حسين خوجلي

من يصلح الملح إذا الملح فسد..؟!


لكل أمة رموز تجمع عليها وأعلام يتفق الناس حولها. ونخب وكفايات ليسوا موضع خلاف واختلاف .ومثل هؤلاء يصلحون دائما اساساً لوزارة كاملة او بعضها .. في هذا البلد الطيب كثيرون يشار اليهم بالبنان . ولكنهم شأن كل العلماء يغشون الوغي ويعفّون عند المغنم. والحكومة الشاطرة هي التي تسعي لاسترضائهم وإقناعهم بالاستوزار مثلما فعل النميري حينا من الدهر. وأحد أسرار نجاح نظام مايو أنه لم يعمد لاسترضاء الاحزاب أو تأليف قلوب زعمائها بوزارة أو إدارة. وإنما كان يعهد بها لرجال عجمت عودهم التجارب وصقلتهم العلوم والمعارف والخبرات .
والوزارة التي ستجئ قريباً عليها أن تضم نفراً على شاكلة أهل العلم والدربة والتجاريب. ولن تندم حكومة شغلت حقائبها بأمثالهم أبداً .. فهم إن لم ينفعوا البتة وهذا شئ بعيد فهم بالتأكيد لن يضروا أبدا . وقديما أنشد أحدهم قوله :
أيها العلماء يا ملح البلد ٭٭ من يصلح الملح إذا الملح فسد
إن مجموع الشعب يرتقب حكومة من أهل الكفاية العلمية والعملية. دون نظر إلي إرضاء حزب أو فئة أو جماعة إلا إذا كان ذلك طلبا لرضي الله ورضي عباده. فالبلدان التي تشقى مثل السودان بنزاعات وحروب أهلية أحوج ما تكون الي حكومة حرب او انقاذ وطني .. وهي تتطلب تمحيص المرشحين لشغل حقائبها. حتي إذا وقع عليهم التكليف وشرفوا بالاختيار فإن واجب المرحلة يقتضي أن يعهد اليهم بمستشارين أكفاء ومعاونين من أهل الصدق والجد والاخلاص .. فمن نعم الله علي من يشغل المنصب العام أن يسخر له أهل ثقة وكفاءة يتولونه بالنصح لا المدح وبالتبصير والتنوير وليس بالمداهنة والمجاملة واصطناع المعاذير .إن الدول العظمي لا تترك شاغل المنصب العام من دون رقابة فهو تحت بصر المؤسسات وسمعها .. يتم تتبع كافة خطواته ومراقبة حساباته ان وجدت ويتم تقويم وتقييم حالته العامة. هل طرأ عليه ثراء وهل تدفقت علي حساباته وهل زادت ثروته. وقد رأينا كيف أن رجال الخدمة الخاصة في البيت الابيض كانوا لا يجدون حرجا في التجسس علي الرئيس الامريكي السابق كلنتون ونحن بالطبع لا ندعو لان يتم التجسس علي قادتنا ليس لان قادتنا فوق الشبهات وحسب بل لأن ديننا يمنعنا من التحسس والتجسس علي الآخرين وهذا بالطبع شئ آخر غير تدابير أمن البلاد القومي ومصالحها الحيوية .. ولكن حينما يستشعر شاغلو المناصب العامة ان ثمة رقابة صارمة مفروضة عليهم وان كل خطوة يخطونها يجب ان تتم وفق القانون فإن ذلك أدعي إلي طهارة اليد وإلي ان يكون اصحابها بمنأي عن الشبهات والقيل والقال.
لقد كانت الحكومات في اوقات سابقة تسمع وتقرأ عن شبهات تحوم حول مؤسسات وافراد ولكن ايقاع المحاسبة والرقابة كان من البطء بحيث اعتقد بعض المتسرعين ان هنالك من يحمي الفساد وما هو كذلك . ولكنها التؤدة والتمحيص والتدقيق في المعلومات . لان علي ضوئها يتم تحديد مصير منصب وسمعة انسان لا يجوز اتهامه بالباطل ابداً . وسمعة الاشخاص أحياناً من سمعة المؤسسات . واحيانا فإن نشر اسماء تم ضبطها ومحاكمتها قد يضر بالاقتصاد الوطني وسمعة البلاد مثل الجهات المرتبطة بالمصارف والاستثمار.ولكن الاولى أن تعهد بالوزارة لمن هو أهل لها علما وعملا واخلاصا ونزاهة .. ثم لا ندعه من بعد لرقابة ضميره .. فلا بد ان يتم تعضيد كل ذلك بسطوة الدولة وسلطان القانون .
إن الحكومة الاسرائيلية الغاشمة مثلاً تكوِّن كل مرة حكومة حرب رغم أن من ورائها تقف أمريكا والصهيونية العالمية .. وحري بنا ان تكون حكومتنا حكومات جد لا لعب معه . وحكومات حرب علي الاعداء ينطبق عليها قول المولى جل شأنه (أشداء على الكفار رحماء بينهم) .
أرحموا من في الارض يرحمكم من في السماء.