تحقيقات وتقارير

(دقوا الحكم) .. قضاة الملاعب في خطر !!


أمين حزينة حكام كرة القدم بالسودان
يُخرج الهواء الساخن: الحكام بشر عاديون مثلهم والآخرين معرضون للخطأ

الإعلام الرياضي هو السبب الرئيس في مشاكل الحكام

الهجوم والنقد في الصحف وبرامج تحليل المباريات يسبب ضغطاً على قضاة الملاعب
انتشرت ظاهرة الهجوم على الحكام التي وصلت مرحلة التعدي عليهم بالضرب في الآونة الأخيرة مايشكل خطراً بالغاً على مستقبل اللعبة الشعبية الأولى في السودان من واقع عدم تفهم البعض أن الحكام (بشر) معرضون للخطأ وأحد أهم العناصر في كرة القدم, فكيف السبيل لحل هذه المعضلة؟.

الحكام هم المشرفون على الفعالية الرياضية، ولهم كامل الحرية في اتخاذ قرارات وتطبيق القوانين وإعلان النتيجة، ويكون الحكم هو القاضي داخل المستطيل الأخضر طالما أن اللعبة تقوم على قواعد و قوانين معروفة.

هناك أربعة حكام أساسيين في كرة القدم يتقدمهم حكم الساحة وهو صاحب القرار الأخير، أما حكما “حكم مساعد (كرة قدم) الراية الأول والثاني اللذان يكونان على خط التماس وزاوية المرمى على جانبي الملعب تكون وظيفتهما إقرار التسلل والضربة المخالفات القريبة وفك الاشتباك بين اللاعبين إن تطلَّب الأمر.و تكون وظيفة الحكم الرابع (كرة قدم) الحكم الرابع رفع اللوحة الإلكترونية لإعلان أرقام اللاعبين الذين يتم استبدالهم والوقت الضائع كما يمكن أن يقوم الحكم الأول أو حكم الساحة باستشارته كونه يراقب الملعب من جميع الجهات فضلاً عن متابعته تصرفات الأجهزة الفنية لكلا الفريقين.

ظاهرة الإرهاب والضغط على الحكام
حول هذه الظاهرة يتحدث الحكم الدولى المتقاعد وأمين خزينة لجنة الحكام المركزية باتحاد كرة القدم أحمد النجوم بصفته عمل في مجال التحكيم لفترة 24 عاماً، قبل اعتزاله في 9سبتمبر من عام 2010، وقال: كان من الممكن أن أواصل حتى عام 2013، ولكنني آثرت إتاحة الفرصة لحكم آخر شاب يستمر في السنوات المتبقية وتقدمت بقرار الاعتزال بقرار شخصي، ووصف النجومي ظاهرة الاعتداء على الحكام بالدخيلة على الوسط الرياضي السوداني، وأضاف: إن الوسط الرياضي معروف بالتسامح وخلق العلاقات والتواصل قوية.

وقال أنه يخشى أن تستفحل ظارهة الاعتداء على حكام كرة القدم ويتمنى أن يسود الأخاء هذا الوسط، مشيراً إلى دوره في إذابة الخلافات بين الدول، وأعرب عن أمله في أن لا تكون الرياضة السودانية سبباً في التفرقة والشتات، وقال: في الفترة الأخيرة ظل الإعلام الرياضي يشن حملات شرسة على الحكام وهذا نتاج بسبب السباق المحموم بين طرفي القمة الهلال والمريخ، حيث يبذل كل طرف أقصى جهد ممكن لتبخيس إنجازات الطرف الآخر حتى وإن كان الحكم هو كبش الفداء، واعتبر النجومي الإعلام الرياضي هو الجهة المنطوط بها تقويم أي إعوجاج أو تصرف مشين، وقال: مع الأسف اتضح مؤخراً أن الإعلام الرياضي يحتاج لمن يقوِّمه وليس أن يصبح هو المقوم، باستثناء بعض الكتاب الذين هم على مستوى المسؤولية والاحترام ويؤدون واجباتهم على نسق عالٍ من المهنية والمصداقية، ونتمنى من البقية أن تسير على نفس الوتيرة لنرتقي بالأداء الكروي في هذا البلد ونصل لمصاف الدول المتطورة.
تحليل المباريات سلبيات وإيجابيات
يرى النجومي مسألة تحليل أداء الحكام بالفضائيات السودانية عبر التحليل التلفزيوني له فوائد تثقيفية للاعبين والمدربين وللإداريين وحتى المشجعين وأبان: عرض حالات الأخطاء عبر الشاشات يعد من العناصر المهمة بالنسبة للحكام لمراجعة ما قدموه خلال المباريات وتجنب الأخطاء التي سقطوا فيها في مقبل المرات، وهو أيضاً فرصة لرفع مستوى الثقافة التحكيمية للكل المتابعين.

