هيثم كابو

الحذر وناقوس الخطر


* وكلما تم (تعليق جولات مفاوضات) كتبنا عن التغيرات الكبيرة التي طرأت على المجتمع؛ لقناعتنا بأن الواقع السياسي لو تحسن بعد حين وشهد استقراراً فإن التحولات الكبيرة التي حدثت بالمجتمع ستظل عصية على التغيير؛ فإفرازت الراهن ضربت كثيرا من ثوابت القيم والأخلاق وانتقلت عدوى التردي من جيل لجيل..!
* المجتمع يُغيِر جلده يوماً تلو الآخر، ومعظمنا لا يرغب في مواجهة الحقائق ويريد أن يشتري الطمأنينة من أسواق لا تبيع هذا النوع من البضائع .. (والقصة ماشة وأضان “الغافل” طرشة)..!
* تقلقني حد الفجيعة أخبار الحوادث الغريبة التي باتت تغزو المجتمع السوداني مؤخراً، ويزعجني لدرجة الإحساس باليأس عدم استشعار أهل الاختصاص لخطرها الداهم، وأراها أبلغ ضرراً وأشد خطراً من المشاكل السياسية بمختلف مطامحها وتعقيداتها ومطامعها، لأنه إذا انفضت المفاوضات (دائمة التعليق) أو وصلت لحلول وتم توقيع اتفاقات فإن ما يحدث من تغيير مجتمعي خطير لن ينتهي بانتهاء الحفل البديع المخصص لتبادل الكلمات والابتسامات و(نصوص الاتفاقيات) أمام الكاميرات في لحظة التوقيع ..!
* أشرنا من قبل كثيراً إلى الصدمات العنيقة التي تحملها أنباء الصحف مع إشراقة كل صباح .. السياسة تأخذ كل المساحات تشاكساً وتناحراً وتفاوضاً والوجع الحقيقي يسكن المفاصل، والمآسي تتسرب بين الأصابع و(الناس في غفلة وما دارية بالحاصل)..!!
* فتاة تصفع والدتها وتزجرها بالشارع العام، ولا يملك المارة المغلوبون على أمر (قلة الأدب) سوى ترديد عبارة : (يعيش المربي ونحيا ونشوف)..!
* وخبر آخر عن إنقاذ الجيران لأب من ضرب ابنه العاق، والعياذ بالله ..!
* وقبل فترة تنشر الصحف خبراً صادماً عن فتاة اعتدت على والدها ضرباً بـ(عكاز) لرفضه شاباً تقدم للزواج منها، و(الخبر الغريب يمر على الجميع مرور الكرام) .
* نعم .. (الضرب مقابل الرفض)، والقصة باختصار شديد كانت تشير إلى أن (فتاة عشرينية) اعتدت على والدها بعصا غليظة لرفضه زواجها من شاب تقدم لخطبتها، ما أدى لإصابة (الوالد المجني عليه) بأذى جسيم، ليتم نقله بسرعة البرق لتلقي العلاج بالمستشفى بموجب (أورنيك 8) بعد أن دونت الشرطة بلاغا تحت المادة (139) من القانون الجنائي، وتم توقيف (الابنة المتهمة) رهن التحقيق وأفرج عنها لاحقا بالضمانة العادية..!!
* كل تلك الأمثلة تحدثنا عنها في مقالات سابقة باستفاضة؛ ونكررها اليوم عرضاً؛ وسنعود للحديث عنها لأننا لا نريد أكثر من أن يدرك الناس أن المجتمع يتغير ولا أحد يرهق نفسه بالتوقف والدراسة، ومن بعد ذلك ننتظر ميلاد أجيال معافاة من رحم واقع مريض..!!
* هل حروفنا تنكد عليكم، لا أدري ولكن الواجب يحتم علينا أن نقول ونكرر ونعيد ونصرخ حت تبح الأصوات فلا تزال الغرابة سيدة الموقف الآن والعادية حدثا غريباً .. وطلاب الإعلام مع متغيرات اليوم لم يعودوا يبتسمون، مع أنهم كانوا بالأمس يضحكون حد القهقهة و(أستاذ التحرير الصحافي) يقول : (عندما يعض الكلب الرجل فذلك ليس بخبر، ولكن عندما يعض الرجل الكلب فذاك هو الخبر) ..!!
* ضرب بنت لوالدها بعصا لم يعد أمراً غريباً.. صفع ابن لوالدته يمكن أن تقرأه كخبر في صفحة الحوادث بعد وصول الأمر للشرطة (إذ لا كبير صاحب كلمة مهابة ومسموعة تحتكم إليه الأسرة).. ومن بعد ذلك من أين يأتي الضحك والاستغراب للطلاب و(رجل مسعور) يزرع أنيابه في فخذ كلب..!!
* ويل للكلاب من سعر الرجال في ظل مجتمع غريب خلع رداء العادية، وباع بعض أهله الذمم، وبعض آخر يركض في الشوارع من غير رداء القيم ..!!
نفس أخير
* بربكم لا تقرعوا أجراس الخطر
(سرَّدِبوا) للعجائب و(الحصل حصل)..!