اقتصاد وأعمال

أسعار السكر.. فرق شاسع بين سعر الإنتاج والاستهلاك


السكر يعد أحد أهم السلع الإستراتيجية التي تهم الدولة نظرا لأهميته للمواطن ومدى حاجته له، غير أن القطاع شهد مؤخرا حدوث العديد من المؤشرات التي تشير بوضوح إلى خلل ما في إدارة هذه السلعة إنتاجا وتسويقا وتسعيرا وليس بعيد عن ذلك الارتفاع المفاجئ للجوال ووصوله لحوالي 500 جنيه دون أي إشعار مسبق وما تزال الشكاوى وعلامات الاستفهام تراوح مكانها بين التجار والمتعاملين في قطاع السكر عقب الزيادات التي تمت مؤخرا للجوال حتى وصل لمبلغ 500 جنيه في وقت تستعصم فيه شركة السكر السودانية بالصمت تجاه هذا الموضوع ولم تخرج بأي تفسير يبرر هذه الزيادات ولا أسبابها ودواعيها، كما فشلت الجهود التي قمنا بها في سبيل استنطاق المسؤولين بالشركة عن سبب الزيادات وكيفيتها.

وبحسب التاجر الجيلي عبد الرحمن بسوق الكلاكلة فإن زيادة أسعار السكر لمبلغ 500 جنيه للجوال أثرت سلبا على التجار وعلى المواطنين كذلك، مشيرا إلى أن ذلك القرار أسهم في تناقص هامش الربحية المفترض من الجوال لافتا إلى أنهم كتجار بالسوق لا يزالوا يبيعون بنفس السعر السابق والمحدد بعشرة جنيهات للكيلو، مما يخرجهم خاليي الوفاض دون أي ربح من هذه السلعة الإستراتيجية، مضيفا أن الجوال زنة 10 كيلو كان يباع ب 90 جنيها على أن يباع الكيلو بعشرة جنيهات مما يعني أن ربحية الجوال الصغير لا تتعدى العشرة جنيهات مخصوما منها تكاليف الترحيل والمنصرفات وكذلك تكاليف أكياس التعبئة التي تبلغ قرابة 5 جنيهات لتعبئة الجوال في عبوات صغيرة من الكيلو وما دونه، وقال الجيلي إن ربحية الجوال أصلا كانت لا تتجاوز 5 جنيهات بالسعر القديم عندما كان الجوال الصغير يباع ب 90 جنيها والآن بعد الزيادة وصل ثمنه ل 100 جنيه، مشيرا إلى أنهم قد يبيعوا بذات سعر التكلفة دون الحصول على ربح يذكر بل فإن احتمالات الخسارة تظل واردة بشكل واضح من خلال التكاليف الإضافية المتمثلة في أكياس التعبئة.

ويضيف الجيلي أن السكر المتاح لهم بالأسعار الحالية لا يحقق فوائد تذكر وعلى الدولة والجهات المختصة توفيره بأسعار معقولة أن لم تكن مدعومة تخفيفا عن كاهل المواطن، مشيرا إلى غياب حتى مراكز البيع المخفض التي ابتدعتها آلية تخفيف أعباء المعيشة، وقال إن المراكز التي تتحدث عنها الولاية لا وجود لها على أرض الواقع والموجود منها يتعامل بذات الأسعار التي يبيع بها تجار السوق التقليدي وبالتالي فلا فرق بين مراكز البيع المخفض وبقية المحال التجارية بالسوق.

ويبدي خبير اقتصادي تحدث “للصيحة” مفضلا حجب هويته دهشته من ارتفاع أسعار السكر بالبلاد، مشيرا إلى أن وصول ثمن الجوال ل 500 جنيه أمر يثير الغرابة لجهة أن السودان يمتلك كل مقومات الإنتاج وبكميات تكفي حاجة الاستهلاك المحلي وتفيض لتصديرها للخارج مؤكدا أن البلاد تمتلك كذلك الخبرات اللازمة في إنتاج السكر علاوة على وجود العمالة الماهرة في المجال دون التطرق للبنية التحتية الجيدة لقطاع السكر بالبلاد ووجود أكثر من خمسة مصانع تعمل.

