تحقيقات وتقارير

الزلزال.. حلقة خاصة.. اتضح لإدارة الأمن الاقتصادي أن من رمى تلك الأدوية في قارعة الطريق مخالفاً القانون هو “علي وداعة الله”.. والاسم يدفعنا إلى العودة لتفاصيل سابقة


بعد أن بلغت عشراً -وليس ست كما يزعم البعض- توقفت حلقات (الزلزال)، التحقيق الاستقصائي الذي سعى بكل طاقته المهنية لإثبات وجود تضارب في المصالح بين وزارة الصحة ولاية الخرطوم وجامعة العلوم الطبية والتكنولوجيا التي يمتلكها الدكتور مأمون حميدة (وزير الصحة بولاية الخرطوم). ومن خلال الحلقات أثبتت الصحيفة صحة كل ما أوردته فيه، ودعمت نشرها بمستندات سليمة لا يتطرق إليها الشك، ولا يمكن الطعن فيها بالتزوير. وقد قررنا أن نعود اليوم بحلقة خاصة؛ أطرافها إدارة الأمن الاقتصادي بجهاز المخابرات والأمن الوطني، والجمعية الطبية الإسلامية، و إدارة المؤسسات الصيدلانية العامة، ومستشفى الزيتونة المملوك للوزير، ومستشفى الأذن والحنجرة. والوقائع المنشورة في هذه الحلقة لا تقبل النفي، ولا يمكن إنكارها، ولو استخدمت فيها لتلك المهمة مساحيق الدنيا المجملة والمبيضة، لأنها مسنودة بالمستندات، كعادة كل المعلومات التي وردت من قبل في الزلزال.

الأمن الاقتصادي.. محض صدفة
الواقعة التي نحن بصددها، حدثت في وسط الخرطوم، وبالتحديد خلف مباني مستشفى الزيتونة التي تمثل أحد أبرز استثمارات البروفيسور مأمون حميدة، وبجوار مباني إدارة الأمن الاقتصادي، بشارع (21) أكتوبر في الخرطوم، وتاريخ حدوثها نهاية عام 2014. وما جرى إجمالا في ذلك اليوم أن أحدهم بادر برمي كمية من الأدوية منتهية الصلاحية في قارعة الطريق، وتم العثور عليها بواسطة أفراد من إدارة الأمن الاقتصادي التي بادرت بالتقصي والتحقيق في هوية الجهة التي تخلصت من تلك الأدوية بطريقة عشوائية، خاصةً وأن للأدوية قانونا ينظم النهج المتبع في التخلص من التالف، وبحمد الله أفلح الأمن الاقتصادي في الوصول إلى خيط مهم، قاده إلى كشف ملابسات الواقعة المذكورة.

ديباجات على الكراتين
الخيط الأول تعلق بديباجات موضوعة بالكراتين، وكان اسم “مستشفى الزيتونة” مطبوعاً عليها، ولذلك بادر المحققون في التوجه إلى المستشفى المذكور، وتتابعت خطوات التحقيق حتى تمكن من تحديد الفاعل، الذي يسجل اعترافا موثقاً بخط اليد.
اتضح لإدارة الأمن الاقتصادي أن من رمى تلك الأدوية في قارعة الطريق، مخالفاً القانون، ومعرضاً الصحة العامة للخطر هو علي وداعة الله، والاسم يدفعنا إلى العودة لتفاصيل حلقات سابقة من تحقيق (الزلزال).

