الطاهر ساتي

فرسان عمر ..!!


:: الكرم الذي وجده محمد حاتم من حكومته (قبل القضية)، ومن وزارة العدل ونيابتها (بعد القضية)، لم يجده أقرب جيران حاتم الطائي .. طوال الربع قرن الفائت، وحتى يومنا هذا، لم تبخل عليه الحكومة والحزب بالمناصب، وهذا ما لا يحلم به أكفأ كوادر السودان.. ويوم أقتيد إلى النيابة الأموال العامة بغرض التحري في قضية ذات صلة بالحق العام، هرولت إليه وزارة العدل و إدارة الشرطة وحكومة الخرطوم والحزب الحاكم، ثم أخرجوه من النيابة بعد ساعات، وهذا ما لا يحلم به أي متهم في السودان..!!

:: ومع ذلك، يغضب البعض ويُهاجم وزارة العدل ويهدد المحاكم – بالجهاد فيها – إذا حكمت ضد محمد حاتم.. ثم سيادته أيضاً يخرج للمواقع والصحف (ساخطاً)، لأن وزير العدل حول ملف القضية إلى المحكمة، و لم يمهله وقتاً كافياً في مرحلة التحري .. وهنا نسأل الناس، منذ متى كان للمواطن في بلادنا سلطة التفاوض مع وزير العدل و النيابات ليمهلوه – أسبوعاً أو عاماً – لحين تجهيز نفسه وشهوده ومستنداته ؟.. ومنذ متى كان للمواطن في بلادنا سُلطة شطب أو تحويل قضيته إلى المحكمة (كما يشاء)، و في أي وقت يشاء ؟.. أين، وكيف، ومتى إكتسب المواطن السوداني كل هذه الحقوق المحروم منها محمد حاتم، أو كما يزعمون ( تكبراً)..؟؟

:: ولهؤلاء، نحكي قصة فرسان عُمر..بعد إنتصارهم على الفرس، عاد الجيش فرحاً إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه..وكان الجندي منهم يقدل مزهوا بالنصر العظيم.. إصطفوا أمام أميرهم بملابس فاخرة جلبوها من بلاد فارس.. وظنوا بأن الفاروق سوف يفرح بلقائهم ويجزل لهم الشكر والعطاء نظير هذا الفداء، وهذا ما إعتادوا عليه في مواقف كهذه.. ولكن خاب ظنهم عندما فأجاهم الفاروق باللامبالاة وبعض الحزن.. و أدار عنهم وجهه، ولم يهتم بهم ..!!

:: كان اللقاء صادماً.. وتجلت الدهشة على وجوههم، وكذلك الحزن .. وذهبوا إلى ابنه عبد الله رضي الله عنه، وسألوه : ( لقد أدار أمير المؤمنين وجهه عنا، فما سبب هذا الجفاء بعد ما قدمناه من تضحية وفداء في بلاد فارس؟)..ولأن الإبن يقرأ أفكار أبيه، نظر عبد الله إلى ملابس الجند الفاخرة ، و شرح الأمر : ( إن أمير المؤمنين رأى عليكم لباساً لم يلبسه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا الخليفة أبوبكر الصديق رضي الله عنه).

:: لم يتنطعوا، كما يفعل البعض حاليا ..بل، بدلوا ثياب فارس الفاخرة بثيابهم المتواضعة.. وأودعوا الثياب الفاخرة في بيت مال المسلمين..ثم عادوا وإصطفوا أمام الفاروق.. وهنا، فرح الفاروق وأحسن إستقبالهم.. وعانقهم وكأنه لم يرهم من قبل..فوضعوا بين يديه كل غنائم المعركة، فأمر بتوزيعها إلى أبناء الشهداء (أولاً)، ثم اليتامى والمساكين، ثم إلى الجند ( أخيراً)..ثم غادرهم.. وأدمعت مقل الجيش وهي تحدق في ثياب أمير المؤمنين .. كانت بها أكثر من (رُقعة)..!!

:: تلك حكاية مضت بزمانها وفرسانها.. ومغزاها، أن يكون الرجل مٌخلصاً لحد قتال الفرس، لايعني – بأي حال من الأحوال – أن تمتد يده إلى الحق العام – مالاً كان أو ملابساً أو قانونا – بحيث يحوله إلى (حق خاص).. وأن يكون المرء نافذاً في قومه أوحكومته، لا يعني – بآي حال من الأحوال – أن يتميز عن أفراد شعبه بمزايا هي في الأصل (ملك عام).. وعليه، ليس فيكم طُهر و زُهد ونقاء ( فرسان عمر).. ولذلك، دعوا التنطع والتهريج لتأخذ العدالة مجراها.. وعلى الحزب الحاكم أن يحترم نفسه – قبل الناس والبلد – بتجميد نشاط كادره هذا لحين ( البراءة أو الإدانة)..!!


‫2 تعليقات

  1. هم هؤلاء اذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد واذا سرق فيهم الشريف تركوه .. ليكم يوم .. يوم لا ينفع مال ولا بنون . تحسبونه بعيدا ونراه قريبا