تحقيقات وتقارير

الغاز..اشتعال الاسعار


عاودت أزمة الغاز الظهور من جديد على سطح المعاناة الاقتصادية للمواطنين الذين فوجئوا بزيادة غير معلنة في سعر اسطوانة الغاز، في الوقت الذي تشهد فيه جميع السلع الاستهلاكية زيادة متباينة اثقلت كاهل الشرائح الضعيفة وذوي الدخل المحدود في المجتمع، وهي من الزيادات المتتالية غير المنطقية وفقاً لخبراء الاقتصاد.. (الإنتباهة) استطلعت عدداً من المواطنين والجهات الرسمية حول الزيادة فكانت الحصيلة التالية: الزيادة غير معلنة وذكر وكيل الغاز ياسر النجومي ان الزيادة تمثل صعوبة بالنسبة للموزعين وتتسبب في تقليل المبيعات وعبء عليهم في رأس المال، ولقد وضعوا هذه الزيادة على سعر الاسطوانة وعملوا بها وقد بلغت (5) جنيهات، واصبح سعر الاسطوانة ما بين (95) جنيهاً ـــ (100) جنيه وهو السعر السائد على كل شركات الغاز ما عدا شركة أجب التي لم تُطبق الزيادة، ولا ندري أسبابها، والزيادة تتم حسب موقع المنطقة من المستودعات، والزيادة غير معلنة وقد فوجئوا بها ولا علم لهم بها، ووزارة النفط تبرأت من هذا القرار ولديها مكتب داخل المستودعات لمتابعة عمل الغاز، وتساءل باستنكار من اين اتى هذا القرار؟. انعدام مفاجئ وفي ذات الاتجاه شكا العديد من المواطنين من انعدام مفاجئ للغاز في مراكز التوزيع ، وقالت المواطنة آلاء النور من الفتيحاب انهم منذ ارتفاع سعر الغاز أخيراً وهم يستقطعون ثمنها من بعد جهد جهيد من دخلهم المحدود. وقالت إن الزيادة الجديدة لن يستطيع المواطن تحملها في ظل الراهن الاقتصادي والمعاناة التي تكتنف حياة المواطنين ومعيشتهم، وهي تشير الى عدم وجود دراسة مسبقة لهذا القرار المجحف بحق المواطن قبل كل شيء. الدولار هو السبب وفي ذات السياق تنبأ المواطن وليد ابراهيم من منطقة صابرين بام درمان بأن تكون الزيادة في سعر الدولار هي السبب، خاصة ان السوق كله جعلها «شماعة» لتبرير الزيادات على السلع الاستهلاكية وغيرها، واضاف ان زيادة الغاز غير مبررة وكيف تعطى لشركة النيل فقط التفويض في اصدار قرار الزيادة ؟ واين وزارة المالية من هذا الحديث؟ وهل ستصدر قراراً موازياً بزيادة المرتبات حتى يستطيع المواطن ان يجابه هذه الزيادة؟ زيادة أسعار السلع ومن جانبه برر الخبير الاقتصادي بروفيسور عصام عبد الوهاب الزيادة الاخيرة في سعر الغاز بأن الاقتصاد السوداني وصل الاحتضار النهائي، مردفاً: (الذي لا توجد عودة منه إلا الموت) متوقعاً أن تشهد الأيام القادمة زيادة في كافة السلع بجانب زيادة اسعار الرسوم لجميع الخدمات من مياه وكهرباء والتي تزيد من العبء على المواطن. صب الزيت واضاف الخبير د. عبد الله الرمادي ان الزيادة الاخيرة بمثابة صب الزيت على النار المشتعلة على الاسعار، واصفاً القرار بالتضخمي وسوف يسهم في ارتفاع الاسعار بصورة عامة، خاصة انه يدخل في اهم الصناعات وهى صناعة الخبز والذي نتوقع أن يشهد زيادة خلال الايام القادمة، مشيراً إلى أن الزيادة ليست فقط في ما يلي الاسرة، فهي تدخل في كثير من الصناعات الغذائية التي تشمل كافة نواحي الاقتصاد، إلا انه رجع وقال: من ناحية أجد العذر والمبرر لتلك الزيادة في ظل الارتفاع الكبير الذي يشهده سعر الدولار وبوتيرة غير مسبوقة في تاريخ السودان، وذلك لمساهمته في ارتفاع اسعار الغاز المستورد لارتفاع التكلفة. وتساءل هل يبيعون بالخسارة ؟ واشار الرمادي الى ان هذه من جوانب التدهور المتسارع لهبوط الاقتصاد في الهاوية، وقال: هذا ما لم تنفذ اجراءات تقشفية حازمة من قبل الجهات الرسمية لانقاذ اقتصاد البلاد. زيادة مرتين اما الخبير الاقتصادي د. محمد الناير فقد اشار إلى ان كثرة القرارات الخاطئة في هذه القضايا التي تعالج السلع المدعومة تكون على حساب المواطن بكافة شرائحه. وعاب على الدولة ان تشهد اسعار الغاز زيادة مرتين خلال عام واحد، والتي لا تتعدى الثمانية شهور، وقال من المفترض أن تكون الزيادة مستقرة لعام كامل، واضاف قائلاً: إذا كانت الاسباب هى تراجع الجنيه امام الدولار فلا بد أن تتحمل الدولة الزيادة وليس المواطن المغلوب على امره الذي لا يتحمل اية زيادة خلال هذه الفترة . امتناع وكيل وفي ذات الاثناء رفض مدير محطة وقود النيل بام درمان الحديث حول الزيادة، وقال انه لن ينطق بحرف ان لم يخطر الشركة لانهم ممنوعون من الحديث للاعلام الا عبر خطاب رسمي من الشركة. فيما انتقد مواطن فضل حجب اسمه الحكومة وقال إنها باتت لا تخشى اية زيادة بسبب ان القائمين على الدور صامتون، وهم جمعية حماية المستهلك والاعلام والمجلس التشريعي الذي بات يجيز اية زياده تعرض عليه ولا يرفضها. شلقامي: لا أستطيع الحديث استفسرت (الإنتباهة) رئيس جمعية حماية المستهلك د. نصر الدين شلقامي الذي صرح بأن قانون التجارة الذي وضع من قبل عراب سياسة التحرير د. عبد الرحيم حمدي اقر بانه قائم علي العرض والطلب وان المسعر هو الله . وحرض المستهلكين على ضرورة رفع شعار «الغالي متروك». وقال ان قانون التجارة اعطى الحق لكل التجار، واضاف: «يعني انا لو فتحت خشمي في سعر أنبوبة الغاز ممكن أبرسي يفتح فيني بلاغ ويسجني لانه القانون أعطاه الحق دا». الزيادة غير قانونية ومن جهته اعتبر رئيس اللجنة الاقتصادية بجمعية المستهلك د. حسين القوني ان الزيادة غير مبررة ولم يعلن عن الاسباب التي من اجلها جاءت الزيادة، فهي لا تستند إلى اجازة من قبل المجلس التشريعي الولائي ولم تكن ضمن الميزانية، فضلاً عن انه لم يسبقها اي اعلان من الولاية او اتحاد اصحاب العمل مع توضيح مبررات الزيادة التي ينبغي ان تبني على تكاليف فعلية لانتاج سلعه الغاز وبيعه، واضاف القوني ان الزيادات ستكون لها آثار جانبية على قطاعات المستهلكين وستؤثر في ميزانيتهم وقدرتهم على الادخار الذي ينبغي ان يوجه للاستثمار، مرجحاً ان الزيادات ستؤثر في ميزانية الاسرة كما حدث أخيراً في زيادة تعرفة المياه والغاز من قبل، والآن اذا استمرت بهذا المنوال ستؤدي الي آثار سالبة على المستويين الاجتماعي والسياسي، مطالباً بضرورة اتباع المؤسسية في اصدار القرارات المتعلقة بالمستهلكين واتباعها من السلطة دون الرجوع لجهات الاختصاص، وشدد على وضع ديباجة الاسعار في السلع في مكان واضح ليتمكن المستهلك من المقارنة واختيار الانسب، ووجه القوني بدوره سؤالاً: هل ستتبع بقية شركات الغاز هذه الزيادة؟. تفادي الصفوف فيما رهن الأمين العام بالانابة للغرفة الفرعية للغاز بهاء الدين الفاضل، استقرار سلعة الغاز برفع الدعم نهائياً لتفادي الصفوف والميادين، مؤكداً أن هنالك زيادات أخرى