تحقيقات وتقارير

العنف بين التلاميذ .. أول مدخل لعالم الجريمة


حذر خبراء تربويون وأمنيون من خطورة تفشي ظاهرة العنف بين التلاميذ والأطفال، داعين لتضافر الجهود بين المؤسسات التعليمية والاسرة ومكونات المجتمع لمحاصرة ظاهرة العنف بين الصغار، وعزا خبراء التربية الظاهرة الى جملة من الأسباب المتعلقة بالتفكك الأسري والتأثير السلبي لوسائط الاعلام والالعاب الالكترونية، فيما اكد خبراء امنيون أن غالبية مرتكبي جرائم العنف يعانون من اضطرابات نفسية واشكالات منذ طفولتهم لم ينتبه اليها اولياء امورهم حتى تفاقمت وصاروا مجرمين عنيفين.. (حوادث وقضايا) تناولت الظاهرة من داخل المدارس والتقت بالعديد من الأطراف.. معاً نتابع خلاصة ما توصلنا اليه. جولة داخل المدارس دخلت (حوادث وقضايا) في عدد من المدارس الحكومية والخاصة بالعاصمة مع التركيز على المدارس الطرفية، ومن داخل إحدى مدارس أمبدة الطرفية اثناء فسحة الفطور لاحظنا ان المدرسة تعمها فوضى عارمة، حيث يجري معظم التلاميذ خلف بعضهم بصورة ملفتة ويتبادلون الصراخ والسخط والشتم والسب والمشاجرات، جلسنا للاستاذة (أ. س) مديرة المدرسة التي افادت بأن هذا السلوك صار طبيعياً بين التلاميذ، وانها ترى فيه لعباً ومزاحاً اكثر من كونه عنفاً، وقالت انهم يتبعون اجراءات السلامة حيث لم تشهد المدرسة اية حادثة عنيفة تسببت في نقل احد التلاميذ لتلقي العلاج، واعتبرت ما يجري سلوك تسبب فيه فراغ اسري وعدم متابعة من اولياء الامور، ودعت الى تعزيز قيم التربية السليمة وربط المدارس والمناهج بالاسرة حتى يتعافى المجتمع، أما الاستاذة (أ. أ) فتقول إن هناك طلاباً يمارسون العنف دخل الفصل، ونقدم لهؤلاء الإرشاد حتى لا يقدموا على العنف فالتربية قبل التعليم، واشارت الى تأثر الاطفال ببرامج المصارعة الحرة والعاب البلي ستيشن وقنوات الكرتون التي تبث عنفاً مفرطاً مما يتطلب مراجعة هذا الامر من داخل الاسرة، اذ بالامكان ان تسبب هذه العوامل هزة نفسية لدى الاطفال الذين يتقمصون ادوار الشخصية العدوانية، وبالمقابل أقر الطفل (ياسر.أ) بأنه يشاهد قنوات الاطفال ويستمتع بحرب النجوم وابطال الديقتال وغيرهم من الشخصيات الكرتونية. عنف بين التلميذات توجهنا الى مدرسة اساس بنات باحدى محليات الخرطوم، ووجدنا الحال افضل من الأولاد، وعزت أستاذة هذا الهدوء النسبي لطبيعة البنات وسهولة تربيتهن والتعامل معهن، وقال: نادراً ما تحدث مشادات بين التلميذات، وهي حالات عادية، اما في احدى المدارس الطرفية فإن الوضع يختلف حيث أقرت معلمة بوجود عنف بين بعض التلميذات، وعززت ذلك لطبيعة البيئة التي اتين منها، اضافة الى الفقر واهمال الاسر الجوانب التربوية. وقالت إن الفراغ العاطفي للاسرة يولد الكره لدى الصغار، وبالتالي تتكون شخصية عدوانية وانانية، وبعض التلميذات قد يعانين من اضطرابات نفسية. تحذيرات تربوية خبيرة علم النفس التربوي الأستاذة فاطمة الجيلاني تحدثت قائلة: العنف عبارة عن مجموعة سلوك غير مقبول اجتماعياً يؤثر في النظام العام بالمدرسة، ويؤدي إلى نتائج سلبية ويؤثر في التحصيل الدراسي، وينقسم الى قسمين عنف مادي كالضرب والاعتداء والمشاجرة والتخريب وعنف معنوي كالسخرية والاستهزاء والشتم والعصيان، وهناك علاقة بين الغضب والعنف، فالعنف يحدث نتيجة للغضب ويمكن معالجته من خلال تقديم نصائح وإرشادات، ويحتاج الى خطط ومناهج. وقال إن الأدوار ينبغي أن تتكامل لايجاد مجتمع معافى. رؤية مستقبلية للإجرام خبير شرطي ومختص في علم النفس الجنائي قال إن معظم الجناة الذين تتم محاكمتهم في جرائم عنيفة دائماً ما نجد لهم خلفيات صاحبتهم منذ الصغر، وأشار الى ان سلوك معتادي الجرائم الاخرى تختلف عن سلوك معتادي جرائم العنف. وقال إن العنف سلوك موجه نحو إحداث أذى بالآخرين أو إلحاق الضرر بهم، أما الجريمة فهي سلوك يخالف القانون، يأخذ أحياناً طابعاً عنيفاً، وأحياناً أخرى قد لا يكون مصحوباً بعنف، وهناك عدة مصطلحات تمثل الجريمة، وأكثر هذه المصطلحات شيوعاً مصطلح الجريمة، والجريمة العنيفة، والجريمة المنظمة. وقال إن الأطفال الذين يتعرضون للعنف داخل او خارج الاسرة دائماً ما يكونون ضحايا الإجرام ويكونون أكثر عرضةً للانحراف والدخول في عالم الجريمة، لذلك نعتبر الاهتمام بالاطفال وتنشئتهم حلقة مهمة من حلقات مكافحة الجريمة وتضييق دوائر الدخول في عالمها.

الانتباهة