الطاهر ساتي

شماعة الأطفال


:: وزارة الصحة تحتفل بالأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية، ثم تكشف عن نسبة وفيات الأطفال لعدم توفر الرضاعة الطبيعية (19%)، ثم تٌحمل العقوبات الأمريكية مسؤولية حرمان الأطفال من بعض الأجهزة الطبية .. كل هذه المعلومات في ( خبر واحد)، بصحف الأحد الفائت، بحيث تبدو كنعي وإعلان ذاك التاجر البخيل .. فلان ينعي شقيقه ويفيدكم بنقل محلاته التجارية من شارع الحرية إلى شارع البلدية .. لا علاقة بين العقوبات الأمريكية و وفاة الأطفال لعدم توفر الرضاعة الطبيعية .. وزارة المالية السودانية – وليست العقوبات الأمريكية – هي التي تساهم في زيادة وفيات الأطفال بسوء التغذية ..!!
:: ودراسة أجرتها منظمة اليونسيف تكشف أن الرضاعة الطبيعية في بلادنا لا تتجاوز (55.4%)، وليست (51%) كما تقول وزارة الصحة .. وهذا يعني أن الرضاعة الصناعية تشكل (45.6 %)، وهي نسبة مزعجة ومحفوفة بمخاطر المرض والموت .. نعم، فالرضاعة الطبيعية هي الأفضل والأمثل للطفل.. ولكن ظروف صحية – وأخرى إقتصادية – هي التي تُقزم نسبة هذه الرضاعة وترفع نسبة الرضاعة الصناعية.. فالأم لا تلجأ إلى شراء حليب الأطفال إلا بأمر الطبيب أو لمجابهة تكاليف الحياة بالخروج إلى العمل ..!!
:: وبالمناسبة، بلادنا تحتل المركز السابع في قائمة أسوأ دول العالم في رعاية الأمومة والطفولة، ومن كل الف طفل ينتقل (78 طفلا) إلى رحمة مولاهم بسوء التغذية .. وتقارير الرعاية الاجتماعية – أي الحكومة ذاتها- أشارت قبل أشهر قليلة إلى إقتراب نسبة الفقر في بلادنا إلى (47%).. وهذه النسبة تعني لأي إقتصادي أن نسبة المواليد الذين يولودون في الأسر التي تعيش تحت خط الفقر لا تقل عن تلك النسبة أيضا (47%).. ولذلك، لم يكن مدهشاً أن تشير تقارير منظمة اليونسيف – و أقرت بها وزارة الصحة – قبل عام إلى أن ( 1.800.000 طفل) مصاب بسوء التغذية في بلادنا .. !!
:: وكثيرة هي المؤشرات التي تشير إلى بؤس حال الأمومة والطفولة في بلادنا لحد تقزم الرضاعة الطبيعية إلى (55,4 %) كما تقول اليونسيف، أو (51 %)، كما تقول وزارة الصحة ..ومع ذلك، أي رغم بؤس حال الأمومة والطفولة غير المخفي، تابع أيها القارئ – بصبر الصابرين – لتعرف كيف تساعد خزينة الدولة أطفالنا المحرومين من الرضاعة الطبيعية لظروف صحية وإقتصادية.. وبالمناسبة، كل دول الدنيا والعالم تدعم (ألبان الأطفال)، بحيث توزع مجاناً عبر المشافي أو بسعر زهيد عبر الصيدليات ..ودولتنا السودانية أيضاً – بقلوب هي كالحجارة أو أشد قسوة – تدعم ألبان أطفالنا مراعاة لضعف نسبة الرضاعة الطبيعية..!!
:: كيف تدعم؟.. هكذا .. بأمر وزارة المالية وتحصيلها الإلكتروني، رسوم الجمارك (10%) .. ضريبة القيمة المضافة (17%) .. ضريبة التنمية (13%) .. ضريبة أرباح الأعمال (3%) .. رسوم المواصفات والتخليص (5%).. بهذه الرسوم المفروضة على حليب الأطفال – في دولة تلك هي نسبة الرضاعة الطبيعية في أمهاتها، وتلك هي نسبة الفقر المدقع في أسرها، وتلك هي نسبة سوء التغذية في أطفالها – تساهم وزارة المالية في زيادة نسب وفيات الأطفال .. (48%)، من قيمة كل (علبة لبن)، يجب أن تدفعها الأم العاملة أوالمصابة بسوء التغذية – لخزينة الدولة – ليبقى مولدها على قيد الحياة أو ( لا يبقى) ..هذا العقاب الحكومي أسوأ وأخطر و أقبح من الشماعة المسماة بالعقوبات الأمريكية ..!!


تعليق واحد

  1. بأمر وزارة المالية وتحصيلها الإلكتروني، رسوم الجمارك (10%) .. ضريبة القيمة المضافة (17%) .. ضريبة التنمية (13%) .. ضريبة أرباح الأعمال (3%) .. رسوم المواصفات والتخليص (5%).. بهذه الرسوم المفروضة على حليب الأطفال – في دولة تلك هي نسبة الرضاعة الطبيعية في أمهاتها، وتلك هي نسبة الفقر المدقع في أسرها، وتلك هي نسبة سوء التغذية في أطفالها – تساهم وزارة المالية في زيادة نسب وفيات الأطفال .. (48%)، من قيمة كل (علبة لبن)، يجب أن تدفعها الأم العاملة أوالمصابة بسوء التغذية – لخزينة الدولة – ليبقى مولدها على قيد الحياة أو ( لا يبقى) ..هذا العقاب الحكومي أسوأ وأخطر و أقبح من الشماعة المسماة بالعقوبات الأمريكية ..!!

    ماقلت الا الحق