منوعات

ما هي معايير تصنيف الموسيقى العربية؟


لا يوجد في الوطن العربي تصنيف واضح للموسيقى، إذ تعاني الأغنية العربية من فقر بالدراسات النظرية، فلا تتوفر أبحاث تحاول بشكل جاد أن تصنف الإنتاج الموسيقي العربي المعاصر، مما تسبّب مع مرور الزمن بفقدان الأغنية العربية لهويتها. وقد يكون أكثر التصنيفات شيوعاً، هو ذلك التصنيف الشائع في الإعلام العربي الذي يحدّد الأغنية بكونها طربية أو شبابية (معاصرة)، وأول من استخدم تعبير الموسيقى الطربية هو الكندي، وكان يقصد بالطرب، المد الصوتي في الموسيقى. وفي زمننا هذا، فإن كلمة الطرب تشير إلى الأغنية الطويلة نسبياً، والتي تكثر فيها العُرب الصوتية، بينما تشير كلمة الأغنية المعاصرة للأغنية القصيرة التي تأثرت بالموسيقى الأوروبية، منذ منتصف القرن العشرين، والتي تطورت عن “الطقوقة”. وتمتلك، غالباً، لازمة تتكرر بعد كل مقطع. وفي حال استعصى تصنيف الأغنية ضمن هاتين الفئتين، فإنها تحمل تصنيف “الموسيقى البديلة”، وهو تصنيف أكثر شمولية وغرابة، إذ يتضمن كل أغاني “الراب”، وأغاني “الروك”، وأنواع أخرى من الموسيقى.

ولكن إذا ما اتفقنا على وجود ركائز نستطيع اعتمادها بتصنيف الأغنية الطربية، فإن الأغاني المعاصرة لا تخضع لمعايير ثابتة وواضحة. ولكن التصنيف الأغرب، وهو شائعُ أيضاً، هو تصنيف الأغنية العربية من خلال اللهجة، فكثيراً ما نسمع عبارات مثل: “قام أحد الفنانين بغناء اللون اللبناني”، أو “أدّى أحدهم أغنية باللهجة الخليجية”، وغير ذلك من العبارات التي تدل على أن التصنيف الموسيقي يخضع لمعيار اللغة الشفوية المتمثلة باللهجة. إن تصنيف الأغاني حسب نوع اللغة، ليس غريباً عن الثقافة العربية، فالعرب الذين يعتبرون الشعر الفن الأكثر أصالة لديهم، من الطبيعي أن يوازنوا معايير الفنون حسب معيار اللغة. ولكن المشكلة تكمن في أن ذلك يحصر التصنيف في أحد عناصر الأغنية، وهو الكلمة، بينما لا يعير هذا التصنيف أي اعتبار للموسيقى أو الأداء.

بينما نجد أن الأنماط الموسيقية الغربية متمايزة بشكل واضح، فمن السهل تمييز الأنماط الموسيقية من حيث الأداء، فالمغنون في موسيقى “الروك”، يتميزون بالأداء القوي والحاد المختلف عن الأداء الرخيم والهادئ في موسيقى “الكانتري”، أو موسيقى “البوب”. ومن الممكن أن نميز الأنماط الموسيقية من خلال الموسيقى نفسها، فالارتجال بموسيقى “البلوز” يميزها عن موسيقى “الهيب هوب” الرتيبة، كما أن مقاطع “السولو” في أغنية “الروك”، تجعلها تتمايز عن أغنية “البوب”، وحتى نوع الكلام يساعد في التصنيف أحياناً، إذ يختلف من نمط موسيقي لآخر، فالاهتمام بالكلام الموزون والقضايا السياسية والاجتماعية، هو أكثر ما يميز نمطاً موسيقياً مثل “الراب” عن نمط “الهيب هوب”.

وقد تكون التصنيفات الغربية غير ملائمة لمعظم الإنتاجات الموسيقية العربية، ولكن من الممكن الاستفادة من الطرق التي يتبعها الغرب في تصنيف موسيقاهم، وفي تطويرها، بدلاً من اعتماد اللهجة كمعيار موسيقي، أو نسب كل شكل متميّز من الأداء لشخصية الفنان. وربما تكون مشكلة التصنيف، هي التي جعلت النمط الطربي، يتربع حتى اللحظة على عرش الموسيقى العربية، فهو النمط الوحيد الواضح المعالم، والذي من الممكن مناقشته ودراسته بدقة.

العربي الجديد