متوقعة لجهة أن سلعة الغاز مازالت مدعومة، وهذا الأمر مرهق جداً للحكومة، وبالتالي ستكون الزيادات مستمرة، مبيناً ان سعر الطن عالمياً بلغ (7,500) مليون بدلاً من (4,800) وهذا الدعم تدفعه الحكومة، وحالياً الشركات ليست لديها المقدرة لشراء الغاز، مشدداً على ضرورة وضع حل نهائي لهذه الزيادة. واضاف ان الوكلاء يتحملون اقل هامش ربح، وألمح الى ان الزيادات المتوقعة من قبل الحكومة ستكون بالنسبة للمواطن مرحلة تجريبية وصولاً الى الاستقرار. واضاف قائلاً: في الفترة السابقة الحكومة تستورد الانبوبة بسعرها العالمي (94) جنيهاً وتباع للشركات بواقع (65) جنيهاً، وبالتالي يجب ان يكون الحل النهائي في رفع الدعم من اجل استقرار السلعة. واضاف بهاء الدين في حديثه لـ (الإنتباهة) امس قائلاً: (حال رفع الدعم سيكون هنالك تنافس من قبل التجار في العرض والطلب، والزيادة ليست مبررة ولا رفع الدعم مبرر، لأن الوضع الاقتصادي غير جيد، والبترول به مشكلات، وكل مصادر الدخل ضعيفة، والدولار اصبح سعره (16) جنيهاً الأمر الذي انعكس سلباً على الاوضاع الاقتصادية بالبلاد. وانتقد هذا الدعم قائلاً: (ان السلعة مدعومة والناس شغالة شحدة من الحكومة، وبالتالي هذا الامر تسبب في مشكلات كثيرة، منها عدم توفر السلعة واصطفاف المواطنين في الميادين، وبالتالي لا بد من اتجاه قوي لرفع الدعم لكي تتوفر السلعة في اي زمان ومكان). واضاف قائلاً: (في السابق اسطوانة الغاز كانت بـ (20) جنيهاً وشوال الفحم بــ (20) جنيهاً، والآن اسطوانة الغاز بـ (100-150) جنيه وجوال الفحم بـ (450) جنيهاً)، موضحاً ان المعالجات التي تتبعها الحكومة يجب ان تزيد الرواتب او الحوافز, وافضل للمواطن تزيد الاسعار وتتوفر السلعة بدلاً من أن يقل السعر وتنعدم السلعة (الفائدة شنو مدعوم وغير متوفر). انتقادات حادة وفي ذات الاتجاه قال صاحب محلات الغاز بمجمع الازهري بالخرطوم جنوب خليل احمد: (واجهنا انتقادات حادة من قبل المواطنين بسبب تلك الزيادة، ودائماً نكون في وجه المدفع في اية زيادة تطرأ على سلعة الغاز، وهذه ليست مسؤوليتنا وانما مسؤولية الشركات، مؤكداً استلامه المنشور منذ امس، وتم تطبيقه اليوم على المواطنين بزيادة قدرها (5) جنيهات للاسطوانة سعة (12) كيلوجراماً، حيث اصبح سعر الاسطوانة (90) جنيهاً بدلاً عن (85) جنيهاً لكل الشركات ماعدا شركة (اجب وايران) حيث تباع اسطوانه ايران بـ (95) جنيهاً بدلاً من (90) جنيهاً، واسطوانه اجب تباع الآن بـ (105)جنيهاً بدلاً من (100) جنيه)، قائلا انها رسوم ترحيل فقط، واشتكى خليل من احتجاجات المواطنين قائلاً: (دائماً نتحمل المسؤولية، وبالتالي يجب ان يكون هنالك حل لهذه الاشكالات والزيادات المتكررة). وزارة النفط تنفي ومن ناحيتها نفت وزارة النفط مسؤوليتها عن الزيادات الاخيرة في الغاز، وقالت مسؤولة الاعلام بالوزارة شادية عربي: (نحن لا علاقة لنا بالتسعير، وللحصول على مسببات القرار راجعوا وزارة المالية). وزارة المالية تصمت وبعد عدد من الاتصالات بمسؤولين في وزارة المالية فشلنا في الحصول على اجابة شافية وواضحة لاسباب زيادة اسعار الغاز للمواطن، لأن المسؤولين لا يردون على الهواتف، وحتى مسؤولي الإعلام لم يردوا على استفسارات الصحيفة.

الانتباهة