الصادق الرزيقي

ثم ماذا بعد ..؟


> بعد تعليق المفاوضات مع قطاع الشمال بالحركة الشعبية وحركات دارفور بأديس أبابا إلى أجل غير مسمى، ينبغي على الحكومة التفكير بصورة عملية وسريعة وفاعلة لطرح مبادرات سياسية جديدة في إطار الحوار الوطني وما يتصل به لمعالجة وضع المنطقتين ودارفور، حتى تتمكن قوى المجتمع الحية ومن يقبل بالسلام من المساهمة في إحداث تحول حقيقي على الأرض وبناء السلام من الداخل وتعزيز فرص نجاحه بجانب العمل على تأمين كافة المناطق وتطهيرها من المتمردين، يتبع ذلك الإبقاء على الباب المفتوح متى ما أعلنت المفاوضات ذهبت إليها الحكومة وهي في موقف أكثر قوة ًوثباتاً بتماسك الداخل وحيويته، وتكون قد قويت شوكة الداخل من أجل الاستقرار ويكون قد تأهل بالفعل في مضمار التنمية والخدمات ومشروع السلام بما ينزع عن المتمردين دعاويهم وأكاذيبهم وهم يتبنون قضايا المواطنين في المنطقتين او دارفور . > فلنجرب خطوة جديدة، هناك حالة من السأم والضجر في الإقليم وفي المجتمع الدولي من الذي يجري في بلادنا وتعثر عملية المفاوضات وصعوبة تحقيق السلام وتوقيع الاتفاق المطلوب، وهذا الملل والخيبة في جعل المتمردين شريكاً حقيقياً في السلام، علينا ألا نجعلهما يسيطران على التفكير المحلي هنا في الداخل، حتى لا ييأس المواطن ويفقد الأمل في أية إجراءات عملية أو تسوية تنهي الحرب وتوقف القتال وأنهار الدم السوداني. > الخطوة الجديدة المطلوبة يمكن تأسيسها على الواقع الحالي في دارفور التي عادت آمنة مطمئنة انحسر فيها التمرد ولم يعد له وجود أو قوات في أي مكان سوى جيوب صغيرة في أعلى جبل مرة مهيضة الجناح، كما أن الوضع في جنوب كردفان والنيل الأزرق تسيطر عليه القوات المسلحة ليس لقطاع الشمال من وجود سوى بعض المناطق التي تتواجد فيها قوات المتمردين وليست عصية على التطهير والاقتحام، ولا يستطيع قطاع الشمال في هذه الظروف الضاغطة خاصة ما يجري في دولة الجنوب، مواصلة الحرب والقتال كما كان متاحاً له في السابق، حيث كانت خطوط الإمداد مفتوحة مع دولة جنوب السودان ويتلقى الدعم من جهات مختلفة عبر حكومة جوبا . > والآن توجد مجموعات في داخل قطاع الشمال في الحركة الشعبية من أصحاب المصلحة ومن أبناء النوبة والنيل الأزرق، أعلنت عن مواقفها هي ضد القيادة الحالية للقطاع ، يمكن لهذه المجموعة أن تبدأ في إطار أية خطوة أو مبادرة جديدة تطرحها الحكومة العمل مع الداخل في المنطقين لتغيير الواقع وقيادة دفته إلى اتجاه السلام والاستقرار والتنمية وسد النقص الخدمي وتحقيق تطلعات المواطنين، ويجب أن نقايس على ما جرى في دارفور، فقد أسهمت بنجاح في جلب السلام والاستقرار في كل ولايات دارفور، تجربة المشاركة الإيجابية للحركات المسلحة التي اختارت السلام وانضمت لركبه وقوافله وهي بضع وثلاثين حركة مسلحة موجودة الآن في إطار الحوار الوطني وهي جزء من الترتيبات والتدابير التي اتخذت على الأرض لمحاصرة وإنهاء التمرد في كل ربوع دارفور. > بالنسبة لجنوب كردفان والنيل الأزرق، حان الوقت لنرى مدى تأثير أبناء النوبة الراغبين في السلام داخل الحركة الشعبية مجموعة إسماعيل خميس جلاب، والمجوعة الأخرى التي تزور الخرطوم كل مرة من أبناء النوبة بالخارج في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأستراليا، فهاتين المجموعتين يمكنهما الترافق مع قوى الداخل الفاعلة والمؤثرة والتفاعل معها لإنجاز مبادرة الداخل وفرض السلام وتهيئة المناخ الملائم لتوسيعه حتى تتخلص المنطقتين من وباء التمرد وجائحته المهلكة . > إذا كانت الحكومة تملك زمام المبادرة والمبادأة في مسرح العمليات العسكرية ولديها وجود ضخم للقوات في المنطقتين وتستطيع دحر التمرد، فإن الخطوة الصحيحة هي ترافق المبادرة السياسية والتنموية الجديدة بكل تفاصيلها وأبعادها مع عمليات التطهير والتنظيف وكنس التمرد وطرده بشكل نهائي حتى يختار السلام أو يتحمل النهاية المحتومة. .