجل شجاع وقوى وامتطيت الابل والخيل والثيران ولكنك لم تمتطى التيتل كما يفعل السلاطين فأمر جنوده أن يحضروا له تيتل فجيئ به وجاءت اخته تحمل جلداً طرياً وقالت أوثقوه بهذا الجلد حتى لا يسقط أخى من ظهر التيتل ويصبح اضحوكة بين السلاطين فصنعوا من الجلد الطرى حبلاً وأوثقوا به السلطان على ظهر التيتل ثم أطلقوا التيتل فهرب التيتل بكل قوته الى أبعد مكان وفى كل يوم يجف الجلد على السلطان فيتحكم الوثاق على السلطان وعندما بحث الجنود عن السلطان لم يجدوا الا أعضاءه واحدة بعد اخرى فلم تبق الا ذكراه السيئة .
سيدى الرئيس فى قصة كل فرعون عبرة لمن يعتبر وفرعون الأكبر حكى عنه القرآن الذى أظنك تقرأه ألم تر أن رب العزة أرسل موسي وأخيه هرون وقال لهما ( وقولا له قولاً ليناً ….) ’ ألم يتعهد لك زعماء المعارضة بأن يخرجوك بسلام؟ فأى قول ألين من هذا ؟ ألم يوعدوك بالافلات من الجنائية ؟ وأى قول ألين من هذا ’ ألم يضمنوا لك هبوطاً ناعماً وخروجاً آمناً أنت ونظامك ؟ فأى قول ألين من هذا ؟ فهل يا سيدى الرئيس تدبرت الآيه ( وقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر .. .. ) هل تذكرت الرئيس عبود كيف تم اقتلاعه وهل تذكرت الرئيس نميرى بعد قوة ومنعة وشدة كيف زال ملكه أم هل تذكرت بالأمس القريب الرئيس حسنى مبارك والرئيس زين العابدين بن على ؟ هل تمعنت فى هذه الآيه ( وقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى ) ألم تخشي ما حدث للقذافى وهو فى قمة مجده وتتويجاته حيث انتهى نهاية مأساوية بعد شهور فقط من آخر تتويج ألا تتعظ من مصير هؤلاء .

انه آخر تتويج ..

كل الدلائل تشير الى أنه آخر تتويج فالذين جندتموهم للحرب وقلتم لهم أنكم تحاربون باسم الله فانخدعوا لكم وماتوا فى ساحة القتال قد عرفوا وهم فى قبورهم أنها ليست لله كما تقولون ’ لقد عرفوا أن الجنوب الذي ضحوا من أجله قد ضحيتم به فأصبحوا يلعنونكم ليل نهار فلسان حالهم يقول وهم فى قبورهم ( ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعناً كبيرا )

انه آخر تتويج ..

ضحايا دارفور وجنوب النيل الأزرق وجبال النوبة أرواحهم تلعنكم ليل نهار ’ وآلام النازحين ودموع اليتامى والأرامل والامهات’ تلعنكم ليل نهار .

انه آخر تتويج ..

الذين هدم السيل بيوتهم وأذلهم الفقر والذين ألتوت بطونهم من الجوع والذين هدتهم المسغبة والذين هاجروا من أوطانهم وتركوا نساءاً وأطفالاً كلهم يلعنونكم
والذين فرحوا عندما قلتم أنكم لن تترشحوا مرة اخرى لم يقولوا فى نفوسهم بشرك الله بالخير يا عمر بل قالوا ( الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ) ولكن خاب ظنهم وترشحتم مرة اخرى فقتلتهم الحسرة والغيظ ’ أيضاً يلعنونكم .
سيدى الرئيس ألا تعلم أن الشيخ زايد مؤسس دولة الامارات كان يضع نصب عينيه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اللهم من ولى من أمر امتى شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه ومن ولى من أمر امتى شيئاً فرفق بهم فارفق به ) . ودعاء الرسول لا يرد.

سيدى الرئيس ما قيمة كرسي الصحة الأبدية الذى أجلسك عليه الهنود السيخ وشعبك أنهكه المرض وقتله الفقر وما قيمة عباءة الكرامة التى ألبسك اياها الأفارقة وشعبك أضناه الذل وهو يبحث عن لقمة العيش خارج وطنه وأى كرامة وبلدك متصدر قائمة الدول الأكثر فساداً فى العالم ’ وما قيمة قميص ميسي وتوقيعه وقد دمرتم الرياضة وما قيمة ابتهاجك بذلك ورقصك وشعبك قد ذاق الأمرين فى عهدكم ؟

سيدى الرئيس يبدو أنك قد حق فيك قول الله كما حق فى جماعة فرعون عندما دعى عليهم موسي
( ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم)
.فشعبك الآن يدعوا عليك ألا تقبل بوعود زعماء المعارضة ولا تقبل بأى تسوية يعرضها المجتمع الدولى حتى يجرفكم الشعب بثورة تقضى على أولكم وآخركم.

حماد صالح