عبد الجليل سليمان

حياة وأبرسي والحكومة وهيئة العلماء


ونبتدر بحياة الماحي رئيسة لجنة الطاقة بالبرلمان، خشية أمر وأمتثالاً لآخر، وما نخشاه هو أن يتكبد القراء الكرام عناء إحضار (حجر أو طوبة) كما جرت العادة (البغيضة)، لكونها المرأة الوحيدة داخل هذه (الحصة)، فيثقلون عليها وعلينا، أما ما نمتثل له ونتمثل به فهو المثل الإنجليزي الشائع الذائع (Ladies first)، وترجمته الحرفية (السيدات أولاً). أما ما يلي (حياة) من تبويبات ذكورية فإننا لم نضع السيد (أبرسي) وهو رجل أعمال ينشط في الاتجار بالطاقة خاصة غاز الطبخ في المقدمة سابقًا للحكومة وهيئة علماء السودان، اعتباطًا، وإنما لشيء في أنفسنا نفصح عنه لاحقًا وتدريجيًا، وكذلك وضعنا الحكومة وسطًا لذات السبب، وأزحنا الهيئة إلى الذيل لأن ذلك مكانها الطبيعي كونها لا تبادر باجتراح أي (أفعال) بل تنتظر حدوثها لتموضع نفسها في (خانة) رد الفعل (الغيبي) دائمًا وأبدًا.

والحال أنني أريد أن أذكر لحياة الماحي، خطفًا، وهي طافية على السطح قبل إغراقها في لجة التفاصيل تصريحات سابقة رمت بها للصحف حول ما أشيع في وقت سابق حول دفن نفايات قريباً من سد مروي، إذ قالت: إن ما دفن هناك ليس سوى (جرادل بوهيات)، حينها استغرب الناس، وتساءلوا: أيعقل أن تدفن الحكومة جرادل طلاء فارغة، ولماذا لا تبيعها في مزاد كما جرت العادة، أو تعيد تدويرها أو حتى تهديها للمواطنين ليستفيدوا منها أو…. إلخ؟ وحينها تيقن الجميع من أن حياة (تنضم ساي)، قبل أن تصيبها (هاء السكت) وقتًا طويلاً لتأتي أول أمس وتطلق لسانها في العالمين بــ: “أن لا علم للجنتها البرلمانية بالزيادات الجديدة التي طرأت في أسعار أسطوانات غاز الطبخ، وأنه غير مصرح بأي زيادة في السلع خلال العام وبعد إجازة الميزانية”.

طيّب، نصدق حياة، بأنهم تجاوزوها وهمشوها هي ولجنتها ولم يخطروا أحدًا بالزيادة، لكننا لا نصدقها بأنها لا تعلم بالزيادة نفسها إلا إذا كانت تطبخ بفحم (غابة الفيل)، وتعوس بحطب (القدمبلية)، فالزيادة وقعت بالفعل يا حياة، وكان حرِّيا بك وبلجنتك البرلمانية أن تتقدموا باستقالتكم فورًا وتتحللوا من القرار المجحف وإلا فأنتم مشاركون طالما ظللتم متواطئين بالصمت.

لا شك أن نية الزيادة كانت واضحة، فتلك (الجرسة) التي سبقتها والصادرة من (محمد الحسن أبرسي) النائب البرلماني وأكبر تجار الغاز في البلاد، وهو يصرخ الأسبوع المنصرم، وهو يهتف: “الحكومة جنت نحو (806 مليارات و400 ألف جنيه)، من تحرير الغاز في ظرف 6 أشهر فقط، وأن القطاع الخاص لم يستورد ولا أسطوانة واحدة، وأن الحكومة (مقلبتهم وشيلتهم وش القباحة وختتهم قدام المدفع).

أبرسي، لا مجال للتنصل الآن، فأنت من روجت لأن الغاز خاسر، وأنه إن لم ترفع أسعاره فإنكم ستكونون عاجزين عن استيراده قلت ذلك في الفضائيات والصحف وكنت على وشك أن تكتبه على ظهور ناقلات الغاز والبصات السفرية والهايسات، وبالتالي فأنت دلست على المواطن وكذبت عليه فلماذا تأتي الآن لتبكي على الغاز المسكوب وتتحدث عن أرباح خيالية جنتها الحكومة خلال ست أشهر (806 مليارات و400 ألف جنيه)، وهذا يعني أن سعر الأسطوانة القديم كان مجزيا لكنك قلت العكس يا سيدي.

أما الحكومة فهي الحكومة، تأتي بأبرسي ثم تركله لتربح، ولا يهمها إذا جاءها باكيّا دامعًا أسيفًا حسيرا، لكن (أبرسي) هيّن علينا، لا نتعاطف معه حتى ولو طبخ في منزله بنشارة الخشب، لكن يحزننا أن تأتي (هيئة علماء السودان) لتطالب الشعب السوداني بالتوبة والعودة إلى الله لكي تنخفض الأسعار، وتعتبر الغلاء الفاحش ناجما عن البعد عن الله (فقط لا غير)، فإن هذا كثير، وإن تلك ليست بهيئة علماء، بصراحة (ربنا) كما يقول المصريون.