سياسية

دونالد بوث في الخرطوم البيت الأبيض يستعجل تسوية بالسودان قبل الانتخابات


“الرئيس الأمريكي باراك أوباما يريد أن يسجل في تاريخه بأنه رئيس السلام قبل مجئ الانتخابات القادمة ومغادرته البيت الأبيض، كما كان جورج بوش الابن” ما سبق كان حديثا للإمام الصادق المهدي، رئيس حزب الأمة في حوار لـ(الصيحة)، كشف فيه عن السعي الحثيث لأوباما من اجل إحلال السلام في السودان قبل الانتخابات الأمريكية المقرر إجراؤها في يوم الثلاثاء 8 نوفمبر القادم، وهذا ما بدا جليا في التحركات المكوكية للمبعوث الأمريكي منذ ذهابه إلى (جوهانسبيرغ) للقاء أمبيكي قبل التوقيع على خارطة الطريق، الأمر الذي دعى أمبيكي لإرسال كبير موظفيه إلى باريس في اجتماع نداء السودان هناك، وكانت الحصيلة هي التوقيع على خارطة الطريق، ثم انطلاق الجولة الثانية عشرة للمفاوضات بين الحكومة والحركات المسلحة بأديس أبابا، حيث ظل المبعوث الأمريكي مرابطا بزهرة الربيع حتى فشل الجولة، بعدها انطلق وجلس مع جميع الأطراف، وبالأمس هبطت طائرته في مطار الخرطوم، فما الجديد الذي يحمله دونالد بوث إلى الحكومة، هل جاء للضغط وتجسير هوة الخلاف، وهل يمكن أن تخرج لقاءاته تحديد زمن جديد لانطلاق المفاوضات؟
خياران لا ثالث لهما
المراقبون يعتقدون أن دونالد بوث يسعى بين جميع الأطراف كما سعى سابقا بين نداء السودان وأمبيكي، حتى انتهت مساعيه بالتوقيع على خارطة الطريق، وبالرغم من إنكار قيادات في حركة العدل والمساواة جلوسهم ولقاؤهم بالمبعوث الأمريكي في الأيام الفائتة حين سألتهم (الصيحة) إلا أنهم يعلمون تماما أن بوث سيكون في الخرطوم يوم أمس لمقابلة القيادات السودانية، وهذا كما يقول المراقبون دليل على أن هناك اتصالات مكثفة بين جميع الأطراف، فهل جاء بوث لتحديد موعد للتفاوض مثلا؟ في هذا يؤكد د. عمار السجاد رئيس لجنة إسناد الحوار “للصيحة” أنه لن يكون هناك جلسة تفاوض مرة أخرى، بل توقيع على اتفاق مباشر، لأن بوث يحمل نقاط الخلاف بين الطرفين ويسعى لتقريب وجهات النظر وسيعمل على تلافي الأخطاء التي ارتكبت في الجولة الثانية عشرة، وأشار السجاد إلى أن بوث قد يطلب من الحكومة تأجيل المؤتمر العام للجمعية العمومية للحوار الوطني حتى تلحق بها الحركات المسلحة، لكن هذا الطلب – يؤكد عمار – لن تقبله الحكومة السودانية لأنها وزعت الدعوات لزعماء ورؤساء دول من أجل حضور المؤتمر العام، وبالتالي لا يمكن للحكومة أن توافق على طلب التأجيل، ويرى عمار أن الوضع غير مطمئن ولا يوجد في الأفق سوى خياران أما التوقيع مباشرة في أديس دون الجلوس لمفاوضات كما حدث في خارطة الطريق وأما أن لا يتم التوقيع عليه وأن يستمر الوضع على ما هو عليه..
الضغط على الحكومة
