تحقيقات وتقارير

اتهام الدولة والإعلام بالتقصير الاعتداء على الأطباء.. البحث عن الأسباب الجوهرية


قضية متشابكة الأطراف بدأت كحالات فردية ثم تطورت حتى أصبحت ظاهرة وصلت إلى حد إطلاق النار على المعتدى عليهم وهم الأطباء وكانت الحادثة التي أغضبت الأطباء أيَّما غضب حادثة إطلاق النار من قبل نظامي على أحد الأطباء بمستشفى بحري سيما وأن القضية لم تغلق بحكم يشفي غليل الأطباء حتى الآن رغم مرور أكثر من عام على الحادثة. هذا غير الاعتداء على إحدى الطبيبات بمستشفى النو بالصفع على وجهها، وكذلك فإن الحادثة عمت ساحات المستشفيات والمنتديات إلى أن وقفت عند الجهات العدلية لتليها حادثة أخرى بمستشفى الخرطوم ثم بمستشفى النو. جميع تلك الحوادث جعلت من الأطباء يكظمون غيظهم إلا أنهم لم يتمكنوا من العفو وظلوا يلاحقون الجهات العدلية مطالبين بالقصاص إلا أن صمت الجهات العدلية وكأنه يمثل المقولة: (لا حياة لمن تنادي)!
اتهام بالتقصير
ظاهرة الاعتداء على الأطباء وراءها اتهام الأطباء بالتقصير والانصراف عن المريض في أوقات العمل بأشياء عدة منها المواقع الإسفرية والبعد عن التعامل مع المريض في الحوادث، ويعود الأطباء ويتهمون الدولة والإعلام بالتسبب في الظاهرة إذ أن الأولى عجزت عن توفير الأجهزة الطبية والمعينات إلى أن وصل العجز إلى عدم توفير أنابيب الأوكسجين الذي في الغالب الأعم يودي بحياة المريض إلا أن الدولة تتنصل عن مسؤولياتها وتدع الطبيب ليصبح هو المتهم الأول كما أن الأطباء يعتبرون الإعلام عدوهم اللدود الذي تسبب في فقدان الثقة بين المريض والطبيب، هذه المعادلة نوقشت لفترات عدة إلا أن كل أطرافها لم تصل إلى حل ووصل الأطباء حداً بالتهديد بالتوقف عن العمل وإشهار سلاح الإضراب للقضاء على الظاهرة، متهمين الدولة بالعجز عن حلها.
إشهار سلاح
الأطباء أكدوا في ندوة عقدت أمس لتدارس القضية بالنقابة العامة لمجلس المهن الطبية والصحية أن 90% من نسبة الاعتداء عليهم تتم من قبل محسوبين على جهات معروفة، وشددوا على ضرورة إشهار سلاح الإضراب، وقال الطبيب عصام عبد الباقي إن العالم أعلن عن 5 ملايين وظيفة خالية للأطباء وأكد أن أهم صادر للدولة هو الإنسان إذ أن أصغر اختصاصي يهاجر لا يقل راتبه عن 10 آلاف دولار وقد تصل إلى 20 ألف دولار إلا أنه أقر بوجود تقصير من الأطباء ووجود أخطاء طبية فى كل العالم.
غير مبرر
ممثل وزير العدل مولانا بدر الدين صالح اعتبر أن الاعتداء على الأطباء والكوادر الصحية مهما كانت الأسباب أمر غير مبرر شرعياً وقانونياً وأخلاقياً- على حد تعبيره- وكشف عن مبادرة لوزارته مع عدد من المحامين لوضع وثيقة تفرق بين الخطأ الطبي المدني والجنائي وشدد على أنه لا يوجد أي خطأ طبى جنائي، ونادى بضروة أن تكون المسؤولية التي تلي الطبيب قصرية من جانب المستشفى واتهم بعض وكلاء النيبات بأنهم غير قادرين على التفريق بين التابع والمتبوع في إشارة إلى الطبيب والمستشفى، معتبراً أن القضية مسؤولية مدنية يسأل عنها المستشفى وقال إن المسؤولية الجنائية نظرية ابتدعها بعض القانونيين تلافياً لعدم تعويض المؤسسات الصحية.
اتجاه للمراجعة
وأشار صالح إلى الاتجاه لمراجعة قانون الإجراءات الجنائية على أن يتم سحب المادة التي تدين الطبيب جنائياً، مفنداً العقوبات التي تقع على المعتدي على الطبيب سواء كان الاعتداء لفظياً أو جسدياً وأكد أن الظاهرة لها علاقة بالوضع الاقتصادي بالبلاد وقال إن الظاهرة أدت إلى هجرة الكوادر بالجملة، منوهاً إلى أن المتضرر عليه باللجوء إلى للقانون ووصف حادثة الاعتداء على الأطباء بالخط الأحمر، وطالب بفتح دعوى ضد الطبيب في حالة تقصيره مطالباً بالتأمين على كافة الأطباء فيما يخص الأخطاء الطبية من قبل اتحاد الأطباء.
تقصير وأخطاء
ممثل وزير العدل نفى بشدة أن يكون هناك تصور بأن يكون الطبيب متعمداً الوقوع في خطأ طبي مشدداً على أن الأخطاء الطبية من ضمن العوامل التي تؤدي إلى العنف الجسدي واللفظي وحمل الحكومة مسؤولية الأخطاء الطبية لافتقار المستشفى للآليات التي يمكن من خلالها التشخيص الطبي وإنقاذ المريض وتوفر أنابيب الأوكسجين وقال إن نظام التمريض المعمول به من الأسباب التي تؤدي إلى الوقوع في الأخطاء الطبيبة فضلاً عن التقصير في التدريس في الجامعات التي بها كليات طب.
تحرير منشور
من جانبه اعتبر الأمين العام لاتحاد نقابات السودان سر الختم الأمين أن الاعتداء على الأطباء فيه تجنٍّ على الكوادر الصحية، مطالباً بتحرير منشور يمنع اعتقال أي كادر في الحقل الصحي، منادياً بضروة مراعاة الظروف التي يعمل بها الأطباء وطالب الدولة بأن تضطلع بدورها، داعياً إلى تحرك حقيقي من الدولة وإجراء محاكمة عادلة.
من جانبه وصف ممثل اتحاد الصيادلة، عصام علي طه، الظاهرة بالخطيرة بحيث قللت من قدرة الأطباء والصيادلة على الأداء، مشيراً إلى أن ظاهرة تفتيش عربات الصيادلة بتهمة حملهم مخدرات في وقت يكون الصيدلي يحمل عقاراً طبياً، مستنكراً تجريمهم وإيقافهم عن العمل وحبسهم مع الموقوفين جنائياً إلى حين وصول عينة من المعمل تثبت أن العقار الذي يحمله الطبيب عقار طبي وليس بمخدر.

الصيحة