رأي ومقالات

وزير الإرشاد و(فرفرة) المذبوح !


لم يُوفق وزير الإرشاد والأوقاف في تصريحاته التي يدلي بها لوسائل الإعلام لتبرير قراره الأخير ، وحصرتُ له أكثر من (٥) تصريحات كلها متناقضة ومختلفة ولا توجد بينها قواسم مشتركة ، يخرج علينا الصباح بتصريح ويتراجع عنه في المساء ! كأنما هناك جهةً ما رسمت له طريقاً محدداً وألزمته بالسير فيه ، هذا الاضطراب وعدم الثبات والتخبط نتيجة حتمية لعشوائية القرار الذي أصدره وعجز عن الدفاع عنه لأنه مخالف للفطرة السويَّة .
وسيظل الوزير يدافع وينافح ويبرر صلاحية قراره بمنع العمل الدعوي في الأسواق والأماكن العامة ، بل ذهب لأكثر من ذلك وطالب بمنع قراءة القرآن وتعليم السنة بالأسواق وهذه لم يسبقه عليها حتى كفار قريش وصناديدها المشركون !.
آخر تصريح أدلى به الوزير لوسائل الإعلام كان عبارة عن تلخيص لما دار داخل أروقة القصر الجمهوري في اجتماع الساعتين ونصف ، الخميس الماضي ، والذي انعقد لمناقشة القرار الفطير ، وخرج علينا الوزير بكلام مشوش ومبهم وغير واضح وبه مراوغة وخلاف ما اتفق عليه المجتمعون !.
فشل الوزير في تقدير مصلحة الدعوة ، وفشل في إدارة حوار مع قيادات الدعاة والمرشدين والمجامع والهيئات الإسلامية المختلفة ، وفشل في إيجاد مساحة يقف عليها المسلمون جميعاً ، هذا الفشل والتعنت والإصرار على الفشل والخطأ ، كان دافعاً بأن تتدخل رئاسة الجمهورية بقيادة الأستاذ حسبو محمد عبد الرحمن نائب الرئيس وتجتمع بالوزير بحضور أهل الشأن من قيادات العمل الدعوي وجماعة أنصار السنة المحمدية ومجمع الفقه الإسلامي وهيئة علماء السودان والطرق الصوفية وخرج الاجتماع بطي القرار ، وفي هذا انتصار للسودان وتسامحه وحريته وللعزة وللدعوة وللخير وللمصلحين ، وبذلك قطعت الرئاسة قول كل خطيب .
أبرز ما خرج به الاجتماع هو طي ملف القرار وتكوين مجلس تنسيقي برئاسة نائب الرئيس ووضع ضوابط للحلقات بجانب إصدار ميثاق شرف بالتشاور وموافقة الأعضاء جميعاً .
لكن الوزير وكعادته تحدَّث للإعلام بكلام يخالف ما تم الاتفاق حوله ، وهذا عرَضٌ لمرض خطير يسعى صاحب القرار لنشره في مجتمعنا المتسامح ، بل وهاجم الوزير بعض القيادات التي عكست مادار حول الاجتماع واتهمها بتحريفها للكلام ومخرجات الاجتماع ! .
على الوزير أن لا يكون معبراً وبوقاً يهتف به الآخرون ! ، فإذا كان غير أمين في نقل ما دار داخل الاجتماع فهذه مصيبة وداء عضال ينافي قيم المصداقية والشفافية ومؤشر لسحب الثقة منه فلا يمكن لمثل من يتحلى بهذه الصفات أن يحمي شرف الدعوة والإرشاد وهو أول من يحتاج إلى الإرشاد .
وذكر الوزير بأن (181) بلاغاً جنائياً وردت من حلقات الوعظ الديني بالأسواق ؛ ثم ذكر في تصريح آخر تسبب الحلقات في مقتل وإصابة عدد (80) شخص ! .
لا أعلم من أين أتى الوزير بهذه الأرقام ، ومتى حدثت هذه الأحداث وأين ؟ وإن كان محقاً فيما يقول فعليه أن يقدَّم مستنداته للرأي العام ويترك هذا الأمر للشرطة ووزارة العدل فهي الجهة المختصة بحسم هذه الحوادث إن وجدت ، وأن يترك الفرفرة كالمذبوح ويتفرغ لما يصلح العباد والبلاد وأن لا يضيع وقته ووقت الدعاة في ما لا فائدة من ورائه .
لا أعلم لماذا لم يترك الوزير مهمة الدفاع عن القرار والتبرير الفطير له للمجلس الأعلى للدعوة أو وكيل الوزارة أو أي شخص اخر ، واستأسد بإصدار القرار والدفاع عنه في الصحف والإذاعات والفضائيات ولم نسمع أحداً من وزارته شاركه الدفاع ، وكأنه مؤشر يدل على تباين الآراء داخل الوزارة ومنسوبيها وربما رفضهم للقرار ولكنهم التزموا الصمت رغبةً أو رهبةً ، ولنتساءل : ماذا استفاد الوزير من القرار ؟ ولماذا كان حريصاً على الدفاع عنه بنفسه ؟ هذه حلقة مفقودة علينا أن نبحث عنها !!!
ألم يجد السِّيد وزير الإرشاد والأوقاف من المخالفات والانفلاتات التي تمتلئ بها ساحات العمل الدعوي إلا تجميد وإيقاف الوعظ الديني في الأسواق والأماكن العامة ؟ ألم ير الوزير القباب والأضرحة التي تُعبد من دون الله ويستغاث ويستعان بها جهاراً نهاراً ؟ ألم ير الوزير الدجالين والمشعوذين الذين يخدعون البسطاء ويأكلون أموالهم بالباطل ؟ ألم ير الوزير الذين يبيعون الرمل والتراب والتمائم في أبواب المقابر والمساجد والأسواق ؟ ألم ير الوزير ظاهرة انتشار مراكز العلاج بالرقية الشرعية والقرآن الكريم ومعظمها تلاعب وخداع وتجارة وبيع وشراء ؟ ألم ير الوزير بعض قاطني الأرياف والقرى الذين لايعرفون اسم رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم ؟ ألم ير الوزير الملحدين والعلمانيين الناشطين في تجنيد شباب المسلمين وإقناعهم بأن لا إله والحياة مادة ؟ ألم ير الوزير السكارى والحيارى وتجار ومروجي ومتعاطي المخدرات بأسمائها وأنواعها المتعددة ؟ ألم ير الوزير التبرج والتعري والانحلال في أزياء البنات والأولاد ؟ ألم ير الوزير الفضائيات والإعلام وطوامه وبرامجه المفخخة ؟ أم أن الوزير يريد أن يمكِّن للفساد والجهل والشرك والبدع والعلمانية البغيضة ، ويريد أن يكمم أفواه الدعاة والمصلحين ويقدم خدمةً جليلة للعلمانية وشياطين الإنس والجن .
ألم يقرأ الوزير عن قصص الأنبياء وقصة نوح عليه السلام الذي دعا قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً ، دعاهم في كل زمان ومكان ، دعاهم سراً وجهراً ، دعاهم ليلاً ونهارا ، قال تعالى : (قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (5)فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (6) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (7) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (8) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا (9) فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) .
ألا يعلم الوزير أن السودان بلد مترامي الأطراف ومعظم سكانه في الريف ونسبة التعليم والوعي والثقافة متدنية وضعيفة وانعكاسات هذا التدني