مبعث الغرابة في أسعار السكر الحالية يعزوها الخبير إلى أن تكلفة الإنتاج أقل من الأسعار المعلنة بكثير لافتا إلى أن الاستيراد أيضا لا يصل بسعر الجوال لمبلغ 500 جنيه مهما كان، مشيرا إلى أن السكر المستورد ومنذ شرائه وحتى يصل بورتسودان ومن ثم ترحيله للعاصمة لا تتجاوز تكلفة الجوال 370 جنيها شاملة تكاليف الترحيل والتخزين وكذلك سعر الشراء، أما بالنسبة للسكر المحلي فأشار إلى تراوح تكلفته النهائية ما بين 225 – 240 جنيها للجوال بعد خصم قيمة الترحيل من المصانع لمواقع التخزين الرئيسية التي كشف أنها لا تتجاوز 15 جنيها للجوال للترحيل ويخلص من ذلك للقول إن رفع سعر الجوال لمبلغ 500 جنيه أمر غير مقبول البتة ولا يمكن تفسيره بأي منطق، داعيا شركة السكر لتوضيح الحقائق حول هذه النقاط ولكن الأمر ليس بهذه السهولة فالشركة تعتصم بالصمت المطبق تجاه هذه القضية وليس من اليسير الحصول على تفسير من مسؤولي شركة السكر حول أسباب زيادة سعر الجوال التي لم يتم إعلانها بشكل رسمي حتى الآن ولكنها الأسعار السائدة في السوق ويعلمها التجار كما يعلمها المواطن المستهلك فسعر جوال السكر وصل 500 جنيه بالسوق وهي حقيقة واقعة.

وتساءل في ختام حديثه عن قانونية الزيادات التي تمت مؤخرا على سعر الجوال، وقال تمت عبر الجهاز التشريعي ومرت على البرلمان لإجازتها وذهب للتشكيك في حدوث هذا الأمر مشيرا إلى أن إجازة البرلمان كجهة تشريعية ورقابية للزيادة لم تكن لتمر دون أن يعرف أحد عنها شيئا وباتصالنا على رئيس اللجنة الاقتصادية بالبرلمان البروفيسور عمر لم يجب على اتصالاتنا المتكررة أمس ويبقى السؤال في هذه الجزئية مفتوحا هل تمت إجازة الزيادة عبر البرلمان أم اتخذتها إدارة شركة السودانية بمفردها دون الرجوع للبرلمان، الذي هو بطبيعة الحال الجهة الرقابية المفترض المرور عليها قبل التفكير في زيادة ثمن سلعة إستراتيجية مثل السكر.

الخرطوم: جمعة عبد الله
صحيفة الصيحة


تعليق واحد

  1. حتى يوم أمس الأول (الأحد) الموافق(الرابع من أكتوبر) لم يتقاض موظفو شركة السكر السودانية رواتبهم، فبسبب ضعف التسويق والكساد الذي يضرب المنتج المحلي مقابل المستورد عجزت الشركة في الوفاء بالتزاماتها تجاه العاملين، وقد كان العاملون بالشركة يتقاضون رواتبهم في السابق قبيل انتهاء الشهر بـ(أسبوع) أو (أقل)، الأمر ينسحب على جميع العاملين بمصانع السكر بالبلاد، إذ يواجهون صعوبات بالغة في الحصول على مستحقاتهم بسبب ما يمر على المصانع من ظروف عصيبة، وحالة كساد يعاني منها (المنتج الوطني) من السكر مقابل (المستورد)، حيث يبلغ سعر جوال السكر (المحلي) بحسب السعر الرسمي للدولة (225) جنيهاً للجوال، بينما يباع السكر المستورد بـ(210) جنيه للجوال،