التميز.. البان جديد وآخرون
في الحلقة الرابعة من حلقات الزلزال، فتحنا ملف صيدلية مستشفى التميز للطوارئ، الذي تم تشييده من المال العام بالكامل. يقع (التميز) ضمن مساحة المستشفى الأكاديمي، الذي تديره جامعة العلوم الطبية والتكنولوجيا (المعروفة بجامعة مأمون حميدة)، وقد أوردنا وقتها أن إدارة المستشفى الأكاديمي، قامت -دون الرجوع للوزارة- باستئجار صيدلية التميز لمستثمر، ووقعت معه عقداً يشترط عليه أن يبادر بتجهيز الصيدلية وتشغيلها لصالح إدارة المستشفى، دون أن تحصل على إذن أو موافقة من الوزارة، وعندما انكشف الأمر، استدركته إدارة المستشفى، وخاطبت الوزارة كي تسمح لها بأن تؤسس صيدلية في مباني التميز الجديدة، وتم رفض الطلب، وأمرت الوزارة بأن تؤول الصيدلية لإدارة الدواء الدائري، لكن الأمر لم ينته عند ذلك الحد، لأن المستأجر كان قد شرع فعليا في تأسيس الصيدلية، بحسب اتفاقه مع إدارة المستشفى، وعندما ذهبت إدارة الدواء الدائري لاستلام الصيدلية، كان عليها معالجة مشكلة المستثمر أولا، وبالفعل تم تكوين لجنة من إدارة الدواء الدائري، كان من بين مهامها استعادة الصيدلية من إدارة المستشفى الأكاديمي وتصحيح الإجراء الخاطئ الذي تعاملت به إدارة المستشفى (التابعة لجامعة مأمون حميدة) مع المستثمر، وتم حصر المبالغ التي تكبدها وسددت له من المال العام.
المستثمر المذكور هو د. علي وداعة الله، ذات الشخص الذي قام برمي الأدوية منتهية الصلاحية أمام مباني الأمن الاقتصادي، خلف مستشفى الزيتونة.. لم تنتهي القصة بعد.
البان جديد.. علي وهويدا
المذكور أعلاه هو ذاته علي وداعة الله الذي اكتشفت الدكتورة هويدا، المديرة السابقة لمستشفى البان جديد (في الحاج يوسف) أنه يستأجر صيدلية تتبع للمستشفى المذكور بمبلغ ألف وخمسمائة جنيه شهرياً، فقررت إخلاء الصيدلية فورا والاستفادة من موقعها، وخاصة أن المستشفى به صيدلية طوارىء وأخرى تتبع للدواء الدائري، ولا حاجة لها بصيدلية تجارية أخرى، فواجهت عاصفة من الغضب، بسبب قرارها المتعلق بالصيدلية المذكورة في شأن الصيدلية المستأجرة من قبل نفس الشخص؛ من رمى الأدوية في قارعة الطريق، وحمل بعضها ديباجات تشير إلى أنها تتبع لمستشفى الزيتونة، مما يدل على علاقة من رماها بالمستشفى المملوك للوزير.. لن تنتهي الحكاية هنا.. دعونا نسترسل.

الأمن يضبط.. الصحة تحقق
عندما تأكد الفريق المكلف بالتحقيق في الواقعة المتعلقة بالأدوية من علاقة الدكتور علي وداعة الله بها طلب منه تدوين اعتراف يقر فيه بمسؤوليته عن تلك الفعلة ففعل، وتمت إحالته إلى وزارة الصحة بولاية الخرطوم للتحقيق معه، الإقرار وتفاصيل التحقيقات منشورة في هذه الصفحة، وفيهما ورد ما يلي:
إقرار
“أقر أنا علي وداعة الله علي محمد، طبيب صيدلاني، بصيدلية مستشفى الأذن والحنجرة، أقر بأنني ألقيت الأصناف الدوائية المدرجة أدناه، جوار مبنى الدائرة الاقتصادية وقرب مستشفى الزيتونة، الأدوية منتهية الصلاحية”.

الأمر الأول الذي يجب الانتباه له، أن قائمة الأدوية التي أقر بها علي بعضها يعود تاريخ انتهاء صلاحيتها إلى أكثر من عام، حيث تم اكتشاف الواقعة في يوم 4/11/2014، هنالك دواء انتهت صلاحيته منذ شهر 10/2013، وآخر في أغسطس من 2013، وآخر ديسمبر 2013، وبعضها ينتهي في مطلع 2016.
الملاحظة المهمة الثانية التي أقر بها علي هي أنه طبيب صيدلاني، يعمل في مستشفى الأذن والحنجرة، وحديثه يشير إلى أن تلك الأدوية تتبع لصيدلية الأذن والحنجرة، ولا تتبع لمستشفى الوزير المسؤول عن صحة الناس في الخرطوم، والكل يعلم المسافة الفاصلة بين مستشفى الأذن والحنجرة الذي يقع في شارع القصر قبالة كلية الصيدلة، ومستشفى الزيتونة، الواقع بالقرب من إدارة الأمن الاقتصادي.
تحقيق وزارة الصحة
إدارة الأمن الاقتصادي لم تكتف بالإقرار الذي خطه علي وداعة الله، بل أحالت الأمر لوزارة الصحة للتحقيق في الواقعة، وتولت الدكتورة عفاف والدكتور مجدي، من إدارة المؤسسات الصيدلية الخاصة التحقيق، وفي 17/11/2014، رفع التقرير لمدير الإدارة العامة للصيدلة، وجاء فيه الآتي :