نُشر بصحيفة التيار عدد اليوم الخميس غرة سبتمبر ٢٠١٦م

*بقلم : عمر عبد السيد*


‫2 تعليقات

  1. أنا لا أدري ما الموضوع بتفاصيله لأن من العدل أن يسمع الإنسان للطرفين وليس لطرف واحد ، لكن على حسب ما قرأته هنا يبقا واجب عزله من هذا المنصب وإن كان فتانا فلا يعمل خطيبا ولا إماما في أي مسجد من المساجد ويتم إيقافه ويتم النشر بذلك لإعلام الناس بأنه ممنوع من الخطابة أيضا ، وهذا بعد عزله من منصب الوزير طالما اجتمعت هيئة العلماء في السودان وأنكروا عليه أخطاءه وهو يتعنت ويخالف ، فإن ( المخالفة ) من أسباب ( الهزيمة للدولة وللجيوش ) وهذا كان واضحا في ( غزوة أحد ) حين خالفوا المسلمين الرسول صلى الله عليه وسلم وتركوا ( الجبل ) إن لنا في الرسول والسيرة ( أسوة حسنة ) لنتعلم منها فاقتدوا بها واعملوا بها واتقوا الله عودوا إلى ( كتاب ربكم وسنة نبيكم ) وأسأل الله أن من قرأ رسالتي هذه من أهل الصلاح أن يدعو لي فإني في أشد الحاجة للدعاء ، وجزاكم الله خيرا .