عبد الباقي الظافر

مكان المستشفى نافورة..!!


سرت فرحة عارمة في أواسط المشفى الفاره ..هنالك أخبار جيدة تؤكد وصول مرضى للمستشفى الذي كاد أن يغلق أبوابه بسبب قلة الزبائن .. قناة الشروق نقلت خبر وصول المرضى لمستشفى الضمان بمروي..الاحتفاء الزائد بالمصائب له مايبرره..هذا المستشفى افتتح في نهاية العام ٢٠١٤..مفوض الاستثمار بصندوق الضمان الاجتماعي أكد يومها أن المستشفى هدفه جذب السياحة العلاجية من السودان وخارجه.. سيتمدد المشفى على مراحل تبدأ بمئتي سرير .. جاءت المعدات وحضر الأطباء ولكن غاب المرضى .. في ذلك اليوم وصل جرحى يمنيون إلى مروي فكان ذلك خبراً سعيداً سارت به القنوات الفضائية.
هنالك اختلال واضح في التنمية يولد غبناً سياسياً..الشيخ عبدالجليل الكاروري استغرب قبل أيام عن وجود مطار دولي في مروي تفوق بعض مواصفاته مطار الخرطوم.. في مطار مروي يمضي اليوم واليومان ولا تلوح في الأفاق مجرد طائرة واحدة.. بعض الكادر العامل في المطار يمارس مهناً أخرى ويرنون إلى السماء في انتظار طائرة قد لا تأتي أبداً ..مطار دنقلا ومطار الأبيض ومطار مروي وجنوباً مطار الخرطوم تقع في خطوط عرض ليست متباعدة فلذلك لا تصلح كمدرجات هبوط اضطراري .. ليس بوسعنا الآن أن نجفف مطار مروي لكن نشاطر الشيخ الكاروري رؤية أن العين التي خططت لم تكن فاحصة إن لم تكن مصابة بداء الجهوية.
دعونا نعود لمشفى الضمان الاجتماعي بمروي والذي سيشرفه اليوم وزير الصحة الاتحادي الأستاذ بحر أبو قردة بزيارة خاصة..هذا المشفى مزوّد بأحدث الأجهزة الطبية..بل فيه معدات لا تتوفر في المشافي الحكومية المماثلة..هنالك فندق فخم ملحق بالمشفى الذي لا يبعد كثيراً عن نهر النيل ..الحالمون اعتقدوا أن مستشفاهم سيجذب أثرياء من أفريقيا وعرباً من أهل السعة واليسر..لكن عند المخاض تبين لهم عجزهم عن جذب كوادر طبية سودانية متميزة.. فكروا في تأجير المشفى إلى مستثمر أردني ولكن الفشل لاحق الاجتهاد..الآن يفكرون في استيراد أطباء مصريين لسد النقص الكبير في الكوادر الطبية .
في تقديري ..مطلوب اتخاذ قرار شجاع في أمر هذا المستشفى الكبير ..المنطق يؤكد أن المرضى السودانيين لن يهاجروا إلى مدينة صغيرة من أجل العلاج..وأن كوادرنا الطبية التي تجمع الذهب مساءاً من العيادات الطبية لن تضحي وتذهب إلى بلدنا مروي لتنظر دفعات من جرحى العمليات الأجانب ..لهذا مطلوب اتخاذ قرار سريع لإيقاف هذا الهدر المالي من أموال المعاشيين.
ربما يكون الحل العاجل نقل المشفى باسمه إلى منطقة ذات اكتظاظ سكاني بولاية الخرطوم..الاحتفاظ برمزية الاسم مهمة حتى لا يظن البعض أن الفكرة فيها استهداف لمنطقة لها تاريخ حافل وحاضر مجيد..في ذات الوقت يتم تحويل المبنى الفخم إلى فندق خمسة نجوم يديره القطاع الخاص..منطقة مروي قريبة جداً من جبل البركل حيث التاريخ المهمل..في هذا القرار دعم للبنية التحتية للسياحة وإعادة لتوظيف الموارد في مكانها الأنسب.
بصراحة..إصلاح الدولة يبدأ من هنا سيادة النائب الأول..كل مشروع إستراتيجي يجب أن تسبقه دراسة جدوى..إن لم يحدث ذلك فالواجب الآن إعادة تشريح الأمر..مروي ياسادة لاتحتاج إلى مشفى سياحي..المنطقة تحتاج إلى كهربة المشاريع الزراعية ..بإمكان مروي أن تجذب الأجانب بإهراماتها لا بروشتة التطبيب.