الاسم: علي وداعة الله علي محمد
المهنة: طبيب بشري، مؤجر للصيدلية الداخلية لمستشفى الأذن والحنجرة، (ممثل للجمعية الطبية الإسلامية). وخلال التحقيق، أكد أنه من قام برميها في القمامة، واعترف بالخطأ، وأنه سوف يتحمل نتائج ذلك الخطأ، ولكن أهم من ذلك أقر بأن الأدوية تتبع لمستشفى الزيتونة ومن بينها ما يتبع للأذن والأنف والحنجرة، وهو من كتب على الكراتين اسم “الزيتونة”.

الملاحظة الأولى التي لا تمر على أحد، أن علي في إقرار الأمن الاقتصادي أفاد بأنه طبيب صيدلاني، وهذا ما خطه بيده، غير أنه في تحقيق الصحة قال إنه طبيب بشري.
الملاحظة الثانية تتمثل في إقراره بأن الأدوية تتبع لمستشفى الزيتونة الذي يملكه الوزير، غير أنه من كتب اسم الزيتونة على الكراتين، وذلك يدل على أنه على صلة بصيدلية مستشفى الزيتونة نفسه، و إلا لما تمكن من الحصول على أدوية منها، ولما بادر بالتخلص من الأدوية منتهية الصلاحية في المستشفى المذكور.

الأخطر ما ورد في ملاحظات لجنة التحقيق، وجاء تحت ملاحظات:
* المدعو علي وداعة الله رغم إفادته بأنه طبيب بشري، إلا أنه ليس لديه تسجيل دائم بالمجلس الطبي
* خطاب تفويضه كمدير لصيدليات الجمعية الطبية الإسلامية بتاريخ 27/6/2013
أي، أن علي لا يعلم أحد إن كان صيدليا أم طبيبا، وفي الثانية تأكد من خلال التحقيق، أنه غير مسجل في المجلس الطبي، رغم ذلك فهو مدير لصيدلية الجمعية الطبية الإسلامية.

الجمعية الإسلامية.. مأمون وعلي
صلة البروف مأمون حميدة بالجمعية الطبية الإسلامية معلومة لعدد كبير من العاملين في الحقل الطبي، لأنه كان رئيسا لها، وقد سبق لصحيفة الشرق الأوسط، أن أوردت خبراً في العام 2007، كتبه الزميل إمام محمد إمام رئيس التحرير السابق لصحيفة التغيير (المملوكة للوزير حميدة)، وأحد المنافحين عنه اليوم، ويشير إلى أن مأمون حميدة رئيس للجمعية الطبية، كشف عن توجهات الجمعية التي يترأسها، وأنها تستهدف ربط الطب وعلومه بالشريعة الإسلامية، بخلاف أنشطة أخرى يتعلق بعضها ببرنامج لمكافحة العمى، ما يهمنا هنا أن الدكتور علي وداعة الله ارتبط بعدد مقدر من الصيدليات، ومنها صيدلية مركز التميز للطوارئ، وصيدلية مستشفى البان جديد، وصيدلية مستشفى الزيتونة (التي تخلص من بعض أدويتها التالفة برميها أمام مبنى إدارة الأمن الاقتصادي) وصيدلية الجمعية الطبية الإسلامية، والمؤسسات المذكورة ترتبط بصلات لمؤسسات مملوكة لمأمون حميدة (مثل الزيتونة)، أو كان يتولى فيها مناصب مرموقة (مثل الجمعية الطبية الإسلامية)، أو استثمارات تخص مأمون حميدة (مثل المستشفى الأكاديمي) ومستشفى البان جديد، الذي كانت جامعة مأمون حميدة تديره بموجب عقد موقع مع وزارة الصحة.

ماذا جرى؟
المخالفة التي أقر مرتكبها بفعلها، وأشار إلى المؤسسة الطبية التي تقف خلفها، لم يسفر عنها أي شيء، ولم يُعاقب بسببها مستشفى الزيتونة المملوك للوزير، ولم نسمع بأي عقوبات طالت مرتكب المخالفة نفسه، لم يتم نشر المخالفة في الصحف ووسائل الإعلام كما جرت العادة في حق المستشفيات التي تضبط فيها مخالفات، ولم نعرف حتى اللحظة ما حدث بخصوص الإفادات المتضاربة التي صدرت من مرتكب الواقعة، مع أنه أفاد ذات مرة بأنه طبيب بشري، وأفاد مرة أخرى أنه طبيب صيدلي.