في علم التفاوض هناك ترتيب أولويات.. وهذا ما يراه عمر الدقير رئيس حزب المؤتمر السوداني، عضو نداء السودان، في حديثه “للصيحة” حين قال إن زيارة بوث للخرطوم معنية بضرورة أساسية لإنجاح الجولة الثانية بعد خارطة الطريق التي قال عنها بأنها رسمت واقعا جديدا، ويضيف الدقير بأن الإدارة الأمريكية تنظر إلى مسألة إيقاف الحرب كأولوية قصوى في الوقت الراهن لذلك فإن الجديد الذي سيأتي به بوث في زيارته هذه هو حصر الخلافات التي حدثت في أمر الإغاثة بين الحركة الشعبية والحكومة، كذلك حركات دارفور التي تطالب بلجنة مشتركة فيما ترفض الحكومة ذلك، مقترحة إيصال الإغاثة عبر منظمة العون الإنساني التابعة لها، ويعتقد الدقير أن بوث جاء لتقديم أفكار جديدة لتجسير الهوة بين كل الأطراف، مشيرا إلى أن المبعوث الأمريكي قد يمارس الضغط على الحكومة، وقال: نحن بالنسبة لنا في نداء السودان مهمومون بوقف نزيف الحرب ووقف العدائيات وإغاثة المتضررين منها، والاتفاق على هذا الأمر إنجاز كبير، من جانبه أمن د. حسن رزق نائب رئيس حركة الإصلاح الآن على حديث الدقير، وقال إن مجئ المبعوث الأمريكي دونالد بوث إلى الخرطوم إنما يهدف للضغط على الحكومة والمعارضة على أساس أن يوقعوا على اتفاق النار والإغاثة، وأضاف رزق في حديث “للصيحة” أنه من الغالب أن ترضخ الحكومة وتوافق على أن تكون نسبة الـ20% من الإغاثة قادمة من أصوصة بإثيوبيا مع مراقبة ثلاثية من حكومة إثيوبيا والسودان والحركة وهذا ما رفضته في السابق، وأكد رزق أن الإدارة الأمريكية أن لم تحل المشكلة كلها فإنها تريد أن تحل الأجزاء الرئيسية قبل مغادرة أوباما من منصبه حتى شهر يناير القادم، بحيث يكون موجودا حتى بعد انتخاب رئيس دولة جديدة بحيث لا يحق له اتخاذ قرارات مصيرية، وقال رزق، وقضية السودان ليست قضية مصيرية بالنسبة لواشنطون.
نقاط الخلاف
وتتمثل أبرز نقاط الخلاف منذ بدء المفاوضات حول التعديلات التي دعت لها الحكومة في الاتفاق الإطاري، وهو ما اعتبرته الحركة الشعبية بالعودة بالتفاوض إلى نقطة الصفر. حيث قالت الحركة الشعبية آنذاك إن خارطة الطريق أكدت أن الاتفاق الإطاري الذي تم توقيعه سابقا هو مرجعية للتفاوض، بعد ذلك تجاوز الطرفان هذه الخلافات التي انحصرت وقف العدائيات وتحديد مسارات لدخول المساعدات الإنسانية، حيث تطلب الحكومة أولا تحديد مواقع قوات الحركة الشعبية التي رفضت الأمر، ثم دخول الإغاثات بنسبة 10% من الأراضي السودانية، إلا أن الحركة رفضت ذلك وقالت إنها تريد أن تكون هناك نسبة 20% من إثيوبيا وكينيا، فرفضت الحكومة، هذا من جانب ومن جانب آخر تتمثل خلافات الحكومة وحركات دارفور، فيما قاله أمين حسن عمر، عضو الوفد الحكومي للتفاوض حيث أكد أن حركتي العدل والمساواة وتحرير السودان تراجعتا بشأن القضايا المتفق عليها وأثارت 15 نقطة خلافية جديدة بدلا عن نقاط الخلاف الخمس المعروفة، الأمر الذي رفضته حركات دارفور وقالت على لسان أركو مناوي، إن الحكومة تتحمل مسؤولية التأجيل وفشل الجولة بعد أن رفضت تقديم تنازلات مما أجبر الوساطة على تأجيل مسار دارفور إلى أجل غير مُسمَّى..

الصيحة