الطيب مصطفى

بين شركة كنار وبنك الخرطوم


تهانينا الحارة لبنك الخرطوم الذي تمكن من تجاوز كل العقبات (والمتاريس) ليحصل على (كنز) شركة كنار، ولا عزاء لصديقي (المندعر) عادل الباز الذي قاتل بضراوة مستخدما مختلف أسلحة الدمار الشامل للذود عن عرين (زين)، نعم لقد انجلت المعركة أخيراً عن انتصار كاسح لقطاع الاتصالات في السودان الذي كان سيواجه اختلالاً عنيفاً وشديداً لو وسد الأمر للشركة الأكبر فالحمد لله رب العالمين أن أعيد التوازن إلى سوق الاتصالات بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى من التصدع.

ما كنا نصدر في موقفنا الذي نافحنا عنه إلا عما نراه محققاً للمصلحة الوطنية العليا وقد تحقق الجزء الأول منها والآن نحن أمام مرحلة جديدة لا تقل أهمية تتطلب عملاً كبيراً وجهداً دؤوباً من بنك الخرطوم الذي عليه أن يعلم أنه أمام تحدٍ كبير ينبغي أن (يتحزم ويتلزم) له ويبذل الكثير حتى يبتهل الفرصة الذهبية التي أتيحت له لينطلق إلى آفاق وفضاءات أرحب ستحقق له وللسودان عوائد ضخمة خاصة على المدى الطويل سيما وأن السودان قد تخلف كثيراً في مضمار الاتصالات الذي شهد طفرات كبرى من حيث التطور والتحديث والتطبيقات الجديدة خلال السنوات الأخيرة وما من مجال في عالم اليوم تحدث فيه تحولات مثيرة ومدهشة بما لا يمكن مجرد تصور ما ستفضي إليه خلال السنوات القليلة القادمة مثل قطاع الاتصالات بتقنياته المفتوحة نحو الفضاء اللامحدود خاصة في مجال تبادل ونقل البيانات الـ(data) وإذا كان العلم الذي أتيح لسيدنا سليمان قبل آلاف السنين عبر تسخير الإنس والجن قد أتى بعرش بلقيس قبل أن يرتد إلى ذلك النبي الكريم طرفه فإننا بإزاء تطورات ربما تلحقنا بمشيئة الله عما قريب بما بلغه ملك سليمان في مجال الاتصالات تحديداً وربما نتجاوز بمشيئة سبحانه ذلك العلم (اللدني) (لا تنفذون إلا بسلطان).

أقولها بكل صدق إن كنار رغم أنها كانت تحقق أرباحاً معقولة لم تلتزم بما توقعناه منها من تحديث وتطوير عندما أصدرنا لها رخصتها فقد انفقت القليل من المال صرف كثير منه في إقامة كابل الألياف الضوئية (3000 كلم) واكتفت بالمخرج الدولي المتاح: الـ(international gateway) مستفيدة من عائده وربما حد من اندفاعها أنها كانت موعودة برخصة (موبايل) لم تمنح لها كما أحبطها بعض السياسات النقدية المتأثرة بالأوضاع الاقتصادية غير المواتية والمعوقة للاستثمار .

بنك الخرطوم على موعد بقفزة نوعية كبيرة تمنحه فرصة العمر لكي ينوع من نشاطه الاستثماري والاقتصادي من خلال التمدد في مجال لا تعوق انطلاقه حدود المكان ولكي يطفر بقطاع الاتصالات في السودان ويدخل في عوالمه المتجددة على الدوام خاصة في مجال خدمات البيانات بما في ذلك مثلا إيصال خدمات الفايبر إلى البيوت : ( fiber to the homes) وهذه الخدمة على درجة كبيرة من الأهمية في التعامل مع الجمهور لنقل شتى أنواع البيانات من خلال استخدام السعات العريضة (الـBroadband) في تطبيقات الانترنت والبث الإذاعي والتلفزيوني وخدمات التعليم والصحة وتطبيقات الحكومة الإلكترونية وغيرها.

موقع السودان الجغرافي المتميز في قلب أفريقيا والمطل على البحر الأحمر يجعله ناقلاً جيداً للحركة الدولية وهذه فرصة كبرى لأن تضطلع كل من كنار وسوداتل – المالكتين لكوابل الألياف الضوئية – بهذا الدور وتبذلا في ذلك جهداً تعاونياً مشتركاً – لا تنافسياً – لكسب الأسواق الأفريقية فإثيوبيا على سبيل المثال تستخدم سعة توفرها لها شركة كنار للعبور إلى الخارج ويمكن لكثير من الدول أن تتخذ السودان معبراً دولياً بعائد كبير . معلوم أن الاتصالات تعتبر قاطرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الأكبر في عالم اليوم فهي التي تمكن من تطوير بقية القطاعاعات الانتاجية والخدمية.

إن على بنك الخرطوم وقد نجح في الحصول على تلك الصفقة الرابحة أن يعجل بوضع الخطط اللازمة للانطلاق نحو تحقيق الآمال الكبيرة المعلقة عليه في رفد قطاع الاتصالات بوافد جديد يدفع بالقطاع إلى آفاق أرحب.

سرني أن الفريق الفاتح عروة أعلن أنه لا توجد مشكلة لشركة زين مع كنار بالرغم من أنه أبدى بعض الضيق والتبرم من بنك الخرطوم، وأرجو من الرجل الكبير أن يتجاوز سخائم التنافس ومراراته فكفانا مشاحنات السياسة وأضغانها سيما وأن الصراع يضر بالمتصارعين جميعاً ولا يستثني أياً منهم.


تعليق واحد