ولكن تبقى الإشكالات في طريقة التحليل والشخصية التي يتم استضافتها لتقييم مستوى الحكام، في تقديري من يتحدث عن هذا الملف يجب أن يكون ملماً بالقوانين ومحايداً، وعليه أن يكون أكثر العارفين أن الحكام بشر ولا يمكن لحكم أن يدير مباراة من 90 دقيقة هل يعقل الـ90 دقيقة بدون أخطاء، وحتى إن تحدث المحلل عن بعض حالات ركلات الجزاء مثلاً يجب أن يثبت وجهة نظره بالطريقة العلمية وشرح الحالات التي يمكن للحكم أن يتخذ فيها القرار، لإقناع المشاهد والارتقاء بمستوى الحكام في قانون الرياضة والكتاب الذين يعتمدون على هذا التحليل في مختلف الزوايا.

تأهيل الحكام
أفاد النجومي أن السودان يحظى بحكام خبراء داخل للجنة التحكيم يمكنهم أن يقيِّموا أداء من يديرون جميع المباريات في مختلف المنافسات المحلية، كما أن الحكام الذين يتم اختيارهم لإدارة المباريات يخضعون لتأهيل مسبق ومحاضرات واختبارات، وأشار إلى اجتماعات للجنة الحكام الدورية ومحاسبتها للمقصرين وتحفيز المتميزين ومراجعة مستوياتهم بعيداً عن الإعلام.

العائد المادي للحكام
علق النجومي على عائد الحكام المادي لإدارة المباريات التنافسية في السودان واعتبره ضعيف جداً مقارنة بالدوريات في البلدان الأخرى، وقال: قبل أن اعتزل التحكيم كان نصيب الحكم من المبارات التي يديرها 50 جنهياً، واعتقد بأنه لم يتغيَّر حتى اليوم في المباريات دون القمة..ولكن في لقاءت الهلال والمريخ يتقاضى الحكام 3000 جنيه، وهو أيضاً لا يمثل طموحات للجنة التحكيم.

إنجازات الحكام
اعتبر الخبير النجومي مشاركات الحكام السودانيين في المباريات الدولية على مستوى القارة مشرِّفة، وقال: لدينا العديد من الحكام الذين تم اختيارهم لإدارة مباريات أفريقية من بينهم: (معتز عبد الباسط، ومحمد نيالا، والمعز شطة، وديدي الفاتح، ووليد محمد أحمد)، وقدموا مستويات جيدة ولا زالت المشاركات مستمرة، ولا نستبعد أن يكون لدينا دور في مباريات كأس العالم 2018م في روسيا.
وكشف أن السودان اليوم يحظى بـ (27) حكماً دولياً منهم 7 حكام ساحة و8 مساعدين و4 حكام صالات و4 حكام كرة شاطئية ومثلهم من الحكمات، وهو عدد جيد مقارنة بفترة ما قبل عمله في للجنة التحكيم، حيث كانت جملة الحكام في تلك الفترة 10 (5 في الساحة ومثلهم مساعدين)، ولفت إلى أن الحكام في السودان تمكنوا من إدارة 26 مباراة في مختلف المنافسات الأفريقية.
وأفاد خبير التحكيم المتقاعد أن أداء الحكام يتأثر بالنقد غير المبرر، مؤكداً أن الأخطاء التي يسقطون فيها لا تعني نهاية الدنيا، وقال: ليس هناك بشر لا يخطئ، ومن خلال متابعتي للمباريات في المنافسات المحلية تبيَّن لي أن الفريق الخاسر قبل أن يقف على الجوانب الفنية يرمى باللوم على حكم المباراة ويحمله المسؤولية كاملة، في حين لا يكون هناك أي حديث عن أخطاء فردية من اللاعبين أو الأجهزة الفنية أو حتى الإداريين، وأضاف: أخطاء الحكام ليست حصرية على الدوري السوداني والمتتبع للمباريات المفصلية في مختلف التصفيات والنهائيات يلحظ ارتكاب الحكام لأخطاء تؤثر على النتائح بصورة مباشرة، ولكن الطرف المتضرر يتفهم الوضع ولا يثور ولا يرمي باللوم فقط على قاضي الجولة، أتمنى أن يسود هذا الفهم في الأندية السودانية والإعلام للمساهمة في تطوير اللعبة، وأبان: إدارات الأندية والأجهزة الفنية مطالبة بالتحلي بالروح الرياضي والتعامل مع الأمور بعقلانية، جميع الحكام الذين تولى إليهم مهمة إدارة المباريات مؤهلون تماماً ويتحلون بالنزاهة والشفافية وليس من بينهم ضعيف نفس، هم فقط في حاجة إلى مزيد من الثقة ليكونوا في الموعد دائماً، والإعلام في تقديري هو العامل الأهم لنشر هذا الفهم، أتمنى أن تسير الأمور بالصورة الأمثل ويجب أن يتكاتف الجميع من أجل تطوير مستوى التحكيم في السودان.

الخرطوم : بدر الدين الباشا
صحيفة التيار