عالمية

لغز ترميم أثر عثماني فضح مؤسسة تديرها زوجة الأسد


التكيّة السليمانية، هي واحدة من أهم الآثار العثمانية في قلب العاصمة السورية دمشق، وسمّيت بذلك الاسم نسبة إلى السلطان العثماني سليمان القانوني. إلا أنها رغم ما تنطوي عليه من روعة معمارية ومدلول ديني إسلامي، سال عليها لعاب “الأمانة السورية للتنمية” التي تديرها أسماء الأخرس زوجة الأسد، وكاد الأمر يحدث وقيعة بينها ووزير سياحته، لما أحدثه الأمر من فضيحة تكشفت فصولها في وقت لاحق.
قلب النظام الحنون يفيض حزناً على المهن اليدوية

فقد كانت وزارة سياحة النظام، بصدد ترميم التكية السليمانية، على الرغم من كل ما يمكن أن يتسبب فيه هذا الترميم من مشاكل لأصحاب المحال التجارية الذين تعودوا على العمل فيها، ولم تكن التحسينات التي تستهدفها سياحة النظام إلا إضرارا بمصالحهم، خصوصا أن التكية لم تكن تحتاج، عمليا، إلى ترميم بالمعنى الآثاري للكلمة. إلا أن نظام الأسد وضع عنواناً لما سيفعله بالتكية السليمانية وهو “دعم الحرف اليدوية والتقليدية لحمايتها من الاندثار”!

وكي تتكشف ملامح اللغز في ترميم هذا الأثر التاريخي، فإن الحرف اليدوية التقليدية التي وضعها النظام عنواناً لتغييرات وهمية مزمعة بالتكية السليمانية، كون المحال التجارية للحرفيين تقع في الشارع الممتد الى جانب ذلك الأثر التاريخي، لم تكن تحتاج ترميماً لهذا الأثر، أو تحديثاً له، فضلا عن أن تجار دمشق العاملين بتلك المهن سيتضررون من المخطط الذي أعلن عنه رسمياً، وتمت طمأنة التجار بأن التعويض عليهم سيتم من خلال “تصدير منتجاتهم وتسويقها بشكل صحيح” كما قالت وزارة السياحة.
خطأ وزير السياحة بألف!

إلا أن وزير سياحة الأسد، وبعدما أعلن في مؤتمر صحافي عن المشروع، مؤكداً التعاون بإنجازه مع “الأمانة السورية للتنمية” التي ترأسها زوجة الأسد، وتتلقى تمويلات مالية طائلة من خلالها، يبدو أنه ارتكب “خطأً” كشف حقيقة الدور الذي تمارسه “الأمانة” التي تكون زوجة الأسد رئيستها منذ سنوات.

فقد تحدث وزير سياحة الأسد كما نقلت “الوطن” التابعة لنظامه، بتاريخ 18 من الشهر الماضي، عن أن إعادة ترميم التكية السليمانية، بالتنسيق مع “الأمانة السورية للتنمية” وأن هذا الترميم ستزيد تكلفته عن المليار ليرة سورية. وفهم من كلامه أن وزارته هي التي ستتكفل إعادة الترميم، وهنا بدأت خيوط اللغز بالتكشف، لقد أثار الأمر أزمة مع “الأمانة السورية للتنمية” لأن الإعلان عن أن وزارة السياحة وضعت حدود تكلفة إعادة ترميم التكية السليمانية، فهم منه أن حكومة الأسد ستدفعه من مصرفها المركزي، على عكس ما تريده “الأمانة السورية للتنمية” والتي عادة ماتتلقى تمويلات خاصة ضخمة ودولارية في مشاريع كهذه، فبدأ مسلسل التراجع.

تصحيح غلطة الوزير التي أحرجت مؤسسة الأسد

بعد ثلاثة أيام بالضبط، من غلطة وزير السياحة، وتحديدا بتاريخ 21 من الشهر الماضي، والتي تحدث فيها عن التكلفة التي يبدو أنها ما كان يجب أن تكشف للرأي العام لأسباب تتعلق بـ”مطّ” الميزانيات المقدمة للجهات الدولية الممولة، فقد قام الوزير نفسه، بسحب تصريحه، نافياً أن يكون قال حرفيا إن التكلفة تزيد عن المليار ليرة، مع إيحاء بأن حكومته ستقوم بدفع تكاليف هذا الترميم، فنشرت “الوطن” نفسها التي سبق ونشرت تصريحه المعاكس نافيا كل ما أورده هو على لسانه: “أكدت وزارة السياحة في بيان صحافي أن عددا من وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام تناقلت كلاماً مغلوطاً ومنزوعا من سياقه نسب لوزير السياحة المهندس بشر يازجي، حول دراسة ومشروع عمل لإعادة ترميم التكية السليمانية بتكاليف تفوق المليار ليرة”!

لن ندفع أموالاً على الترميم!

بل إن التصريح الصحافي الرسمي أعلن وعلى الملأ، أنه لن يدفع أموالا لإعادة ترميم التكية السليمانية: “تؤكد وزارة السياحة أنه ليس من أولويات عملها في هذه المرحلة الحرجة صرف مبلغ مماثل أو جزء منه على أعمال ترميمية”!

ولوحظ في هذا السياق أن “الأمانة السورية للتنمية” لم تصدر أي تعليق عن الأمر، على الرغم من أنها كانت الشريك الوحيد لوزارة السياحة بمشروع إعادة ترميم التكية السليمانية، إلا أن تصريح الوزير عن التكلفة، ثم تلميحه بأن حكومته ستقوم بالدفع، أحدث شرخاً مع “الأمانة” ذلك أن الأخيرة هي التي تتولى جلب تمويلات، من الأمم المتحدة وغيرها، تحت أسماء مشاريع كهذه. مما دفع الوزير الى سحب تصريحه الأول والانقلاب عليه والقول للرأي العام: نحن لن ندفع المبلغ، أو حتى جزءا منه. كما قال في بيانه. بل إنه زاد في الإيضاح، منعا للحرج، أن التكلفة التي قدرها بما يزيد عن المليار، هي مجرد كلفة تقديرية، لتسهيل طلب الزيادة على ما يبدو.
ثم تلاحقت الأخبار عن التمويلات التي تتلقاها الأمانة السورية للتنمية

يشار إلى أن عددا من وسائل الإعلام، كان تطرق الى القضية وقت وقوعها، بإشارة الى دور “الأمانة السورية للتنمية” التي ترأسها زوجة الأسد، إلا أن الأخبار التي تلاحقت حول التمويلات التي تتلقاها تلك المؤسسة، ومن الأمم المتحدة، طغت على الخبر الأول، وهو لغز ترميم الأثر التاريخي العثماني، الذي حل خيوطه تضارب تصريحات وزير سياحة الأسد، الذي تراجع عن التمويل، لإفساح المجال أمام “الأمانة السورية للتنمية” لجلب تمويلها بالآليات التي تتناسب وبرنامج عملها الذي ينطوي على مصالح أفراد بعينهم، وهو ما كشفته الأخبار التي راجت في الأيام الأخيرة عن قيام الأمم المتحدة بدفع أموال طائلة لمؤسسة ترأسها زوجة رئيس النظام السوري، ثم الكلام عن شبهات فساد بتلك التمويلات.

العربية نت