عالمية

بوتين.. القاسم المشترك بين كلينتون وترامب


في أروقة البيت الأبيض وبين وسائل الإعلام الأمريكية يدور شعار : “المرشح الجمهوري دونالد ترامب سيترجم سياسات الحكومة الروسية الى واقع على الأرض الأمريكية”.

هذا الشعار ترفعه كلينتون بين الفينة والأخرى للإضرار بمنافسها، دونالد ترامب، مدعية بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو من يقف شخصياً وراء قضية الرسائل الإلكترونية التي تم تسريبها الى الإعلام عبر موقع “ويكيليكس” وذلك للتأثير على حملتها وعلى فرص فوزها في الانتخابات الرئاسية.. فوفق صحيفة الـ “واشنطن بوست”، فإن ترامب هو “ذلك الشخص الذي يخوض بحماسة حملة موسكو لزعزعة الإستقرار في أمريكا”، وهي الصحيفة التي كانت قُبيل العام 2015 تمثل المحافظين الجدد واليوم باتت تمثل كلينتون وحزبها أكثر مما تمثل المجتمع الأمريكي.

لم يعد خافياً على أحد أن الحملة الانتخابية لكلا المرشحين قد غيبت تماماً القضايا السياسية والاقتصادية المهمة على الصعيدين المحلي والدولي، وبات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شاغلاً للإعلام الانتخابي بين كلا المرشحين وعنصراً أساسياً في العراك السياسي، حيث يتهم الإعلام الأمريكي بوتين بالتدخل المباشر وغير المباشر في سير الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وهو ما تستغله كلينتون وحملتها لتشويه سمعة الرئيس الروسي في الإعلام لصالحها.

فقد انتقدت كلينتون خصمها الجمهورى دونالد ترامب على “ولائه المطلق” لاهداف السياسة الروسية، إذ اعتبرت أن ذلك يمثل “اشكالية على مستوى الأمن القومي ويثير شكوكا جديدة حول طباعه”. من جانبه، رد ترامب عليها بنبرة تحد مؤكداً أنه “لا علاقة” بينه وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ولم يلتق به، ولا حادثه هاتفياً، “لكن إذا اتفقت بلادنا مع روسيا، فسيكون ذلك أمراً عظيماً”.

ويبدو أن الحبل السري بين كلينتون والإعلام الامريكي من جهة وتهجمه على شخص الرئيس الروسي من جهة ثانية مرده الى أمرين أساسيين:

أولاً: التسويق للحزب الديمقراطي من أجل الفوز في الانتخابات على حساب المرشح الجمهوري وذلك بتأليب الرأي العام الأمريكي ضد ترامب وتصويره بأنه متأثر بالرئيس الروسي بشكل كبير، وكأنه تابع لروسيا.

ثانياً: الانتقام من شخص الرئيس الروسي وذلك بعد أن فاز في الانتخابات الروسية في العام 2011.

لقد جذبت حملة كلينتون الإعلام الأمريكي لصفها في الآونة الأخيرة مستغلة عداءها للرئيس بوتين، لتأجيج الصراع بينها وبين الرئيس الروسي الذي يعود الى ديسمبر 2011 عقب فوز بوتين بالانتخابات الرئاسية حيث اتهمت كلينتون بوتين بالتلاعب بنتائج الانتخابات وهو الأمر الذي سوقته أعلامياً آنذاك كلينتون بصفتها وزيرة للخارجية حيث قالت حينها: ” إن الانتخابات كانت مضللة وغير نزيهة”. وهذا الأمر يُعد تدخلاً في السياسة الداخلية لروسيا الاتحادية. وهذا ما أثار حفيظة الرئيس الروسي إذ قال حينها بعد أعلان فوزه في الانتخابات وعقب اندلاع مظاهرة بسيطة للمعارضة في موسكو: ” نحن بحاجة لحماية أنفسنا من هذا التدخل في شؤوننا الداخلية”.

وحين تتهم كلينتون روسيا والرئيس الروسي بالوقوف وراء التسريبات الإلكترونية لإيميلاتها فإنها تهدف من ذلك تأليب الرأي العام الأمريكي ضد ترامب وضد روسيا، مشيطنة الدولة الروسية وشخص الرئيس الروسي ذاته. ولا بد في هذا السياق من استذكار تعليقات كلينتون عقب اندلاع الأزمة في جورجيا في العام 2008 إذ قامت كلينتون، بعد فوز الحزب الديمقراطي بالانتخابات الرئاسية ووصول باراك اوباما الى منصب الرئاسة، بالطلب منه إعادة النظر في علاقات بلادها بروسيا، مع اعترافها بوجود خلافات جوهرية ومعقدة بشأن عدد من القضايا.

فحملة التشويه الإعلامي ضد روسيا والإدعاء بوجود علاقة لها بترامب تهدف الى قلب الموازين لصالح كلينتون التي باتت اليوم تتقدم على منافسها الجمهوري بعدد من النقاط حتى ساعة كتابة هذا التحليل. فقد علَق ترامب على فرص نجاحه في الانتخابات قائلاً: أنا لا أحتاج الى أن أكون رئيساً”، ولكنه أضاف في مقابلة مع شبكة “سي إن بي سي” الأمريكية: ” “إذا خسرت بعد 90 يوماً لأنني مستقيم سياسياً، في حين أن المطلوب أن أكون المرشح الذكي الذي يحمل اقتراحات أفضل، فلن يكون الأمر خطيراً. تعلمون، سأعود الى حياة جيدة. لا أريد هذا الأمر، أعتقد أنني سأفوز، ولكن سنرى”. كل هذه التصريحات منه تشير الى التلاعب الكبير الذي يمارسه الحزب الديمقراطي على الساحة السياسية وتأثيره على الإعلام الأمريكي من خلال شيطنة روسيا الاتحادية وشخص الرئيس الروسي بوتين كعدو للولايات المتحدة الأمريكية، وتصويره وكأنه المستفيد الأكبر من ترامب في حال فوزه. وتنسى كلينتون أنها في حال فازت مَن هي الدول التي ستسفيد من ذلك؟ إنها باختصار الدول التي تدعم حاليا حملتها بالمال وتشتري ولاء الصحفيين ليلمع نجمها، وبذلك يمكن لتلك الدول الوصول الى مآربها بالعملة الصعبة.

روسيا اليوم