الخلاصة تفيد أن من أتى سلوكاً بعيداً عن المسؤولية، وارتكب مخالفة يصنفها القانون كجريمة، برميه مجموعة من الأدوية التالفة في قارعة الطريق ارتبط بمجموعة من العقود الخاصة بصيدليات ذات صلة بمؤسسات تتبع لمأمون حميدة، وتولى إدارة صيدليات ذات صلة بمستشفيات تشرف عليها مؤسسات تتبع لمأمون حميدة، وبصيدلية تقع داخل مستشفى الزيتونة المملوك لمأمون حميدة، ونحن نسأل: لو ارتكبت المخالفة المذكورة بواسطة أي فرد يتبع لأي مستشفى آخر، وتورطت في المخالفة مؤسسة طبية لا علاقة لها بالوزير المستثمر، هل كان التعامل معها سيتم بنفس النهج، وهل كان مرتكبها سيفلت من العقاب، وهل كان المستشفى المتورط حينها سيبقى بمعزل عن عقوبات الإغلاق التي طالت مستشفيات أخرى، منافسة لمستشفى الزيتونة الذي أثبتت التحريات أن بعض الأدوية المرمية في قارعة الطريق تحمل ديباجات تؤكد أنها تتبع لمستشفى يمتلكه الوزير المستثمر؟

الخرطوم – شوقي عبد العظيم
صحيفة اليوم التالي


‫5 تعليقات

  1. كل يوم اتأكد تماما ان بروفيسور مأمون حميدة مستهدف من الصحافة السودانية لأسباب لا أعلمها . يعني يا استاذ شوقي انت الان حشدت كل ما امكنك من عبارات مفخمة وتحقيق استقصائي غير قابل للنقض ومش عارف ايه لتقول ان دكتور مستأجر او يدير صيدلية تابعة لمستشفي الزيتونة تخلص من ادوية منتهية الصلاحية خلف أو خارج المستشفي ؟؟ يعني لو كان صرفها للمرضي كنت كتبت شنو ؟؟ وهل مامون حميدة مطالب بمراقبة الزيتونة علي مدار الساعة ؟؟ الزيتونة مستشفي له ادارة مستقلة لو في خطأ حاسبوها هي وليس الوزير . ولو الخطأ هو خطأ الدكتور المذكور كما اقر هو بذلك ما علاقة مامون حميدة به ؟؟؟ بالجد بديت اتعاطف مع بروف مامون حميدة واصبحت لدي قناعة تامة انه مستهدف . ربما ما بيدفع

  2. مقال ركيك ، لا لغة ولا ربط ، اهم ما فيه ان الغرض منه واضح فقد حددالصحفى كاتب المقال مسبقا وبشكل واضح هدفه وهو تاكيد فرضية فساد مامون حميدة التى يلوكها الناس بالحق ام بالباطل ، ولا توجد اى معلومة مهمة او مفيدة ….يعنى لف ودوران بالفاظ وتعليقات صحفى مبتدى يسبح بها فى اتجاه التيار العام….يا صحفى بلادى …وهم بالمناسبة كلهم عندى انصاف مواهب ….لسنا باغبياء او سذج واذا اردتم اقناعنا فكونوا مهنيين على الاقل …. حتى يسكت الفاسد ويذهب بغير رجعة

  3. الحمد لله مازال هناك صحفيون شرفاء
    الى الامام يا شوقي عين الله ترعاك
    راجل ود رجال وسوداني اصيل

  4. مقال شبه فاشل اه وفى نهايه الخلاصة يعنى مامون والصيدلى لبسو ملابس الظلام ورمو الأدوية خلصه يعنى هههههههههه ولاشنو ياخ احترام العقول التى تقراء

  5. مامون حميد وزير الصحة قام باعمال كثيره هي في مصلحة المواطن في المقام الأول ولكن هنالك بعض التجار أصحاب المصالح الخاصة يريدون التجارة في كل شيء حتى أرواح الناس وعندما لم يستطيعوا الاستفادة في عهد البروف مامون كونوا شبكة تحاول تصوير ما يقوم به البروف مامون بانة لمصلحته الشخصية وللعلم هؤلاء الناس هم كيزان ولهم نفوذ قوية والحاصل مع الدكتور مامون حميدة حاصل في جميع مناحي الحياه السودانية